تجربتي مع اكتئاب ما بعد الولادة

تجربتي مع اكتئاب ما بعد الولادة وكيف تمكنت من التغلب عليه؟ حيث يعد اكتئاب ما بعد الولادة هو واحدًا من أكثر أنواع الاكتئاب شيوعًا، بل وغرابةً أيضًا، حيث يندهش البعض من وجود أم ترفض صغيرها، لا تريد التعامل معه، ولا تريده عامةً، وسوف نذكر تجربتي مع اكتئاب ما بعد الولادة عبر موقع جربها.

تجربتي مع اكتئاب ما بعد الولادة

تجربتي مع اكتئاب ما بعد الولادة

أنجبت طفلي الأول منذ ثلاث سنوات، وقد عانيت عقب ولادته من أعراض مزاجية حادة ومضطربة، كنت أعجز عن فهم تفسير أو سبب هذه الاضطرابات لأسابيع طويلة، إلى أن سردت الأمر على صديقتي وأخبرتني أنه يكون اكتئاب ما بعد الولادة، وخاصةً أنه استمر لفترةٍ طويلة ولم يزول.

ومن هنا اقترحت عليّ فكرة التوجه لاستشاري نفسي لمراجعة الأمر معه، وقد تعرضت لعدة أنواع من العلاج منها ما هو دوائي، وآخر توجيهي إلى جانب مجموعات الدعم النفسي، حتى تخطيت المعضلة وكانت هذه تجربتي مع اكتئاب ما بعد الولادة الشخصية.

رغم عدم تقبل الكثير لفكرة اكتئاب ما بعد الولادة، إلا أنه عند مراجعة الكثير من الأمهات لأنفُسهن، يكتشفن مرورهنّ بهذا النوع من الاكتئاب، ولو لمجرد لحظة فحسب، في حين تعاني فئة أخرى من النساء من اكتئاب طويل المدى، قد يستمر لأشهرٍ طويلة، مع جهل تام بوجود ما يعرف باكتئاب ما بعد الولادة، أو معاناتهنّ من الاكتئاب بالأساس.

وتلاحظ النساء خلال هذا الاكتئاب عدد من المشاعر والأحاسيس المتخبطة، والتي يسيطر عليها انعدام الراحة، شدة تأثّرهم بأي موقف عابر بيومهم، حتى ولو كنّ من النوع الذي اعتاد على تخطي أيامهن بسلاسة وطبيعية، تغير الروتين اليومي الخاص بهم، اختلاق المشكلات من العدم والتوتر لأفعال لا تتطلب التوتر.

ورغم محاولاتهنّ المستميتة لتجاهل هذا، إلا إنهنّ يفشلن في تخطي هذا حتى يأتي أي المواقف أو الأحداث التي تكشف لهنّ السر وراء معاناتهنّ ويبدأن في خطوات العلاج الرئيسية.

تفتح عملية الولادة الباب لحياة جديدة بكافة أحداثها، يخرج طفلك للحياة، يصبح بإمكانك لمسه، مداعبته، تغذيته، والاهتمام به، الجميع من حولك يستقبل هذا بسعادة وفرحة بالغة، سواكِ أنتِ لا تفهمين سر ما تمرين به، رغم انقضاء الولادة على خير، إلا أنك غير قادرة على الخروج من الدوامة الخاصة باكتئاب ما بعد الإنجاب.

وهي إحدى صور الحزن التي تصيب كافة الأمهات حديثي الولادة، وتتراوح أعراضها بين الخفة والشدة من سيدة لأخرى، وهي إلى أحد ما أقرب للمزاجية معدومة السبب، فمثلًا تبكي الأم دون مبرر للبكاء، تشعر بالحساسية، التوتر، الحزن، انعدام التركيز، وعدم التمكن من النوم.

اقرأ أيضًا: مستلزمات الاطفال حديثي الولادة

أسباب اكتئاب بعد الولادة

ومن مسببات اكتئاب ما بعد الولادة ما يلي:

  • التغيرات الهرمونية التي يتعرض لها جسَد الأنثى عقب الولادة، حيث عادةً ما تنخفض معدل الهرمونات بصورةٍ سريعة وعشوائية، مقارنةً بتلك النسب العالية التي تستمر طوال أشهر الحمل.
  • كثرة الأعباء الساقطة على عاتق ومسؤولية الأم بعد الولادة من اهتمامات بالزوج، اهتمامات بالطفل، وحياة شخصية.

الجدير بالذكر أن الشعور بالاكتئاب مباشرةً عقب الإنجاب، هو أشد أنواع اكتئاب ما بعد الولادة حدة، إلا أنها أولى مراحله، وإذا حدث وامتدت هذه المرحلة لأسابيع أو أشهر، تصبح الأعراض أكثر قسوة، وتكون عبارة عن:

  • خمول وفقدان الشغف.
  • عدم الرغبة في العلاقة الحميمية.
  • تحقير الذات، جلدها، وشعور غير مبرر بالذنب.
  • اضطرابات النوم.
  • اضطرابات الطعام.
  • محاولة أذى الأم لذاتها ولجنينها.

ومن هنا لا يمكن تجاهل الاكتئاب أو التعامل معه بعادية كالسابق، فقد تم التأكد من كونه اكتئاب ما بعد الولادة وهو أمر طبي يستدعي التوجه للطبيب.

اقرأ أيضًا: متى تتم الولادة القيصرية في الشهر التاسع

طريقة تقليل أعراض اكتئاب ما بعد الولادة

عادةً تتراوح مدة اكتئاب بعد الولادة من عدة أيام وعدة أسابيع، وفي معظم الحالات تنتهي الأعراض وتزول بتلقائية دون الحاجة لأدوية أو علاجات، وبالرغم من ذلك فإنه يوجد عدد من الطرق التي من شأنها مساعدة السيدات بعد الولادة للتخلص من محنة الاكتئاب والتمكن من الخروج منها بأقل عدد من الخسائر والأضرار، ومن هذه الطرق:

  • التعبير عن مشاعرك وما تمرين به بكل صراحة مع أحد أفراد أسرتك، أو أصدقائك، أو أي من مواضع ثقتك.
  • احرصي على الالتزام بنظام غذائي صحي متّزن يتضمن كافة العناصر الغذائية الهامة لصحتك، وصحة طفلك كذلك، فأنتِ ما زلت مصدر تغذيته، ومن هذه العناصر الفيتامينات والبروتينات، مع الحد من النشويات البسيطة التي من شأنها زيادة تقلباتك المزاجية حدة.
  • تناولي عدد ساعات كافية من النوم والراحة بصورةٍ يومية.
  • قومي بالتزام نظام رياضي صحي بسيط وخفيف؛ وذلك لتحفيز خلايا جسمك على إنتاج أكبر قدر من هرمون الأندروفين، الذي يقوم بالتحكم في الراحة النفسية والفرح لديكِ.
  • قومي بتخصيص دفتر لتدوين يومياتك به، واحرصي على التحدث به مع ذاتك بمنتهى الصراحة وعبري فيه عن كافة مشاعرك.
  • خصصي وقت يومي لمغادرة المنزل لتَنفس بعض من الهواء النقي بعيدًا عن أجواء المنزل، حيث يساهم تغيير الجو في تحسين الحالة النفسية ولو بمعدل بسيط.
  • اطلبي مساعدة أقربائك في المهام المنزلية المختلفة من طهي الوجبات، وتقديم الرعاية لباقي أفراد أسرتك، حتى تسنح لك الفرصة بالشعور بفرحة قدوم جنينك، وحاولي تشتيت انتباهك عن أي ضغوط قد تعكر صفو مزاجك.
  • ضعي في حسبانك عدم مثالي وجودة الأمور، وخاصةً بأول بضعة أسابيع من الولادة، واحرصي على تقديم العناية الشخصية لذاتك وكل ما تحتاجيه للتأقلم، التعافي، والقدرة على تنظيم يومك ومهامك الجديدة، ويوم طفلك وعدد مرات الرضاعة الخاصة به.

الجدير بالذكر أن السيدات اللواتي لوحظت معاناتهن السابقة من شدة التقلبات المزاجية والإحباط، إلى جانب امتلاكهنّ لِسجل عائلي مرضي، تثبت الأبحاث والدراسات العملية كونهنّ الأكثر احتمالية للإصابة باكتئاب ما بعد الولادة، والأمر ذاته لكافة السيدات اللواتي يمتلكن حياة زوجية غير مريحة ومليئة بالعقبات والمشكلات، وكذلك كل أم ترزق بطفلٍ مريض أو به علة، أو أي سيدة لم تكن ترغب في الحصول على طفل؛ إلا أنه قد حدث.

مدة التخلص من اكتئاب ما بعد الولادة

من المتفق عليه أن أطول مدة لاكتئاب ما بعد الولادة هي 9 أشهر، وهم الأشهر التسعة التي تتبع استقبال الطفل في الحياة، إلى أن المشاعر غير الإيجابية السيئة التي تحيط قدوم هذا الطفل، ربما تؤثر حدتها بالسلب على قدرة الأم على الاعتناء بطفلها وذاتها.

من الضروري معرفة أن الاكتئاب ليس عيبًا أو وشمة عار، بل هو حالة مؤقتة يمكن لأي شخص أن يمر بها، ومعنى مرورك بها لا يعني كونك أم غير جيدة، ستكونين غير جيدة ومؤذية إذا قررتي عدم المحاولة لتجاوز هذا الاكتئاب ومعالجته إذا تطلب الأمر.

لذا ننصحك بالمبادرة بمصارحة من حولك بما تشعرين به من مشاعر مضطربة عقب الولادة، كما ننصحك بالتوجه لأخصائي نفسي إن تطلب الأمر لمساعدتك في اجتياز هذه الفترة، حتى تنعمي أنتِ وصغيرك بحياة إيجابية هادئة.

يقوم الطبيب بعقد جلسة أو أكثر للتمكن من تشخيص حالتك، ومن ثم تحديد أي طرق العلاج التي تتناسب معك، فربما تحتاجين للإرشاد النفسي والتوجيه، ربما تحتاجين للانضمام لمجموعات الدعم النفسي، وربما بعض أدوية الاكتئاب المؤقتة، والتي سريعًا ما تستغني عنها فور تحسنك.

نذكر كافة الأمهات مجددًا وأخيرًا، أن إحباط أو اكتئاب بعد الولادة من الأمور الطبيعية للغاية، والتي لا داعي للقلق بشأنها، فمعظم الأمهات عرضة له، إلا أنه لا يجب تجاهله أو التعامل معه بطريقةٍ خاطئة، بل احرصي على علاجه فور ملاحظته بصورةٍ صحيحة، وألّا تترددي أبدًا في طلب العون والمساعدة متى شعرت بالحاجة إلى هذا، فهذا بالتأكيد سينعكس عليك وعلى طفلك وأسرتك بالإيجاب.

وتعاني بعض السيدات عقب الولادة من تقلبات مزاجية قد تصل حد الاكتئاب، إلا أنه لا داعي للقلق بشأنها فهي قابلة للعلاج تلقائيًا أو بمساعدة أفراد الأسرة وأحد الاستشاريين النفسيين، وقد تحدثنا عن هذا باستفاضة خلال الأسطر السابقة.

اقرأ أيضًا: طرق تعجيل الولادة في الشهر التاسع
وبهذا نكون قد وفرنا لكم تجربتي مع اكتئاب ما بعد الولادة وللتعرف على المزيد من المعلومات يمكنكم ترك تعليق أسفل المقال وسوف نقوم بالإجابة عليكم في الحال.

قد يعجبك أيضًا