تجربتي مع ترك التمباك

تجربتي مع ترك التمباك جعلتني أدرك الكثير مما كنت أجهله في الفترات السابقة من حياتي، حيث ظللت سنين طويلة مُعتقد أنه مجرد تبغ مثل الموضوع داخل السجائر، لكنه كان خطر يهلكني تدريجيًا وينهي حياتي دون أن أعلم ذلك، فقد بدأ الأمر برمته بحديث صغير بيني وبين أصدقائي عندما سمعت هذا الاسم، ومنذ ذلك اليوم لا أتذكر أنني استطعت العيش بشكل طبيعي، ومن خلال موقع جربها اليوم سأسرد لكم تفاصيل تجربتي.

تجربتي مع ترك التمباك

في بداية الأمر كانت رغبتي في تجربة التمباك على سبيل التسلية والفضول، بدأت أبحث عنه وأتعرف على المعلومات المتعلقة به، حتى علمت أنه مجرد نوع من أنواع التبغ غير المدخن، والذي يتم وضعه بين الشفاه واللثة، حتى أن البعض يستخدمه من أجل الحفاظ على ريحة الفم، ولا أستطيع الإنكار أن أول مرة جربت فيها تناول التمباك شعرتُ بسعادة لم أشعُر بها طوال حياتي.

حتى أصبحت الجُرعات اليومية روتين يومي لا يُمكنني الاستغناء عنه، وبإيجاز شديد أدركت أنني قد وقعت في فخ الإدمان دون أن أشعُر بذلك، ومنذ هذا الوقت لم أستطع استعادة صحتي الجسدية والنفسية التي أهلكها الإدمان.

لذا من خلال السطور التالية سوف أقص عليك تجربتي مع ترك التمباك وكافة التفاصيل المتعلقة بمراحل إدمانه حتى تتعظ وتتجنب الوقوع في نفس هذا الفخ.

تجربتي مع أعراض تعاطي التمباك لأول مرة

كانت الأعراض التي شعرتُ بها في أول تجربة لي لتناول التمباك هي السبب الرئيسي في رغبتي الشديدة لإعادة التجربة مرة أخرى، وهي الأعراض التي أنصح أي مدمن بالابتعاد عما يدمنه فور ملاحظتها، لا أرغب في أن يخطئ شخص آخر نفس الخطأ الذي ارتكبته في حق نفسي عندما ظننتُ أنني أستطيع السيطرة على الأمور، حيث أتت تلك الأعراض على النحو التالي:

  • الشعور بالسعادة العارمة والراحة والنشوة.
  • عدم القُدرة على التركيز بشكل طبيعي.
  • نسيان الأمور التي يُمكن تذكُرها بسهولة تامة.
  • الشعور بالنعاس والإرهاق الشديد.
  • انخفاض ضغط الدم بشكل ملحوظ.

اقرأ أيضًا: أضرار المخدرات على المجتمع

تجربتي مع ترك التمباك في المنزل

عانيتُ حتى وصلت إلى مرحلة تجربتي مع ترك التمباك وواجهت الكثير من الصعاب في طريقي حتى أصبحت قادر على هذا القرار، ولن أكذب عليك أن كثيرًا ما كان يأتي في ذهني فكرة العودة مرة أخرى له، خاصةً أنني بدأت محاولاتي في تجنبه في المنزل، وهو الأمر الذي صعّب عليّ فكرة العلاج بسهولة.

نظرًا لأن البيئة المحيطة بي لم تساعدني على التحكم برغبتي الشديدة في الحصول على جرعة من التمباك بسرعة، كل مرة كنت أحاول فيها وأتجنب التفكير فيه وفي أعراضه التي شعرت بها أول مرة قُمت بتجربته كان أعراض الانسحاب تظهر عليّ.

لم أكن أمتلك القدر الكافي من العزيمة والإصرار الذي يساعدني على المقاومة لفترة أطول، لذا دائمًا ما كنت أُسرع إلى تناول جرعة أخرى منه، وهو ما جعل من محاولتي ترك التمباك في المنزل تجربة تبوء بالفشل في كل محاولة، حتى أدركت أنني لن أقدر على تنفيذ هذا القرار دون طلب المساعدة.

تجربتي مع أعراض الانسحاب للتمباك

كانت أعراض الانسحاب أهم جزء من تجربتي مع ترك التمباك، فهي المسبب الرئيسي الذي دائمًا ما كان يجعلني أعود مرة أخرى إلى جرعة التمباك لأتناولها سريعًا وأشعر بلذتها، وبالرغم من رغبتي الشديدة في العودة إلى حياتي الطبيعية مرة أخرى إلا أنني كنت أنسى كل هذه الأمور بمجرد ظهور أعراض الانسحاب عليّ.

فلا أفكر في شيء سوى كيفية الحصول على جرعة جديدة من التمباك في أسرع وقت ممكن، حيث أتت تلك الأعراض الحادة على النحو التالي:

  • الشعور بالتعب والإرهاق الشديد والإعياء العام.
  • عدم القدرة على النوم بسبب الأرق الحاد.
  • الانفعال على صغائر الأمور التي لا تستدعي أي قدر من العصبية.
  • سوء الحالة المزاجية والإصابة بالاكتئاب.
  • الشعور بالصداع والتعرض لالتهابات الحلق.
  • حدوث اضطرابات في معدل نبض القلب.
  • ارتفاع ضغط الدم بشكل ملحوظ.
  • الإصابة بتشنجات البطن، مع وجود رغبة في التقيؤ.
  • التعرض لمشكلات الجهاز التنفسي.
  • الشعور بالوخز الشديد في اليدين والقدمين.
  • الرغبة الشديدة في الحصول على جرعة كافية من التمباك.

لكن جدير بالمعرفة أن حدِة تلك الأعراض تختلف من حالة إلى أخرى، فأنا لم أقدر على تحملها سوى يومان كحد أقصى، وفي كثير من الأحيان لم أكُن أقدر على إكمالهما دون تناول جرعة جديدة وأكبر مما تسبقها من التِمباك، لذا لجأت إلى طبيب مختص لتخليصي من الآلام التي انتشرت في جسدي بسبب تلك الأعراض.

اقرأ أيضًا: أعراض الإدمان على المخدرات

تجربتي مع العلاج من إدمان التمباك في المستشفى

لم أستطع الاستمرار في تجربتي مع ترك التمباك في المنزل سوى يومين أو ثلاث أيام كحد أقصى، حيث كانت أعراض الانسحاب تبلغ ذروتها في هذا الوقت، لذا قررت أن أطلب المساعدة وأذهب إلى إحدى المستشفيات أو المصحات المتخصصة لعلاج الإدمان من التمباك، حتى مررت بالمراحل التالية أثناء رحلة العلاج والتي انتهت بي إلى التعافي التام:

أولًا: مرحلة التشخيص

رغم علمي بما سأشعُر به وأتعرض له من أعراض الانسحاب الحادة التي ستسبب لي الكثير من الآلام، إلا أنني لم أتردد لحظة بشأن ذهابي إلى المشفى لبدء تجربتي مع ترك التمباك والتعافي التام، حتى وصلت إلى المرحلة الأولى من برنامج العلاج وهي مرحلة التشخيص، وهي التي يقوم فيها الطبيب بتحديد مدى تدهور الحالة.

حيث يقوم بذلك من خلال إجراء العديد من الفحوصات الطبية المطلوبة، والتي تكشف عن الآثار الجسدية التي أحدثها الإدمان، والحالة الصحية التي وصلت إليها أعضاء الجسم المختلفة متأثرة بسموم المخدر بعد الاستمرار في الإدمان لفترة معينة من الوقت.

لذلك كانت هذه المرحلة أهم خطوة جعلتني أدرك أن هُناك أمل في التعافي التام من هذا المرض اللعين، وذلك نظرًا لأن الطبيب أخبرني أن هناك مُتسع من الوقت للتخلص من السموم.

ثانيًا: سحب السموم من الجسم

أتت تلك المرحلة لتخلصني من كافة السموم التي قد تجمعت داخل جسمي بسبب إدمان التمباك، وأجزم أنها المرحلة الأفضل بين مراحل العلاج، وذلك نظرًا لأنها كانت تخفف من شعوري بالآلام في كل منطقة من جسمي.

بالرغم من تعرضي لأعراض انسحاب حادة استطاعت أن تُغيِر رغبتي في الإقلاع عن الإدمان، لكن في هذا الوقت لم يكن أمامي خيار آخر، وهو ما كنت أرغب في إجبار نفسي عليه منذ البداية، لذلك فأنا لم أكن حزينًا بقدر ما سعدت بوصولي إلى تلك المرحلة.

ثالثًا: التأهيل السلوكي والنفسي

بعد أن استطاع الفريق العلاجي إخراج آثار التمباك المتواجد داخل جسمي بدأوا بتجهيزي لمرحلة التأهيل السلوكي والنفسي، وذلك من خلال جعلي أتعرض إلى الجلسات العلاجية الشاملة التي تضمن اقتلاع جذور الإدمان من داخلي، ولا شك أنه من أهم المراحل التي يجب أن يمُر بها المدمن في رحلة علاجه، والتي تميز العلاج المنزلي عن العلاج في المشفى.

حيث لن تتوفر له تلك المرحلة إذا كان يحاول التخلص من الإدمان في المنزل، ولا أستطيع إنكار فضل هذه المرحلة ومجهود الأطباء المختصين الذين قاموا ببذله من أجل جعلي أشعر بالحياة الطبيعية مرة أخرى، فاستطاعوا بشكل تدريجي أن يغيروا كافة الأفكار السلبية التي كانت مترسخة داخل عقلي لفترة طويلة من الوقت.

بالإضافة إلى بعض السلوكيات الخاطئة التي اكتسبتها من البيئة المحيطة حولي دون أن أشعر بذلك، وبعد أن كُنت أتجنب التعامل مع أي شخص حولي وهو الأمر الذي دفعني إلى العيش وحدي بعيدًا عن عائلتي.

ساعدتني هذه المرحلة بشكل كبير على استعادة قدرتي على التواصل مع الآخرين وأفراد المجتمع مرة أخرى، ومن ثم البدء في ممارسة حياة عملية واجتماعية طبيعية، ومنذ إتمام هذه المرحلة استطعت التخلي عن إدمان التمباك، حتى أنه تم السماح لي بالخروج من المشفى.

اقرأ أيضًا: مدة انسحاب المخدرات من الجسم

رابعًا: المتابعة الخارجية

بعد خروجي من مشفى علاج الإدمان وصلت إلى آخر مرحلة من البرنامج العلاجي للتعافي التام وهي المتابعة الخارجية، والتي حرص فيها فريق العلاج على أن يكونوا على تواصل دائم معي لتقديم الدعم والمساندة متى احتجت إليهم.

كما أنهم ساعدوني على عدم التعرض للانتكاسة كثيرًا من خلال عمل الاجتماعات والندوات على فترات مُتقاربة، والتي كنت أحضرها وأسمع فيها ما يجعلني قادر على إكمال مسيرتي في التعافي.

يبدأ الإدمان بمجرد الشعور بالفضول تجاه تجربة نوع معين من المواد المخدرة، ثم تنتهي حياة المدمن تدريجيًا دون أن يشعر، لذا احرص طوال الوقت ألا تسير وراء فضولك الذي حتمًا سيوصلك إلى طريق هلاكك.

قد يعجبك أيضًا