الحكم الشرعي للجماع بعد الولادة القيصرية

الحكم الشرعي للجماع بعد الولادة القيصرية يثير اهتمام النساء اللاتي خضعن للعمليات القيصرية، نظرًا لأن الأمر يحمل في طياته مخاوف دينية إن كان محرمًا ومخاوف أخرى صحية بشأن خطورته على جرح الولادة، لذا فإن ممارسة العلاقة الحميمية بعد فترة عملية الولادة القيصرية ينبغي التطرق إليها للتعرف على كل ما يتعلق بها من مدى تحريم ممارسة العلاقة الحميمة وأثرها على الصحة العامة، وهو ما سوف يقدمه موقع جربها في السطور القادمة.

الحكم الشرعي للجماع بعد الولادة القيصرية

اتفق فقهاء الشريعة الإسلامية في تحريم ممارسة العلاقة الجنسية في فترة الحيض، وقياسًا عليه بالاجتهاد تحريم الجماع بعد الولادة بشكل عام فقد كان الاتفاق على النفاس في مجمله، و ذلك من منطلق قول الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة الآية ٢٢٢:

وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ “.

مقصد الآية الكريمة يشير بوضوح إلى عدم جواز ممارسة العلاقة الحميمة بين الزوج والزوجة في فترة الحيض، وبالقياس تحريم العلاقة الحميمة في فترة النفاس أو ما بعد الولادة القيصرية.

فإن تطهرت المرأة واغتسلت جاز للزوج الجماع معها، وقد أشار فقهاء الشريعة الإسلامية بأن انقطاع الدم أو عدم خروجه هو دلالة على وجوب الغسل والطهارة فيما يتعلق بما بعد الولادة القيصرية.

يعد تفسير  المقصد السابق، حول عدم ظهور آثار للدماء بعد الولادة القيصرية للمرأة فإنها يجب عليها أن تغتسل وتتطهر وتقيم شعائر الله من حيث الصلاة والصيام وأداء الطاعات والعبادات، وعليه فيجوز الجماع.

في حالة جماع الزوج لزوجته بعد فترة النفاس أو الولادة وقبل أن تتطهر، أي أن هناك دماء تخرج من المرأة بعد فترة الولادة، فقد ارتكب اثمًا عظيمًا ولابد من أن يتوب إلى الله ويقلع عن ما فعله، وقد أقر فقهاء الشريعة الإسلامية بضرورة أداء الكفارة في هذه الحالة.

اقرأ أيضًا: عودة الرحم بعد الولادة القيصرية

مخاطر الجماع بعد الولادة القيصرية

بعد أن تطرقنا إلى الحكم الشرعي للجماع بعد الولادة القيصرية، ومدى تحريمه من قبل فقهاء الشريعة الإسلامية، فجدير بالذكر تسليط الضوء على الأخطار التي تنشأ عن ممارسة العلاقة الجنسية بعد الولادة القيصرية.

حيث ينصح الأطباء المتخصصين في مجال الجراحة للعمليات القيصرية، بعدم ممارسة العلاقة الجنسية إلا بعد مرور ستة أسابيع، نظرًا للتغيرات المختلفة التي تحدث لدى المرأة بعد الولادة من حيث التغيرات النفسية والعملية الجراحية، لذا فقد تحتاج إلى بعض الأسابيع حتى تستعيد قواها مرة أخرى، وتعد الفترة السابق ذكرها هي آمنة بشكل كافي على صحتها.

جدير بالذكر أن ممارسة العلاقة الجنسية قبل الفترة السابق ذكرها، أو في الأسابيع الأولى من إجراء عملية الولادة القيصرية، تتسبب في العديد من الآثار الجانبية على الصحة العامة للمرأة، نظرًا لأنها تتعرض في هذه الفترة لبعض الأعراض مثل: الإرهاق الشديد، عدم القدرة على الأنشطة الحركية أو ممارسة المهام اليومية، وفتور في العلاقة الجنسية.

في بعض الأحيان تحتاج المرأة لعملية جراحية أخرى بالمهبل بعد الولادة القيصرية حتى تتمكن من ممارسة العلاقة الجنسية.

اقرأ أيضًا: استمرار نزول الدم بعد الولادة بشهرين

أهم العوامل التي تشير إلى قابلية المرأة للعلاقة الجنسية

سبقت الإشارة إلى الحكم الشرعي للجماع بعد الولادة القيصرية، لذا فهناك بعض الدلالات في الصحة العامة لدى المرأة التي تشير إلى قابلية المرأة لممارسة العلاقة الجنسية بعد فترة إجراء عملية الولادة القيصرية وأنها شفيت من الجرح، والتي تتمثل فيما يلي:

  • انتهاء فترة التوتر والتقلبات المزاجية اللاحقة لعملية الولادة القيصرية.
  • التعافي من الآلام المصاحبة لعملية الولادة القيصرية.
  • عدم الشعور بالتعب والإرهاق بصورة كبيرة بالمقارنة بالوقت اللاحق مباشرة للولادة القيصرية.
  • الرغبة في ممارسة العلاقة الجنسية.
  • جفاف النزيف المهبلي.

الأمور المتفق على تحريمها  بعد الانتهاء من عملية الولادة

تعرفنا على أن انقطاع الدم بعد عملية الولادة القيصرية هو مؤشر لوجوب الغسل والطهارة، لكن هناك بعض الأمور التي تم تحريمها بعد الولادة بجانب الحكم الشرعي للجماع بعد الولادة القيصرية، وذلك في حالة استمرار نزول الدم، وتتمثل فيما يلي:

  • الصلاة: لا يمكن للمرأة أن تؤدي فريضة الصلاة بعد الولادة إلى أن ينتهي نزيف الدم وتتطهر.
  • الصيام: لا يجوز للنفساء تأدية فريضة الصيام في حالة أنها في شهر رمضان، ويجب عليها أن تقوم بالقضاء بعد التعافي، أما إن كان بخلاف الشهر الكريم فلا يجوز لها الصيام في الأيام القمرية أو الأيام التطوعية.
  • الجماع: اتفق فقهاء الشريعة الإسلامية على تحريم الجماع بين الزوج والزوجة بعد النفاس إلى أن تغتسل وتتطهر.
  • الطواف: نظرًا لأن الطواف من الأمور التي تتطلب الغسل والطهارة، فلا يمكن للمرأة النفساء أن تقوم بها، فضلًا عن إن الأمر بحاجة إلى بعض المجهود الشاق التي لا تتحمله المرأة في هذه الفترة.

جميع الأحكام السابقة قد اتفق عليها فقهاء الشريعة الإسلامية والأئمة الفقهية بتحريمها.

الأحكام المختلف على تحريمها بعد الولادة القيصرية

بعد أن تعرفنا على الحكم الشرعي للجماع بعد الولادة القيصرية، فهناك بعض الأحكام الشرعية التي تعد محل خلاف بين فقهاء الشريعة الإسلامية، فهناك من أجازها وهناك من حرمها، وهي تتمثل فيما يلي:

1ـ قراءة القرآن الكريم

أقر المذهب الحنفي والشافعي والحنبلي بتحريم قراءة القرآن الكريم للمرأة بعد الولادة أو ما تسمى فترة النفاس، أما المذهب المالكي فقد أجاز قراءة القرآن الكريم وتلاوته بشرط وجود حائل أي عدم ملامسة المصحف الشريف.

اقرأ أيضًا: نصائح بعد الولادة القيصرية

2ـ الذهاب إلى بيوت الله

يقصد بها زيارة المساجد، فقد اتجه فريق من الفقه إلى تحريم دخول المسجد من قبل المرأة النفساء، وذهب فريق آخر من الفقه إلى جواز الذهاب إلى بيوت الله أو دخول المساجد في حالات الضرورة والتي تتمثل في الخشية على النفس من البعد عن الله سبحانه وتعالى وأن المسجد هي وسيلة التقرب لله.

أيضًا أجاز الفقه المرور بالمسجد للنفساء في حالة أن الطريق إلى المنزل يقتضي المرور من خلال المسجد وليس هناك طريق آخر متاح لها.
الأحكام الشرعية هي أمور مُنزلة من الله عز وجل مُسلمًا بها، أي أنها أحكام لا تفاوض بها، لذا فينبغي تفحص وإدراك تلك الأحكام كاملة لعدم الوقوع في الكبائر والآثام.

قد يعجبك أيضًا