أحلام اليقظة هل هي مرض نفسي

أحلام اليقظة هل هي مرض نفسي؟ وما هي مخاطر هذه الأحلام؟ دائمًا ما يتم اعتبار الأشخاص الذين يُعانون من أحلام اليقظة بكونهم ذوي خيال واسع، وقُدرة عالية على الإبداع والتخيل، ولكن ما هو سببها؟ والسؤال الأهم المُتعلق بأحلام اليقظة هل هي مرض نفسي؟ يُجيبكم جربها عن كافة هذه التساؤلات.

أحلام اليقظة هل هي مرض نفسي

في حال ما كُنت تشعُر دائمًا بكونك تعيش في عالم افتراضي أو خيالي فأنت في الغالب تُعاني مما يُعرف بأحلام اليقظة، ويتم وصف هذه الحالة في علم النفس بكونها قُدرة العقل على التخيل المُفرط للأحداث، وعلى الرغم من كونه ظاهريًا أمرًا مشوقًا لأولئك الذين يُحبون العُزلة والوحدة إلا أنها قد تتسبب في مخاطر كبيرة لا يُحمد عُقاباها.

أحلام اليقظة تعزلك عن الواقع على الرغم من كون عقلك في حالة الوعي، مما قد يؤثر سلبًا بشكل كبير على كافة أنشطتك اليومية والحياتية، فيجعل أسهل الأشياء عقباتٍ لا يُمكن للمرء تخطيها والقيام بها كما جرت العادة.

على الرغم من كون الباحثين وعُلماء علم النفس لا زالوا يبحثون عن الأسباب الرئيسية والمعلومات العامة حول هذه الحالة إلا أن هُناك العديد من النظريات والدراسات، أفادت كافة إلى كون أحلام اليقظة نوعٌ من أنواع الاضطراب النفسي.

لذا فإن الإجابة عن سؤال أحلام اليقظة هل هي مرض نفسي هو نعم بكُل تأكيد، فالعقل في هذه الحالة يُصبح غير قادر على التأقلم مع المُجريات وما يدور حوله، مما يجعل تكيف المرء على الوضع الجديد أشبه بالمُستحيل.

كما أن هُناك بعض الحالات التي تخطى فيهم كون هذه الحالة المرضية لحظية أو مؤقتة، فاستمرار العقل في السباحة داخل عالمه الخيالي قد يستمر لساعاتٍ طوال لا يضمن المرء ما قد يحدث خلالها.

العامل المُشترك بين كافة المُصابين بهذه الحالة المرضية كونهم يُعانون من مشاكل جمة في المُحافظة على العلاقات الاجتماعية، العاطفية بالإضافة إلى انحدار قُدرتهم على أداء ما عليهم من واجبات ومسؤوليات بشكل ملحوظ، ولكون هذه الحالة تستحق الدراسة والتعمُق سنصحبكم فيما يلي من سطور مقالنا في جولة للتعرف قدر المُستطاع على كافة جوانب هذه الحالة الشيقة.

اقرأ أيضًا: أسباب عدم التركيز في الكلام

أعراض أحلام اليقظة

بعد أن عرفنا من خلال الإجابة عن سؤال أحلام اليقظة هل هي مرض نفسي أم لا وأنها تُعتبر حالة مرضية ذهنية ونفسية، فكيف يُمكننا أن نعرف كون المرء مُصابًا بالاضطراب المُسبب لهذه الحالة أم لا؟ في واقع الأمر أثبتت الدراسات العلمية اشتراك الغالبية العُظمى من المُصابين بهذه الحالة في بعض الأعراض، ويُعد أبرزها:

  • الانهماك والانشغال على الرغم من كونك لا تقوم بشيء في الحياة الواقعية خارج عالمك الخيالي.
  • مُحاولة الهرب من الواقع والانسحاب منه تدريجيًا لدرجةٍ ينعزل فيها المرء تمامًا من حياته ليعيش في عالمه الوهمي ظنًا منه أنه الحقيقة، وهُنا تكمن خطورة أحلام اليقظة كمرض نفسي.
  • الإحباط الداخلي والتقليل من الذات يُعتبر سمة سائدة وصفة شائعة بين أغلب الحالات التي تُعاني من هذه الحالة المرضية.
  • الاضطرابات المزاجية والتغيرات الشعورية دون وجود أدنى مُبرر.

قد تُعتبر هذه الأعراض مُتوسطة الخطورة وتظهر عند الحد الذي يستطيع المرء فيه السيطرة على هذه التخيلات والأحلام، ولكن هُناك بعض العلامات التي تُشير إلى ضرورة تلقي الرعاية الطبية من طبيبٍ مُختصٍ في الصحة العقلية، ومن أمثلة هذه العلامات:

  • تكوين العقل لخيالات محبوكة وقصص منسوجة بشكل احترافي، ففي الكثير من الأحيان يعمل الدماغ على مُحاكاة شخصيات خيالية وخلق عالم مُكتمل الأركان من وحي الخيال ليس إلا، ومن الغريب كون هذه القصص تترابط وتستمر كُلما مر المرء بحالة حلم اليقظة.
  • رغبة قوية في عدم الخروج من عالم الأحلام، وعند وصول هذه الرغبة لحدٍ لا يُمكن السيطرة عليه ليس هُناك داعٍ للبحث عن إجابةٍ لسؤال هل أحلام اليقظة مرض نفسي أم لا، فالأمر لا يُمكن أن يكون أكثر وضوحًا.
  • صعوبات كبيرة في التركيز وإتمام أبسط المهام اليومية وأيسرها، مما يتسبب للمرء في مشاكل لا نهاية لها على الصعيد العملي، الدراسي، والاجتماعي على حدٍ سواء.

اقرأ أيضًا: هل التفكير الزائد مرض نفسي

الرابط بين أحلام اليقظة والصحة العقلية

صحة العقل والدماغ والحالة النفسية الخاصة بك بإمكانها أن تؤثر على حياتك أكثر مما يُمكنك أن تتخيل بكثير، ودائمًا ما يتم الربط بين حالة عقلك وبين مقدار الأحلام التي من المُمكن أن تراها وأنت يقظ، وفي الكثير من الأحيان يكون للقلق على وجه الخصوص دورٌ كبير في مراودة أحلام اليقظة لك بشكلٍ مُستمر.

فالعقل يسعى للهرب من حربه الضروس ضد نفسه وأفكاره بتخيل عالم أفضل، أجمل وأكثر سهولة، مما يعني أنك لن تتحمل فيه نفس الأعباء ولن يُلقى على عاتقك نفس الكم من المسؤوليات.

في الكثير من الأحيان يكون الدافع العقلي والباطني للدخول في عالم التخيلات اليقِظة هو الشعور بالذنب، كما للتشتت الكثير وما يُعرف بالشرود أو السرحان في مُصطلحات اللُغة العامية دور كبير في ذلك.

الجدير بالذكر أنه في بعض الأحيان لا تكون أحلام اليقظة بحد ذاتها مرض نفسي، ولكنها تأتي ضمن الأعراض المُرتبطة ببعض الأمراض النفسية والاضطرابات العقلية، ويُعد أبرز الأمراض التي تشترك في ظهور أحلام اليقظة ضمن أعراضها ما يلي:

  • اضطرابات الوسواس القهري OCD.
  • اضطرابات الانتباه بين الإفراط فيه ونقصه ADHD.
  • الاكتئاب نتيجة الشعور بالتوتر والضغوطات.
  • القلق بشكل عام، والقلق الاجتماعي على وجه الخصوص.

اقرأ أيضًا: هل يشفى مريض تشتت الانتباه

اضطراب أحلام اليقظة والحياة الواقعية

في الكثير من الأحيان يقتبس العقل من حياتك الواقعية في سبيل إعداد صورةٍ واقعية للغاية لعالمك الافتراضي، وقد يعتمد دماغك وجهازك الإدراكي في ذلك على الأشياء التي يتذكرها المرء وتعلق في ذهنه كالرائحة، الضوضاء، وأحداث الفيلم المُفضل أو بعض المُحادثات مع أشخاصٍ يهمك أمرهم.

من يُعانون من مشاكل في التكيف مع الواقع وتُراودهم أحلام اليقظة يبدأون في خلط الأمور ببعضها البعض، فيتحدثون مع أقاربهم وذويهم عن مُغامراتهم في عالمهم الخيالي وكأنه واقع، ويذكرون أسماء الشخصيات التي يُقابلونها في ذلك العالم بشكل مُستمر عن غير قصد أو عن عمد بغير إدراك.

نتيجةً لخلط العقل بشكل مثالي بين الواقع والخيال فيقوم العقل في الكثير من الأحيان بتجسيد كون المرء يقوم بأداء ما عليه من واجبات ومسؤوليات لم يقُم بها في الحياة الواقعية ليُنهيها داخل الحلم، فتراه يُمارس الرياضة، يتصفح الإنترنت، أو حتى يطرح بعض النقاشات ويرى الأفلام، العقل أخطر وأعمق بكثير مما يخيل لنا.

وجب التنويه أنه في الكثير من الأحيان يتم الربط والخلط بين مُعاناة المرء من أحلام اليقظة وبين أن يكون مُصابًا بالفُصام، ففي الحالتين ينعزل المرء عن العالم الحقيقي والواقعي لفترة من الوقت، ولكن العامل هُنا هو إدراك المُصاب نفسه، فمريض الفُصام لا يتذكر ماذا حل به ولا يعلم كونه مريضًا من الأساس.

أما من يُعاني من فرطٍ في رؤية أحلام اليقظة يصل إلى مرحلةٍ يُصبح فيها مُدركًا كونه يحلم أو يعيش في عالمٍ غير عالمه الحقيقي، حتى وإن لم يكن يستطيع الخروج من هذا العالم أو حتى السيطرة على ما يدور فيه من مُجريات في الكثير من الأحيان.

هُناك العشرات ورُبما المئات من الدراسات العلمية والأبحاث التي تُجيب بالإيجاب عن سؤال أحلام اليقظة هل هي مرض نفسي أم لا، والأمراض النفسية هي حالات مرضية خطيرة، ولا علاقة لها بالخبل والجنون كما يصورها صغار العقل، فالجأ إلى الطبيب المُختص فالخجل لن يزيد حالتك إلا سوءً.

قد يعجبك أيضًا