علامات يوم القيامة الكبرى بالترتيب

علامات يوم القيامة الكبرى بالترتيب تُعتبر مسألة اجتهادية من علماء السُنة والشريعة، حيث لم يرد نص صريح في القرآن أو في السنة النبوية على ترتيب علامات يوم القيامة الكبرى، فجاء ترتيبها مختلفًا من حديث إلى آخر، ولكن العلماء اتفقوا على أن خروج النار هي آخر العلامات، ومن خلال موقع جربها سوف نتعرف أكثر على علامات يوم القيامة الكبرى بالترتيب.

علامات يوم القيامة الكبرى بالترتيب

اجتهد علماء السنة والشريعة في معرفة علامات يوم القيامة الكبرى بالترتيب رغم أنها لم تظهر صريحة بالترتيب في القرآن الكريم، السنة النبوية الشريفة، ولكن منهم من قسمها إلى علامات أرضية مثل ظهور الدجال، وعلامات سماوية مثل طلوع الشمس من مغربها، وهذا ما فعله الإمام الحافظ بن حجر.

قسم الإمام الطيبي -رحمه الله- علامات يوم القيامة الكبرى إلى علامات تدل على قرب يوم القيامة مثل خروج المسيح الدجال، وعلامات تدل على وقوع يوم القيامة مثل ظهور الدخان.

ليوم القيامة علامات صغرى، وكبرى وبالفعل قد وقعت بعض علامات يوم القيامة الصغرى منذ عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- مثل انشقاق القمر له، ولا تزال علامات يوم القيامة الصغرى تظهر بالفعل، أما عن علامات الساعة الكبرى فلم يتضح منها شيء إلى الآن، ولا أحد يعرف متى تحين الساعة، فقد أخفاها الله جل وعلا عن عباده لينظر كيف نعمل، حيث ثال الله -تعالى- (إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (سورة لقمان: 34).

قد أخفى الله عن عباده ميقات يوم القيامة لحكمة منه -جل وعلا- فالنفس البشرية بطبيعتها تحتاج إلى رقيب مستمر، وتخيل أن الرقيب هو يوم القيامة وهو مجهول وواقع لا محالة فهذا أمر عظيم، فذلك ما يبقي النفس في حذر واستعداد، واستقامة لأوامر الله -تعالى-، ومن أغفل عن وقوع الساعة فقد ضل وخسر خسرانًا مبينًا، والدليل على ذلك قول الله -تعالى- (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ) (سروة طه: 15).

كما أنذر الله -جل وعلا- باقتراب وقوعها، ولكن أكثر الناس لا يرون ذلك حيث قال (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا* وَنَرَاهُ قَرِيبًا) (سورة المعارج: 6، 7)، (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ) (سورة القمر: 1)، وفيما يلي سنتعرف على علامات يوم القيامة الكبرى بالترتيب.

1- ظهور المهدي المنتظر

اختلف العلماء في تحديد ظهور المهدي المنتظر من علامات يوم القيامة الصغرى أم الكبرى، والسبب في ذلك أن نص الأحاديث التي ذكرت فيه لم تحدد ظهوره ضمن أي من العلامات، ولكن الراجح في القول إن ظهوره من العلامات الكبرى.

سوف ينتشر في آخر الزمان الظلم والجور، وتكثر المنكرات، ويقل الناصحين إلى الخير والمعروف، فيخرج الله من بين عباده رجل صالح يجتمع حوله المؤمنون ويكون قائدًا لهم، ويحكمهم بضع سنين ينعم الله فيها عليهم بالخير، والصلاح، ويعود انتشار المعروف بين الناس، ويخرج هذا الرجل من المشرق وتحديدًا من مكة المكرمة، واسمه يوافق اسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو محمد بن عبد الله، ويطلق عليه أهل السنة المهدي.

الدليل على ذلك ما ذكره النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله (يخرُجُ في آخِرِ أُمَّتي المَهدِيُّ، يَسْقيه اللهُ الغَيْثَ، وتُخرِجُ الأرضُ نباتَها، ويُعطي المالَ صِحاحًا، وتكثُرُ الماشيةُ، وتعظُمُ الأُمَّةُ، يعيشُ سبعًا، أو ثمانيًا) حديث صحيح، رواه أبو سعيد الخدري، مصدره تخريج سنن أبي داود.

كما وصف الرسول -صلى الله عليه وسلم- صفاته الخلقية، وهيئته قال (المَهديُّ منِّي، أجْلَى الجَبهةِ، أقنى الأنفِ، يَملَأُ الأرضَ قِسطًا وعَدلًا كما مُلِئَتْ ظُلمًا وجَورًا، يَملِكُ سِنينَ) حديث حسن، رواه أبو سعيد الخدري، مصدره تخريج شرح السنة.

اقرأ أيضًا: ما هي أهوال يوم القيامة

2- خروج المسيح الدجال

المسيح الدجال هو من بني آدم أعطاه قدرات خارقة ليفتن الناس بها، فيعلم الله من آمن بحق، ومن هو كاذب، وسمي بالمسيح، لأن عينه اليسرى عوراء، أي ممسوحة، ومكتوب بين عينيه كافر، ولا يمكن لأحد سوى المسلمون أن يروها، والدليل على ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم- (الدَّجَّالُ مَمْسُوحُ العَيْنِ مَكْتُوبٌ بيْنَ عَيْنَيْهِ كافِرٌ، ثُمَّ تَهَجَّاها ك ف ر يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُسْلِمٍ) حديث صحيح، رواه أنس بن مالك، مصدره صحيح مسلم، وسمي دجالًا لأنه كاذب، ومحتال يخدع الناس.

وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- الدجال أنه رجل قصير القامة، ووزنه زائد، وشعره مجعد وكثيف، وابيض الوجه، وجبهته عريضة، وبين عينيه كلمة كافر، والمؤمنون فقط هم من يمكنهم قراءتها، ويكون معه نهران في يده أحدها ماء، والأخرى نار.

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (لأنا أعْلَمُ بما مع الدَّجَّالِ منه، معهُ نَهْرانِ يَجْرِيانِ، أحَدُهُما رَأْيَ العَيْنِ، ماءٌ أبْيَضُ، والآخَرُ رَأْيَ العَيْنِ، نارٌ تَأَجَّجُ، فَإِمَّا أدْرَكَنَّ أحَدٌ، فَلْيَأْتِ النَّهْرَ الذي يَراهُ نارًا ولْيُغَمِّضْ، ثُمَّ لْيُطَأْطِئْ رَأْسَهُ فَيَشْرَبَ منه، فإنَّه ماءٌ بارِدٌ، وإنَّ الدَّجَّالَ مَمْسُوحُ العَيْنِ، عليها ظَفَرَةٌ غَلِيظَةٌ، مَكْتُوبٌ بيْنَ عَيْنَيْهِ كافِرٌ، يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ، كاتِبٍ وغَيْرِ كاتِبٍ) حديث صحيح، رواه حذيفة بن أسيد الغفاري، مصدره صحيح مسلم.

يجوب الدجال الأرض في أربعين يومًا، وهذه هب مدة مكوثه على الأرض، ويظل أربعين يومًا ينشر فتنته بين الناس، وسرعته كبيرة فوصف النبي -صلى الله عليه وسلم- سرعته بسرعة نزول المطر، وتحريك الرياح له.

الدليل على ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (أَرْبَعُونَ يَوْمًا، يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ قُلْنَا: يا رَسُولَ اللهِ، فَذلكَ اليَوْمُ الذي كَسَنَةٍ، أَتَكْفِينَا فيه صَلَاةُ يَومٍ؟ قالَ: لَا، اقْدُرُوا له قَدْرَهُ، قُلْنَا: يا رَسُولَ اللهِ، وَما إِسْرَاعُهُ في الأرْضِ؟ قالَ: كَالْغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ) حديث صحيح، رواه النواس بن سمعان الأنصاري، مصدره صحيح مسلم.

يجوب المسيح الدجال أقطار العالم بأسره، ولكنه لن يقدر على دخول مكة المكرمة، والمدينة المنورة، وهذا لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (ليسَ مِن بَلَدٍ إلَّا سَيَطَؤُهُ الدَّجَّالُ، إلَّا مَكَّةَ، والمَدِينَةَ، ليسَ له مِن نِقَابِهَا نَقْبٌ، إلَّا عليه المَلَائِكَةُ صَافِّينَ يَحْرُسُونَهَا، ثُمَّ تَرْجُفُ المَدِينَةُ بأَهْلِهَا ثَلَاثَ رَجَفَاتٍ، فيُخْرِجُ اللَّهُ كُلَّ كَافِرٍ ومُنَافِقٍ) حديث صحيح، رواه أنس بن مالك، مصدره صحيح البخاري.

3- فتنة المسيح الدجال وهلاكه

الدجال أعطاه الله قدرات خارقة ليفتن بها الناس الكافرة، أما المؤمنون الصادقون فلا يقدر على فتنتهم، ويملك الدجال وسائل عديدة في فتنة البشر، فإن معه نارًا وماء، حيث روى حذيفة بن اليمان عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (أنَّهُ قالَ في الدَّجَّالِ: إنَّ معهُ مَاءً وَنَارًا، فَنَارُهُ مَاءٌ بَارِدٌ وَمَاؤُهُ نَارٌ، فلا تَهْلِكُوا) حديث صحيح، مصدره صحيح مسلم.

من فتنته أيضًا أن يذهب إلى أعرابي، ويخبره أن يحيي أبويه فيمثل له شيطانين في هيئتهما، فيؤمن الناس به، والدليل على ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم- (وإنَّ من فتنتِه أن يقولَ لأعرابيٍّ أرأيتَ إن بعثتُ لك أباك وأمَّك أتشهدُ أني ربُّك فيقولُ نعم فيتمثَّلُ له شيطانانِ في صورةِ أبيه وأمِّه فيقولانَ يا بُنَيَّ اتَّبِعْه فإنه ربُّك) حديث صحيح، رواه أبو أمامة الباهلي، مصدره صحيح الجامع.

قد أوصانا النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن نحفظ العشر آيات الأول من سورة الكهف فهذه الآيات منجية من فتنة المسيح الدجال، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (مَن حَفِظَ عَشْرَ آياتٍ مِن أوَّلِ سُورَةِ الكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ) حديث صحيح، رواه أبو الدرداء، مصدره صحيح مسلم.

الدجال لا يمكن أن يفتن عبدًا مؤمنًا بالله -جل وعلا- فكل من استقام على الطريق القويم لا خوف عليه ولا حزن، ونهاية الدجال تكون بنزول عيسى بن مريم -عليه السلام- فيقوم بقتله، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (يَقتُلُ ابنُ مَريمَ الدَّجَّالَ بِبابِ لُدٍّ) حديث صحيح، رواه مجمع بن جارية، مصدره الجامع الصغير.

4- نزول عيسى عليه السلام

نزول عيسى عليه السلام من علامات يوم القيامة الكبرى بالترتيب الذي ذكرناه، فلا تقوم القيامة حتى ينزل عليه السلام، وسيظل في الأرض أربعين عامًا، ويملأ فيها الخير، والمعروف، والأمان، وسوف يقتل المسيح الدجال في آخر الزمان، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (لا تقومُ السَّاعةُ حتَّى ينزِلَ عيسَى ابنُ مريمَ حَكَمًا مُقسِطًا وإمامًا عَدلًا فيَكْسرُ الصَّليبَ ويقتُلُ الخنزيرَ ويضَعُ الجِزيةَ ويَفيضُ المالُ حتَّى لا يقبلَهُ أحدٌ) حديث صحيح، رواه أبو هريرة، مصدره صحيح بن ماجة.

تكلم النبي -صلى الله عليه وسلم- عن صفات عيسى بن مريم -عليه السلام- الخَلقية، فشرعه طويل وسبط، أي ليس مجعدًا، وجهه أبيض مائل إلى الحمرة، ذا صدر عريض، وقال عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما رآه ليلة الإسراء، والمعراج (رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بي مُوسَى رَجُلًا آدَمَ طُوَالًا جَعْدًا، كَأنَّهُ مِن رِجَالِ شَنُوءَةَ، ورَأَيْتُ عِيسَى رَجُلًا مَرْبُوعًا، مَرْبُوعَ الخَلْقِ إلى الحُمْرَةِ والبَيَاضِ، سَبِطَ الرَّأْسِ) حديث صحيح، رواه عبد الله بن عباس، مصدره صحيح البخاري.

5- خروج يأجوج ومأجوج

يأجوج ومأجوج هما قبيلتان من نسل يافث ابن نوح عليه السلام، ويقال إن سبب تسميتهم بذلك الاسم، هو أجيج النار أي اشتعال النار، أو الأجاج، وهو الماء المالح الحارق كما ذكر في القرآن الكريم (وَهَٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ)، ومن علامات يوم القيامة الكبرى بالترتيب هو خروج يأجوج ومأجوج، حيث قال الله -تعالى- (حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ* وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ) (سورة الأنبياء: 96، 97).

كما وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- صورهم فقال إنهم صغار العيون، وشعرهم أصهب اللون، وذو وجوه عريضة، حيث روت خالة خالد بن عبد الله بن حرملة قالت (خطَب رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو عاصبٌ رأسَه من لدغَةِ عقربٍ فقال إنَّكم تقولونَ لا عدوَّ وإنَّكم لن تزالوا تُقاتِلونَ حتَّى يأتيَ يأجوجُ ومأجوجُ عراضُ الوجوهِ صغارُ العيونِ صهبُ الشِّعافِ ومن كلِّ حَدَبٍ ينسِلونَ كأنَّ وجوهَهم المَجانُّ المطرقةُ) حديث صحيح، مصدره مجمع الزوائد.

حينما أتى ذو القرنين، وهو حاكم صالح طاف الأرض من شرقها إلى غربها أي من مطلع قرني الشيطان إلى غروب الشمس، لذلك سمي بذي القرنين، وصل ذو القرنين إلى أرض بها جبلين كبيرين بينهما فتحة يخرج منها يأجوج، ومأجوج، فاستغاث الناس به، وطلبوا منه أن يبني لهم سدًا يحميهم من فساد هؤلاء الأشخاص.

كان يأجوج، ومأجوج مفسدين في الأرض، وينشرون الخراب لذلك قام ذو القرنين ببناء سد عظيم وصلب، ليحمي القوم من أذاهم ولم يأخذ مقابل بنائه مالًا منهم، وسوف يبقى هذا السد حصينًا إلى أن يأذن الله بخروجهم وتدمير السد، قال الله -تعالى- (قالَ هـذا رَحمَةٌ مِن رَبّي فَإِذا جاءَ وَعدُ رَبّي جَعَلَهُ دَكّاءَ) (سورة الكهف: 98).

إذا قامت الساعة سيأذن الله ليأجوج، ومأجوج أن يخرجوا ويعثوا في الأرض فسادًا، وينشرون الشرور بين الناس، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (ويخرُجونَ على النَّاسِ، فيستقونَ المياهَ، ويفرُّ النَّاسُ مِنهم، فيرمونَ بسِهامِهِم إلى السَّماءِ فترجعُ مخضَّبةً بالدِّماءِ، فيقولونَ: قَهَرنا مَن في الأرضِ وعلَونا مَن في السَّماءِ، قسوةً وعلوًّا) حديث صحيح، رواه أبو هريرة، مصدره صحيح الترمذي.

يظل يأجوج ومأجوج يفسدون في الأرض ويضرون الناس إلا المؤمنين بالله جل وعلا، واتباع عيسى بن مريم في آخر الزمان، ويشتد أذى يأجوج ومأجوج على المسلمين فلا يملكون سوى التضرع إلى الله -جل وعلا- بالدعاء أن يزيح عنهم شرورهم، فيرسل الله -تعالى- دودًا يأكل رقابهم، ويبعث طيرًا ذات أعناق طويلة فتأخذهم بعيدًا.

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ، فيُرْسِلُ اللَّهُ عليهمُ النَّغَفَ في رِقَابِهِمْ، فيُصْبِحُونَ فَرْسَى كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ يَهْبِطُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إلى الأرْضِ، فلا يَجِدُونَ في الأرْضِ مَوْضِعَ شِبْرٍ إِلَّا مَلأَهُ زَهَمُهُمْ وَنَتْنُهُمْ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إلى اللهِ، فيُرْسِلُ اللَّهُ طَيْرًا كَأَعْنَاقِ البُخْتِ فَتَحْمِلُهُمْ فَتَطْرَحُهُمْ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ) حديث صحيح، رواه النواس بن سمعان الأنصاري، مصدره صحيح مسلم.

6- هدم الكعبة الشريفة

هدم الكعبة من علامات يوم القيامة الكبرى بالترتيب كما ذكرنا وفقًا لآراء بعض العلماء، سوف يأتي رجل يدعى بذي السويقتين من الحبشة، وسمي بهذا الاسم لقصر ساقيه، وضعفهما، وسوف يقوم بهدم الكعبة كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (يُخَرِّبُ الكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الحَبَشَةِ) حديث صحيح، رواه أبو هريرة، مدره صحيح البخاري.

سوف يقوم ذو السويقتين بهدم الكعبة حجرًا حجرًا، وقد وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- صفاته الخَلقية بأنه أسود البشرة، وساقيه متباعدتان، حيث قال (كَأَنِّي به أسْوَدَ أفْحَجَ، يَقْلَعُهَا حَجَرًا حَجَرًا) حديث صحيح، رواه عبد الله بن عباس، مصدره صحيح البخاري.

هذا لا يدل على خلاف قوله -تعالى- (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ) فسيظل الحرم آمنًا ويطوف الناس حوله، إلى أن يقترب قيام الساعة، وكذلك أيضًا سيخرج الناس من المدينة المنورة بالرغم من رغدها، وطيب عيشها، ولن يبقى فيها سوى الطير والسباع، حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلم- (يَتْرُكُونَ المَدِينَةَ علَى خَيْرِ ما كَانَتْ، لا يَغْشَاهَا إلَّا العَوَافِ – يُرِيدُ عَوَافِيَ السِّبَاعِ والطَّيْرِ – وآخِرُ مَن يُحْشَرُ رَاعِيَانِ مِن مُزَيْنَةَ، يُرِيدَانِ المَدِينَةَ، يَنْعِقَانِ بغَنَمِهِما فَيَجِدَانِهَا وحْشًا، حتَّى إذَا بَلَغَا ثَنِيَّةَ الوَدَاعِ، خَرَّا علَى وُجُوهِهِمَا) حديث صحيح، رواه أبو هريرة، مصدره صحيح البخاري.

اقرأ أيضًا: من هو النبي الذي يفر من زوجته يوم القيامة

7- ظهور الدخان في السماء

من علامات يوم القيامة الكبرى بالترتيب هو ظهور الدخان من السماء، حيث ذكر الله -تعالى- في كتابه (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ* يَغْشَى النَّاسَ هَـذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ* رَّبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ) (سورة الدخان: 10: 12)، فهذا دليل قاطع على أن الدخان علامة من علامات الساعة الكبرى، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (ما تَذَاكَرُونَ؟ قالوا: نَذْكُرُ السَّاعَةَ، قالَ: إنَّهَا لَنْ تَقُومَ حتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ، فَذَكَرَ، الدُّخَانَ) حديث صحيح، رواه حذيفة بن أسيد الغفاري، مصدره صحيح مسلم.

يفزع الناس فور ظهور الدخان فيعرف المؤمنين أن الله قد صدق وعده، واقترب يوم القيامة فيسارع الناس بالتوبة إلى الله، والتضرع في أن يكشف عنهم الغمة، ويصيب الدخان المؤمنين بالزكام الشديد، ويفزع الكفار منه وينئون بعيدًا، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- (يَجِيءُ دُخَانٌ يَومَ القِيَامَةِ فَيَأْخُذُ بأَسْمَاعِ المُنَافِقِينَ وأَبْصَارِهِمْ، يَأْخُذُ المُؤْمِنَ كَهَيْئَةِ الزُّكَامِ) حديث صحيح، رواه عبد الله بن مسعود، مصدره صحيح البخاري.

8- رفع القرآن من السطور والصدور

من أعظم علامات يوم القيامة، وأصعبها هو رفع القرآن من السطور في المصاحف، ورفعه من قلوب المؤمنين، فلا يبقى من القرآن شيء في الدنيا، والله تعالى قد حفظ القرآن في السطور، والصدور إلى أن يأتي يوم القيامة فيرفعه من على الأرض فلا يبقى منه آية.

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (ولَيُسْرَى على كتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ في ليلةٍ، فلا يَبْقى في الأرضِ مِنه آيةٌ) حديث صحيح، رواه حذيفة بن اليمان، مصدره صحيح بن ماجة، فرفع القرآن من على وجه الأرض لهو من أشد الفتن، وأصعبها على نفوس المؤمنين قبل الكافرين، والله -جل وعلا- من بيده رفع القرآن متى يشاء، وهو الذي قال في كتابه (وَلَئِن شِئنا لَنَذهَبَنَّ بِالَّذي أَوحَينا إِلَيكَ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَينا وَكيلً) (سورة الإسراء: 86).

9- طلوع الشمس من المغرب

إذا طلعت الشمس من مغربها فلن تنف نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت خيرًا في إيمانها، فطلوع الشمس من المغرب من العلامات العظيمة وهي من علامات يوم القيامة الكبرى بالترتيب كما ذكرنا فهي تدل على حتمية قيام الساعة، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِن مَغْرِبِها، فإذا طَلَعَتْ ورَآها النَّاسُ آمَنُوا أجْمَعُونَ، وذلكَ حِينَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إيمانُها ثُمَّ قَرَأَ الآيَةَ) حديث صحيح، رواه أبو هريرة، مصدره صحيح البخاري.

روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (ثَلاثٌ إذا خَرَجْنَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ، أوْ كَسَبَتْ في إيمانِها خَيْرًا: طُلُوعُ الشَّمْسِ مِن مَغْرِبِها، والدَّجَّالُ، ودابَّةُ الأرْضِ) حديث صحيح، مصدره صحيح مسلم.

لا يقبل إيمان أحد في ذلك اليوم لما في الأمر من عظم، فيراه العالم بأسره فيعلموا أن وعد الله حق.

10- خروج الدابة من الأرض

من علامات يوم القيامة الكبرى بالترتيب بعد طلوع الشمس من مغربها، هو إخراج الله -تعالى- دابة من الأرض تكلم الناس تخبرهم بأن الناس لم يوقنوا بآيات الله -جل وعلا- فيميز المؤمن من الكافر، بوجود علامة على أنف المؤمنين تميزهم عن الكافرين.

قال الله -تعالى- (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ) (سورة النمل: 82)، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (تخرجُ الدابَّةُ، فتَسِمُ الناسَ على خراطيمِهم، ثم يُعمِّرون فيكم، حتى يشتريَ الرجلُ الدابَّةَ، فيُقالُ: ممَّنِ اشتريتَ؟ فيقولُ: من الرجلِ المُخَطَّمِ) حديث صحيح، رواه أبو أمامة الباهلي، مصدره صحيح الجامع.

كذلك إذا خرجت الدابة من الأرض فلن تنفع نفس إيمانها لم تكن آمنت بالله من قبل، كما عند طلوع الشمس من المغرب.

ذكر بن حجر العسقلاني أن خروج الدابة أولى علامات يوم القيامة الكبرى، واختلف العلماء في وصفها فقال القرطبي أنها من فصيلة ناقة نبي الله صالح -عليه السلام-، وقال آخرون أنها تتصف بخلق جميع الدواب، وقال البعض أنها دابة مزغبة شعراء، ويصل طولها إلى ستين ذراعًا.

هناك قول آخر بأنه إنسان متكلم، ولكن الإمام القرطبي قد أظهر فساد هذا القول، لأنه مخالف للأحاديث الصحيحة التي وردت في السنة النبوية، واختلف العلماء في مكان خروجها فبعضهم قال من جبل الصفا أو من المسجد الحرام.

11- الخسوفات الثلاثة

إذا اقترب يوم القيامة وقع ثلاث خسوفات للأرض في المشرق، والمغرب، وهي ليست كما نراه في دنيانا، بل هو أمر عظيم، والمقصود بالخسف، أي خسفت الأرض، أي غارت بمن عليها، واختفى كل من بداخلها، ويقع ثلاث خسوفات للأرض ضمن علامات يوم القيامة الكبرى بالترتيب.

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ: خَسْفٌ بالمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بالمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ بجَزِيرَةِ العَرَبِ) حديث صحيح، رواه حذيفة بن أسيد الغفاري، مصدره صحيح مسلم.

هبوب الريح الباردة

أخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الساعة تقوم على الكافرين، وشرار الخلق من الناس، أما المؤمنون فيرسل الله عليهم ريحًا باردة طيبة تقبض أرواحهم فلا يبقى على الأرض سوى الكافرين، والمشركين، وقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن هذه الريح تأتي من اليمن لقوله (إنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ رِيحًا مِنَ اليَمَنِ أَلْيَنَ مِنَ الحَرِيرِ، فلا تَدَعُ أَحَدًا في قَلْبِهِ، قالَ أَبُو عَلْقَمَةَ مِثْقَالُ حَبَّةٍ، وَقالَ عبدُ العَزِيزِ: مِثْقَالُ ذَرَّةٍ، مِن إِيمَانٍ إِلَّا قَبَضَتْهُ) حديث صحيح، رواه أبو هريرة، مصدره صحيح مسلم.

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في وصف الرياح (ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ رِيحًا بَارِدَةً مِن قِبَلِ الشَّأْمِ، فلا يَبْقَى علَى وَجْهِ الأرْضِ أَحَدٌ في قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِن خَيْرٍ، أَوْ إيمَانٍ إلَّا قَبَضَتْهُ، حتَّى لو أنَّ أَحَدَكُمْ دَخَلَ في كَبِدِ جَبَلٍ لَدَخَلَتْهُ عليه، حتَّى تَقْبِضَهُ قالَ: سَمِعْتُهَا مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: فَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ في خِفَّةِ الطَّيْرِ وَأَحْلَامِ السِّبَاعِ) حديث صحيح، رواه عبد الله بن عمر، مصدره صحيح مسلم.

اقرأ أيضًا: من هو الملك الموكل بالنفخ في الصور

12- خروج النار من اليمن

اتفق علماء المسلمين أجمع أن آخر علامات يوم القيامة الكبرى بالترتيب هو خروج النار، فقد ثبت هذا في قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (إنَّهَا لَنْ تَقُومَ حتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ وَآخِرُ ذلكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ اليَمَنِ، تَطْرُدُ النَّاسَ إلى مَحْشَرِهِمْ) حديث صحيح، رواه حذيفة بن أسيد الغفاري، مصدره صحيح مسلم.

إذًا فآخر علامة من علامات يوم القيامة الكبرى بالترتيب كما ذكرنا هو خروج النار من اليمن، وتأخذ البشر إلى محشرهم، وهو في بلاد الشام، حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (ستَخرُجُ نارٌ من حَضرموتَ أو من نحوِ بحرِ حضرموتَ قبلَ يومِ القيامةِ تَحشُرُ النَّاسَ قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، فما تأمُرُنا؟ فقالَ: عليكُم بالشَّامِ) حديث صحيح، رواه عبد الله بن عمر، مصدره صحيح الترمذي.

ليس الهدف من التهاب النيران هو حرق الناس، وإنما تبقى معهم لتوصلهم إلى محشرهم فلا تنقطع عنهم ليلًا أو نهارًا، إلى أن تصل بهم إلى الشام، حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (يُحْشَرُ النَّاسُ علَى ثَلاثِ طَرائِقَ: راغِبِينَ راهِبِينَ، واثْنانِ علَى بَعِيرٍ، وثَلاثَةٌ علَى بَعِيرٍ، وأَرْبَعَةٌ علَى بَعِيرٍ، وعَشَرَةٌ علَى بَعِيرٍ، ويَحْشُرُ بَقِيَّتَهُمُ النَّارُ، تَقِيلُ معهُمْ حَيْثُ قالُوا، وتَبِيتُ معهُمْ حَيْثُ باتُوا، وتُصْبِحُ معهُمْ حَيْثُ أصْبَحُوا، وتُمْسِي معهُمْ حَيْثُ أمْسَوْا) حديث صحيح، رواه أبو هريرة، مصدره صحيح البخاري.
الله يعلم الغيب، ويُنزل الغيث، ويعلم متى تقوم الساعة، وأخفى ميقاتها عن عباده حتى الأنبياء والرسل، وذلك ليترك الإنسان في اختبار الدنيا، فيستقيم في دنياه لأن الساعة آتية لا ريب فيها.

قد يعجبك أيضًا