هل يجوز الصلاة في السيارة؟ وهل تتشابه في حكمها مع صلاة المسافر في الطائرة؟ حرصًا على عدم إباحة أمور لا يسمح بها الدين والسُنة، سوف يتم عرض إجابة سؤال هل يجوز الصلاة في السيارة من خلال موقع جربها، حتى تكون الصلاة صحيحة، ويتم إرشاد الناس نحو الصحيح في أمور الدين مع الإثبات بالأدلة الدينية السُنية.
هل يجوز الصلاة في السيارة
نظرًا للفتاوى التي صرح بها الفقهاء، فهناك دلالات تؤكد على أنه لا يجوز الصلاة في السيارة إلا في حالة وجود عذر، فقد جاء الحديث النبوي الشريف عن جابر بن عبد الله –رضي الله عنه- “أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يُصَلِّي علَى رَاحِلَتِهِ نَحْوَ المَشْرِقِ، فَإِذَا أرَادَ أنْ يُصَلِّيَ المَكْتُوبَةَ نَزَلَ، فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ” [المصدر: صحيح البخاري].
هذا الحديث يوضح أن الفرض لا بُد به من استقبال القبلة، والاستقرار في جميعها، وفي حالة الصلاة بالسيارة يفتقد الراكب هذه الشروط، لذلك لا يجوز الصلاة بالسيارة.
لكن هناك بعض الفقهاء الذين أوضحوا إجازة الصلاة في السيارة في حالة محددة والتي تندرج تحت الخوف الشديد، ويكون الخوف على النفس، أو المال، أو الخوف من سبع، أو عدو، أو التنادي بالمطر، أو الخوف من انقطاع عن صحبة، في هذه الحالات يُسمح بالصلاة في السيارة، وأيضًا يتساوى الحكم مع الصلاة على الدابة.
تكون الصلاة في هذه الحالة بالإيماء فقط دون ركوع أو سجود، وجاء عن ابن قدامة أنه إذا اشتد الخوف عليه يقوم باستقبال القبلة إذا كان بإمكانه ذلك، وإذا لم يكن بإمكانه ذلك فيكون بغيرها، وإذا لم يستطيع الركوع والسجود فيُكثر من السجود عن الركوع.
إن الصلاة بالإيماء هي الصلاة التي يقوم بها المصلي بالإشارة في حالات الركوع والسجود ويقوم بالانحناء، أو يكون بتحريك العينين إذا لم يكون باستطاعته الانحناء.
كما أنه يسقط عنه القيام والقعود وذلك نسبة إلى الآية الكريمة في قوله تعالى:
(فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا) [سورة البقرة: الآية 239].
يوجد شرط أيضًا في حالة الصلاة بالسيارة قيّد الشافعية به من يُريد الصلاة على أساس الخوف الشديد، وهو أن تكون السيارة واقفة، ويتشابه في حكمها السفينة، والدابة وجميع ما يركبه الإنسان، ولكن يكون هناك سبب، وهو الضيق وعدم القدرة في استقبال القبلة.
إذن فإن إجابة سؤال هل يجوز الصلاة في السيارة هي لا لعدم توافر شروط الصلاة التي من أهمها القبلة كما اتضح في الحديث السابق ذكره، ولكنها تجوز في الحالات التي تم توضيحها فيما سبق.
اقرأ أيضًا: حكم نزول الإفرازات أثناء الصلاة
رأي الأئمة في الصلاة بالسيارة
من خلال الإجابة عن سؤال هل يجوز الصلاة في السيارة، يمكن التوضيح أن مذهب الحنفية من رأيهم أن الصلاة في السيارة تكون فقط لمن يضطر إلى ذلك.
حيث إنه عند دخول وقت الصلاة يجب أولًا محاولة الصلاة قيامًا وقعودًا وسجودًا، ومن لم يستطيع يُصلي بالإيماء، ولا يفعل ذلك إلا بعد محاولات للصلاة في اتجاه القبلة.
أما إذا كانت سيارة فيجب إيقافها والنزول للصلاة، أما إذا لم يكن له سلطة لإيقافها فمن الممكن الصلاة بالإيماء تحريًا للقبلة إذا كان بإمكانه ذلك، ويُفضل الإعادة.
مذهب المالكية ذهب في أن صلاة الفرض تتم على الدابة بالإيماء، وتكون في عدة مواضع، وهذه المواضع هي القتال، والتحام الصفوف، وفي حالة عدم القدرة على النزول من الدابة، أو في حالة الخوف من لص أو سبع، ولا بد من إعادة الصلاة بعد زوال الخوف.
كما أنهم صرحوا بإمكانية الصلاة على الدابة في حالة الراكب المريض الذي لا يستطيع النزول، فيقوم بالصلاة على الدابة باتجاه القبلة، ويقوم بالإيماء بدلًا عن الركوع والسجود.
أما عن مذهب الشافعية والحنابلة ذهب في وجوب أن يتم استقبال القبلة في الصلاة المفروض للراكب بالسيارة، وصلاة النافلة جائزة بالسيارة السارية، إذا كانت في غير اتجاه القبلة فتكون متخذة جهة السفر، وفي هذه الحالة تسقط عنه أركان الصلاة التي يعجز عن فعلها، وليس مشروطًا أن يُيعد صلاته مرة أخرى.
اقرأ أيضًا: حكم خروج الريح أثناء الصلاة هل يبطلها
حكم صلاة النافلة في السيارة
اجتمع العلماء على رأيٍ واحدٍ في أمر صلاة النافلة بالسيارة، وهو جواز صلاة النافلة في السيارة للشخص المسافر وأيضًا أي دابة أخرى يركبها المسافر غير السيارة، وليس مشروطًا أن يستقبل القبلة.
هذا بناءً على الحديث الشريف عن عامر بن ربيعة –رضي الله عنه- قال: “رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو علَى الرَّاحِلَةِ يُسَبِّحُ، يُومِئُ برَأْسِهِ قِبَلَ أيِّ وجْهٍ تَوَجَّهَ، ولَمْ يَكُنْ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصْنَعُ ذلكَ في الصَّلَاةِ المَكْتُوبَةِ” فمن الأفضل أن يقوم المُصلي باستقبال القبلة في بداية الصلاة، ثم يقوم بالتوجه حيث يشاء بعد ذلك.
اقرأ أيضًا: هل يجوز صلاة سنة الفجر بعد الفرض وبعد إقامة الصلاة؟
حكم الصلاة في الطائرة
في إطار الإجابة عن سؤال هل يجوز الصلاة في السيارة، سوف نوضح أنه قد أجمع الفقهاء على أنه يجوز الصلاة في الطائرة بحالة الخوف من فوات وقت الصلاة قبل نزول الطائرة، ولكن يجب أن يؤديها ركوعًا وسجودًا وقيامًا قدر المستطاع، وتكون استقبالًا للقبلة، وهذا الحكم نسبة إلى قوله تعالى:
(فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [سورة التغابن: الآية 16].
يجوز الصلاة في الطائرة في حال إنه قد علم وصوله قبل أن يفوت وقت الصلاة، أو في حالة أن الصلاة يمكن أن تُجمع مع غيرها مثل المغرب والعشاء، ويمكن للمسافر في هذه الحالة إذا كان لا يستطيع أن يُصليها في اتجاه القبلة أن يُصليها على أي اتجاه إذا كان ليس هناك وقت غير ذلك لصلاتها، فالإسلام دين يسر وليس عسر.
من الجميل أن يحرص الإنسان على معرفة إجابة سؤال هل يجوز الصلاة في السيارة، فهذا أكبر دليل لحرصه على إقامة الصلاة بوقتها المناسب، فمن أفضل الأعمال عند الله أن نُصلي الصلاة في أوقاتها.