هل التخيل الجنسي يوجب الغسل

هل التخيل الجنسي يوجب الغسل؟ وهل الحكم الشرعي له يمكن تطبيقه على المحصن وغير المحصن؟ حيث يلجأ البعض إلى إشباع الغرائز الفطرية من خلال التفكير والتخيل للعلاقات الحميمية، فهي أمور ليست إرادية أي أن المرء لا يتمكن من التحكم بها، لكنها تثير اهتمام البعض من منظور الفقه الإسلامي حول إذا كانت تلك التخيلات يمكن أداء العبادات والفرائض بعدها أم أن الأمر يتطلب الغسل والطهارة، وهو ما سوف نسلط الضوء عليه من خلال موقع جربها.

هل التخيل الجنسي يوجب الغسل

يلجأ البعض إلى التخيلات الجنسية، بشأن إشباع الرغبة الداخلية لممارسة العلاقة الحميمية، ولكن الأمر هنا حول مدى وجوب الطهارة والغسل عند التخيل، فبشكل عام لا يوجب الغسل بعد التخيلات الجنسية، ولكن هناك بعض الأحكام الفقهية التي توضح هذا الأمر نظرًا لأنه يحمل في ثناياه بعض التفاصيل التي سنتطرق لها فيما يلي:

1- الحكم الشرعي للغسل عند نزول المذي بعد التخيلات الجنسية

بشأن الإجابة على سؤال حديثنا حول هل التخيل الجنسي يوجب الغسل، فإن الأمر هنا يتعلق بالسائل الذي يخرج فإن كان السائل مذيًا فلا يوجب الغسل، والمذي عبارة عن سائل شفاف يميل إلى البياض يخرج من فرج المرأة أو ذكر الرجل، وهو خفيف القوام، شأنه عند النساء أكثر من الرجال.

بالرغم من أن المذي واحد من الإفرازات النجسة التي توجب الغسل والطهارة بعدها، إلا أنه إن كان بسبب التخيلات الجنسية فلا يوجب الغسل، إنما يغسل المرء فقط ثيابه إن طالها المني مع غسل العضو التناسلي.

جدير بالذكر أن المذي بالرغم من أنه لا يوجب الغسل إلا أنه من نواقض الوضوء، فيتوجب الوضوء بعدها حتى يتمكن المرء من أداء العبادات والفرائض التي أمر الله بها.

اقرأ أيضًا: هل يجوز لبس نفس الملابس بعد الاغتسال من الجنابة

2- الاغتسال في الشريعة عند خروج المني بعد التخيلات الجنسية

نتابع معكم الرد على هل التخيل الجنسي يوجب الغسل، فهنا يتعلق الأمر في حالة أن تلك التخيلات أو الأفكار قد تسببت في نزول المني، وهو عبارة عن سائل يميل إلى اللون الأصفر، سمكه رقيقًا وليس غليظ.

عند خروج هذا السائل يشعر المرء حينها باللذة وإشباع الرغبة، ويعقبه استرخاء للجسم يصحبه فتور في الحس الجنسي لديه، ويوجب الغسل بعده في حالة رؤية دلائل المني أي إذا تواجد في الثياب أو ترك أثرًا على العضو التناسلي للمرء، أما إن لم ينزل المني من العضو فلا يوجب الغسل.

في حالة الشك أو الخلط بين المني والمذي، فهنا قد اتجه فقهاء الشريعة الإسلامية إلى اعتبار السائل مذيًا ومن ثم يوجب الوضوء لا الغسل.

جدير بالذكر أنه لا يأثم المرء حين التخيل أو التفكير الجنسي، وذلك طالما
أنه لم يرى أو يفعل ما حرمه الله عز وجل، وتأسيسًا عليه قول رسولنا الكريم، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عيله وسلم- قال: “إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنفُسَهَا مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا أَوْ يَعمَلُوا بِهِ” (رواه البخاري ومسلم).

أحكام الشريعة الإسلامية بشأن الأفكار الجنسية

في إطار الحديث حول هل التخيل الجنسي يوجب الغسل، فيجب التطرق إلى حالة المرء إن كان محصنًا أي سبق له الزواج، أو كان غير محصنًا أي أنه غير متزوج، وهو ما سنتعرف عليه فيما يلي:

1- حكم الشريعة الإسلامية للمرء المحصن

الحكم هنا يختلف بحسب ما يفكر به المرء، فإن كانت التخيلات الجنسية مع الطرف الآخر سواء كان الزوج أو الزوجة، فهنا لا يقع إثمًا أو ذنبًا عليه.

أما في حالة أن التخيلات أو الأفكار الجنسية مع طرفًا آخر، أي أن الزوج يُهيئ إليه العلاقة مع امرأة أجنبية، أو أن المرأة يخيل لها العلاقة مع رجلًا أجنبيًا، فهنا يقع الحكم بأن المرء قد ارتكب ذنبًا وإثمًا عظيمًا، وذلك بغض النظر عن السائل الذي خرج من العضو التناسلي.

إن كانت التخيلات الجنسية للمرء المحصن قد نتج عنها اللجوء إلى مشاهدة أو فعل ما حرمه الله عز وجل، فهي كبيرة من الكبائر التي حرمها الله تندرج تحت أحكام الزنا، ومن ثم فينبغي الغسل والإقلاع عما ارتُكب من معاصي والتوبة إلى الله توبة نصوحة.

اقرأ أيضًا: هل يجب الغسل بعد المداعبة

2- حكم الشريعة الإسلامية للمرء غير المحصن

نستأنف الحديث حول هل التخيل الجنسي يوجب الغسل، فهنا الأمر يتعلق بالمرء غير المحصن وهو الذي لم يسبق له الزواج، فلا يقع عليه إثمًا أو ذنبًا طالما أن الأمر لم يعقبه مشاهدة أو فعل ما حرمه الله، ولكن ينبغي الغسل في حالة خروج المني كما سبقت الإشارة، وإعادة الوضوء وتطهير الثياب إن كان السائل مذيًا.

أما إذا لجأ إلى مشاهدة أو فعل ما حرمه الله، فهنا تقع عليه كبيرة من الكبائر تندرج في أحكام الزنا، وينبغي على المرء أن يقلع عما فعله وأن يلجأ إلى الله ويتضرع له حتى يعفو الله عما فعله ويتوب عليه.

3- حكم الفقه الإسلامي فيما يخص الأفكار الجنسية أثناء الصيام

في حالة أن تلك التخيلات كانت أثناء الصيام فلا يقع عليه حكمًا للغسل إلا إذا نزل المني، فهنا يتوجب الغسل وإعادة قضاء صيام اليوم مرة أخرى، وإن كان السائل مذيًا فيكمل اليوم ولا يوجب إعادته.

أما في حالة أن الصيام كان في شهر رمضان الكريم وخرج المني من المرء فهنا يقع عليه إثمًا عظيمًا، ويوجب عليه الغسل ويلزم قضاء صيام اليوم، وينطبق على المرء المحصن وغير المحصن.

اقرأ أيضًا: متى يجب الغسل للمرأة العزباء

كيفية التحكم في التخيلات الجنسية

في سياق الحديث حول هل التخيل الجنسي يوجب الغسل، فمن الجدير بالذكر أن نسلط الضوء على الوسائل التي يمكن اتباعها للحد من التخيلات أو الخواطر الجنسية، فمن منطلق قول ابن القيم:

“دافع الخاطرة قبل أن تتحول إلى فكرة، ودافع الفكرة قبل أن تتحول إلى همّ، ودافع الهم قبل أن يتحول إلى إرادة، ودافع الإرادة قبل أن تتحول إلى عمل”.

يقصد بالقول السابق أن يقلع المرء عن التخيلات والخواطر قبل أن تصبح فكرة يتعايش بها، وإن أصبحت فكرة فعليك السيطرة عليها قبل أن تصبح همًا يصيبك، وواجه الهم قبل أن يتحول إلى إرادة من تصرفاتك، وتصدى للإرادة قبل أن تصبح عملًا، فإن توقف الأمر عند العمل فهنا قد ارتكب فاحشة وساء سبيلًا.

لذا هناك بعض الوسائل التي يمكن اللجوء إليها لدفع تلك التخيلات، والتي تتمثل فيما يلي:

  • التقرب إلى الله -عز وجل- ومناجاته بأن يدفع عنك تلك الأفكار التي تصيبك.
  • أداء الفرائض والطاعات والمواظبة عليها، مع تلاوة القرآن الكريم بشكل منتظم.
  • أن يتقلد المرء ما يشغله حتى لا تتسنى له الخواطر أو التخيلات الجنسية، وذلك من خلال الكد والنجاح في العمل أو ممارسة الأنشطة الرياضية أو غيرها من الأعمال التي تذهب عنه تلك التخيلات.
  • ألا يندرج المرء حول التخيلات الجنسية منذ بدايتها، أي يحاول جاهدًا أن يقلع عنها ويواجهها بذكر الله والتمسك بإيمانه وعقيدته.

أحكام الغسل والطهارة الواردة في الشريعة الإسلامية متعددة، ينبغي على كل مسلم بالغ عاقل الإلمام بها قدر المستطاع والتطرق إلى كل ما يجهله، حتى يحسن إسلامه.

قد يعجبك أيضًا