قصة اصحاب الفيل للاطفال

قصة اصحاب الفيل للاطفال تُعد من أبرز القصص التي تُساهم معرفتهم لها في تعريفهم بالدين الإسلامي وبعض المُعجزات الإلهية في عصر ما قبل البعثة، وفي هذه القصة الكثير من الحِكم والمواعظ، ناهيك عن كونها ترتبط بسورةٍ قرآنية تحمل نفس الاسم، لذا قررنا عبر موقع جربها مُساعدتكم في تعريف أبنائكُم بأحداث هذه القصة وتاريخها.

قصة اصحاب الفيل للاطفال

في التاريخين العربي والإسلامي نجد العديد من القصص والروايات التي لها القُدرة على نقل أحداثٍ من عُصورٍ قديمة وتجسيدها بشكلٍ كبير لتجعلنا نتعرف على ما جاء في أحقابٍ زمنية بعيدة ولت وانتهت، وهذا لا يقتصر على البُعد التاريخي فحسب، بل هُناك أبعاد أُخرى إدراكية.

لا شك في كون القصص الإسلامية وغيرها من القصص العربية المُستوحاة من التاريخ العريق للعرب وعظام الشخصيات التاريخية في عصر الجاهلية الأولى وما يسبقها ويتلوها من عصور تُعد من صور القصص التي تُساهم بشكل كبير في تنمية عقولنا وإطلاعنا على ما لم نكُن نُدركه من أُفُق، وهي مُقسمة لتُلائم فئات عُمرية مُختلفة.

فبعض القصص يحتاج إدراكًا كبيرة وقُدرة عالية على التفكير والاستنباط، وغيرها يكفي فيها السرد الظاهري للإلمام بما جاء في أحداثها قدر المُستطاع، ومن أبرز هذه القصص هي قصة اصحاب الفيل للاطفال، فمن منا لم تُروى له هذه القصة في أيام الصبا ونعومة الأظافر؟

أول ما تعرفنا عليه في هذه الحادثة وما يُمكن سرده في قصة اصحاب الفيل للاطفال هي الحقبة الزمنية التي تمت فيها هذه الأحداث، فوقعت في العام 53 قبل الهجرة، وهو ما يوافق عام 571 في التقويم الميلادي، وهو العام الذي عُرف بعام الفيل، وقد كان المُبتغى الأول من هذه الحادثة هدم الكعبة المُشرفة.

وقوع هذه الحادثة قبل الإسلام يُعد المعلومة الأولى التي يُمكن استنباطها من قصة اصحاب الفيل للاطفال، فذلك يعني كون الكعبة وُجِدت قبل الإسلام إذ بناها سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام.

كما قيل إن سيدنا آدم والملائكة هُم من وضعوا الأساس الخاص بها وأقامها إبراهيم من بعدهم، وبالرجوع إلى حديثنا عما يُمكن قوله في قصة اصحاب الفيل للأطفال نُلاحظ طرح اسم أبرهة الحبشي كثيرًا، فمن هو؟

اقرأ أيضًا: قصة محمد صلى الله عليه وسلم بالتفصيل

ما لا تعرفه عن أبرهة الحبشي

أبرهة الحبشي والذي يُعرف باسم أبرهة الأشرم يُعتبر أبرز الأسماء التي يتم طرحها في قصة اصحاب الفيل للاطفال، ومن المعلومات التي لا نُدركها على الرغم من بلوغنا ووصولنا إلى سن الرُشد هي هوية هذا الرجل.

كان أبرهة الحبشي في المقام الأول قائدًا في جيش النجاشي حاكم الحبشة، وقد تحرك بجيشه بأمرٍ من النجاشي لمُحاربة “ذو نواس” الذي كان ملكًا لأرض اليمن، وذلك لكونه مُضطهدًا لنصارى نجران، فكان يعزم على حرقهم وقتلهم، وهو ما أثار حفيظة الروم بعدما علموا ذلك عن طريق “دوس” الذي يُعد من النصارى الناجين.

واجه جيش النجاشي بقيادة أبرهة الحبشي جيش ذو النواس قائد اليمن وانتصر عليه، وعُين على إثر ذلك حاكم جديد لأرض اليمن يُعرف باسم “إرياط”، ولكن لم يكُن منصب قائد الجيش كافيًا بالنسبة لأبرهة، فعُرف عنه كونه جشعًا وطماعًا.

طموح أبرهة جعله ينقلب على إرياط حاكم اليمن الذي تم تعيينه من قبل النجاشي، ونال بالفعل على إثر ذلك حُكم اليمن بشكلٍ غير رسمي، وعلى الرغم من إثارة هذا القرار المُتهور حفيظة حاكم الحبشة إلا أن أبرهة استسلم لجيوش النجاشي سريعًا ليتم تعيينه بشكل رسمي ملكًا لليمن.

السبب الرئيسي وراء قصة أصحاب الفيل

على عكس الاعتقاد السائد بكون الكعبة رمزًا إسلاميًا فقط نجد أنها تُعتبر من صور الرموز الدينية ذات المكانة العالية في عصور ما قبل الإسلام، وكان المسؤولون عنها هُم أهل مكة وخاصةً قبيلة قُريش مُنذ قديم الأزل.

لكن وعلى الرغم من هذه المكانة الدينية التي حظي على إثرها أهل قُريش بمنزلة عالية جعلتهم أشبه بالقديسين إلا أن تركيز قُريش تحول إلى تجاري بحت في واقع الأمر، فكانوا يرون في الكعبة مصدر دخلهم الأول والأوحد إن صح التعبير، فكانوا يبيعون الأصنام ويخدعون الناس بكونها مُباركة.

نظرًا لاستقطاب الكعبة لأعدادٍ مهولة في موسم الحج من كُل عام بدأت أفكار ضعاف النفوس تتجه إلى تأسيس ما يُحاكي ما كان يراه البعض مُجرد حجارة، وعلى الرغم من كثرة المُحاولات إلا أن المُحاولة الأبرز كانت لحاكم اليمن أبرهة الحبشي.

حكم أبرهة بلاد اليمن في فترة ما قبل مملكة أكسوم الحبشية، وقد قام ببناء كنيسة عُرفت باسم كنيسة القليس في اليمن، وقام بتزيينها ظنًا منه أن جمالها وحُسنها سيوجه الأنظار إليها بعيدًا عن الكعبة، وهو ما كان يرى فيه تعزيزًا لحُكمه وإرضاءً لكُلٍ من النجاشي والروم.

لكن هذه الخطة لم تنجح، ولم يترك أحدًا الكعبة، فعزم على إجبار الحُجاج على الذهاب إلى اليمن عن طريق هدم الكعبة التي تتواجد في مكة تحت رعاية أبناء قُريش، والسبب الرئيسي وراء تسمية هذه الحادثة وما يجب ذكره عند الحديث عن قصة اصحاب الفيل للاطفال كون أبرهة تحرك بجيشٍ يحمل في قوامه جنودًا غفيرة واستخدم على رأسهم الفيلة.

يرجع السبب وراء استعمال هذه الحيوانات إلى كبر حجمها وقوتها، كما أنها امتازت بأنيابٍ لها القُدرة على الفتك بكُل ما تراه أمامها، وهو ما جعل فكرة هدم أبرهة للكعبة باستعمال الفيلة أمرًا منطقيًا للغاية.

اقرأ أيضًا: قصص واقعية للأطفال قصيرة

غزو أبرهة لمكة المُكرمة

كان تحرك أبرهة الحبشي لهدم الكعبة وسيلةً لإجبار أهل قُريش وغيرهم من العرب على الحج في الكنيسة التي بناها في اليمن لتعزيز النشاط الاقتصادي الخاص بالبلاد، وفي طريق أبرهة الحبشي إلى مكة يُقال إنه لقى رجُلًا رغب في قتاله دفاعًا عن الكعبة اسمه نفيل بن حبيب الخثعمي.

كان نُفيل على رأس بعض الجنود، ولكن جيش أبرهة كان كبيرًا وتمكن من التغلب عليه، وكان على وشك قتل نُفيل ولكنه قال له إنه سيدُله على الطريق إلى أرض العرب لهدم الكعبة، فأسره دون قتله، وبالفعل أوصله نُفيل إلى حيث أراد.

كان عبد المُطلب بن هاشم بن مناف بن قُصي جد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المسؤول عن الكعبة، وقد دعا الله عز وجل أن يزيل الغُمة ويحمي بيته الحرام من الهدم قائلًا:
اللهم إن العبد يمنع رحله فامنع رحالك.. لا يغلبن صليبهم ومحالهم غدوا محالك

وأنصر على آل الصليب وعابديه اليوم آلك.. إن كنت تاركهم وقبلتنا فامر ما بدا لك
هذا يُعبر عن كون أهل قُريش كانوا يؤمنون بالله تبارك وتعالى، ولكنهم كانوا يُشركون معه آلهةً أُخرى في العبادة، وفور وصول جيش أبرهة إلى مكة جوار الكعبة قال نُفيل للفيل الذي كان يُعرف باسم محمود:
ابْرُكْ مَحْمُودُ وَارْجِعْ رَاشِدًا مِنْ حَيْثُ أَتَيْتَ فَإِنَّكَ فِي بَلَدِ اللَّهِ الْحَرَامِ
وهرب بعدها نُفيل إلى الجبال.

فجلس محمود أرضًا بالفعل وأبى الحركة، ما تسبب في جنون أبرهة آمرًا جيشه بضرب الفيل ودفعه للقيام، حتى أنهم قاموا بطعنه بالرُمح في بطنه إلى أن نزف، وعلى الرغم من كُل هذه المحاولات رفض الحركة، وقد ظنوا أنه أُصيب، ولكنه كان يتحرك شرقًا نحو الشام وفي اتجاه اليمن ويأبى الحركة باتجاه الكعبة.

اقرأ أيضًا: قراءة سورة الفيل 41 مرة

دفاع الله عن بيته الحرام

أثناء انشغال أبرهة الحبشي وجنوده بالفيل ودفعه وطعنه جاءت طيورٌ من ناحية البحر، وكُلٌ منها يحمل ثلاثة أحجارٍ، واحدةٌ في منقاره والاثنين الأخريين باستخدام المخالب، وبدأ حينها الفصل الأشهر بين فصول قصة اصحاب الفيل للاطفال ألا وهي رمي الطيور للحجارة على جيش أبرهة.

على الرغم من صغر حجم هذه الصخور والحجارة التي لم تتخطى حبات العدس إلا أنها لم تُصب أحدًا من الجيش إلا وأهلكته، وعمل الجنود على اللذاذ بالفرار هربًا من هذا الهجوم المُرعب غير المفهوم، فبحثوا عن نفيل ليدلهم على طريق الرجعة، وعندما لاقوه قال لهم:
أَلَّا حُيِّيتِ عَنَّا يَا رُدَيْنَا.. نَعِمْنَاكُمْ مَعَ الْإِصْبَاحِ عَيْنَا

رُدَيْنَةُ لَوْ رَأَيْتِ فَلَا تَرَيْهِ.. لَدَى جَنْبِ الْمُحَصَّبِ مَا رَأَيْنَا

إِذًا لَعَذَرْتِنِي وَحَمِدْتِ أَمْرِي.. وَلَمْ تَأْسَيْ عَلَى مَا فَاتَ بَيْنَا

حَمِدْتُ اللَّهَ إِذْ أَبْصَرْتُ طَيْرًا.. وَخِفْتُ حِجَارَةً تُلْقَى عَلَيْنَا

وَكُلُّ الْقَوْمِ يَسْأَلُ عَنْ نُفَيْلٍ.. كَأَنَّ عَلَيَّ لِلْحُبْشَانِ دَيْنَا

أينَّ المفرُ والإلهُ الطالبُ.. والأشرمُ المغلوبُ ليسَّ الغالبُ
من أبرز ما يُمكن استنباطه وفهمه من قصة اصحاب الفيل للاطفال هي فكرة دفاع الله تبارك وتعالى عن بيته ودينه، فعلى الرغم من عدم كون الفيل ليس بعاقل إلا أن الله أوحى له بعدم الحركة وهدم الكعبة رغمًا عن كُل ما عاناه من عذابٍ وألم.

أجمل ما يُمكن تأريخ قصة اصحاب الفيل للاطفال به هو ما جاء في كتاب الله الحكيم عن هذه القصة، إذ قال تبارك وتعالى في قُرآنه العظيم وقوله الكريم:
{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُول} [سورة الفيل: من الآية 1 – 5].
كان إيمان أهل قُريش بقُدرة الله تبارك وتعالى كبيرًا على الرغم من إشراكهم له وعبادة من لا يضر ولا ينفع معه، وهذا يظهر في قول عبد المُطلب لأبرهة عندما أصاب بعيره: “إنما أسألك إبلي؛ فأنا رب الإبل، وللبيت رب يحميه“، وهو ما تعجب منه أبرهة ورأى أنه تخلٍ عن دينه.

قد يعجبك أيضًا