يُعد الاستفسار عن اول نبي بعد ادم عليه السلام من أكثر الاستفسارات الشائعة والتي تُثير الفضول إلى حدٍ كبير، فالتتابع الأشهر للأنبياء والرُسل هو ما يلي خليل الله إبراهيم عليه السلام، ويجهل الكثيرون ما هو قبل هذه المرحلة بين سيدنا آدم وحتى إدريس عليهما السلام، لذا قررنا تعريفكم عبر موقع جربها بما في هذه المرحلة من أنبياء.
اول نبي بعد ادم
وفقًا لما جاء في كتاب الله وذكره الحكيم يُعد سيدنا آدم عليه السلام نبي الله ومخلوقه الأول من الإنس، وقد ورد ذكره والحديث عن قصته باختلافٍ وتفاوت في كُل من سُفر التكوين، العهد الجديد، كتاب الإيقان الخاصة بالمورمون بالإضافة إلى القُرآن الكريم.
لكن وعلى الرغم من هذا الاختلاف هُناك إجماع كبير بين كافة الديانات السماوية الإبراهيمية من يهودية، مسيحية وحتى الدين الإسلامي الحنيف بالترتيب على كون سيدنا آدم أول البشر، وقد خلقه الله من تُراب الأرض وبث فيه من روحه.
من المعروف أن السيد آدم والسيدة حواء عليهما السلام أول البشرية عاشا في الأرض وقد وكلهما الله بمسؤولية إعمار الأرض، وقد رزقهُما ببنينٍ وبنات، ومن بين هذا النسل كان هُناك نبي الله شيث، والذي يًعد اول نبي بعد ادم عليه السلام، ولكن ما هي بداية القصة؟
كان سيدنا آدم يعيش في الجنة، وقد خلق الله فيما بعد من ضلعه السيدة حواء رضي الله عنها وأرضاها، وقد عاشا في الجنة لفترة لا يعلمها أحد ولكن يُعتقد أنها كانت قصيرة، وقد نزلا إلى الأرض بعدما عصيا أمر الله تبارك وتعالى بعدم الاقتراب من شجرةٍ مُعينة وتناول ثمارها.
لكن الشيطان أزلهُما عنها نظرًا لغيظه وحِقده على سيدنا آدم الذي أُمر بالسجود له طاعةً لله ولكنه أبى واستكبر، وكانت هذه اللحظة هي بداية الصراع الأزلي بين الإنس والجان، وعلى الرغم من وصف الديانات الأُخرى لهذه الحادثة بكونها سقوط الإنسان والذنب الأعظم إلا أنها كانت ستحدث لا محالة.
يُمكن القول إن الله تبارك وتعالى كان ينتظر أن يقوم آدم وحواء عليهما السلام باتخاذ القرار الأول لهُما لتكون صافرة البداية للعيش في الأرض والاختيار بمُطلق الحرية بين الخير والشر، بين الخطأ والصواب وبين الطاعة والعصيان.
اقرأ أيضًا: من هم الأنبياء أولي العزم
قتل قابيل لهابيل
من أبرز المعلومات التي ترتبط بقصة آدم وحواء هو ما يخص النسل الأول للبشر وبداية الخلق، فوفقًا للعديد من المصادر الموثوقة في كافة الديانات الإبراهيمية كانت السيدة حواء تلد توأمًا في كُل مرةٍ تلد وتضع فيها.
كان التوأم عبارةً عن فتىً وفتاة، وقد أمرهُما الله تبارك وتعالى بزواج أبناء البطن الأول من بنات البطن الثاني والعكس صحيح، ويُقال إن أبناء البطن الواحد كانا يتزوجان من بعضهما البعض، وقد بدأ الصراع وفقًا لبعض الإسرائيليات غير الموثوق فيها عندما رغب قابيل في الزواج من زوجة هابيل.
حينها أمرهم آدم عليه السلام بتقديم قُربانٍ لله تبارك وتعالى، ومن يُقبل قُربانه يتزوج هذه الفتاة، ويُقال وفقًا لأهل العلم إن قابيل قام بتقديم أسوأ ما لديه من زرع قربانًا لله تبارك وتعالى، ولكن هابيل قدم أفضل الكباش من الضأن مما لديه من أنعام، فتقبل الله قُربان هابيل ورفض قُربان قابيل.
شعر قابيل بالغيرة على إثر ذلك، وفي ليلةٍ من الليالي وبينما كان هابيل نائمًا وسط غابةٍ مُشجرة قابيل جريمة القتل الأولى التي عرفتها البشرية، وذلك عندما ضرب رأس أخيه بحجرٍ كبير، ولكون الموت لم يكُن بالشيء المُتعارف عليه حينها لم يعرف قابيل ماذا عليه أن يفعل.
فبعث الله له غُرابًا وقتل غرابًا آخر، ومن ثُم قام بدفنه، وهو ما جاء في كتاب الله الحكيم بقوله:
{فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ ۚ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ} [سورة المائدة: 31].
اقرأ أيضًا: من هو النبي الذي حرم الله عليه الزواج
عوض الله لآدم وحواء
بعد أن قام قابيل بقتل هابيل فر هو وزوجته من الجبال التي كان يعيش فيها آدم وذُريته، وقد قصد السهول ولبث فيها، وحزن سيدنا آدم وزوجته حواء على إثر خسارة ابنيهما حُزنًا بالغًا.
يُقال إنه بعد قُرابة 120 عام تقريبًا رزق الله آدم وحواء شيثًا، ويُقال أيضًا أنه وُلِد عندما تخطى آدم عليه السلام المئة عام، ولكن ما هو أكيد كون اسم شيث يعني هبة الله، فكان هذا الولد الصالح عوضًا لهُما عما عاشوه من حُزنٍ لفقدان ابنيهما بين القتل والهرب، وقد عُرف عن شيث كونه بارًا بوالديه، وقد أحبه آدم عليه السلام حُبًا جمًا.
على إثر ذلك قام آدم بتعليمه كُل ما علمه الله تبارك وتعالى مثل كيفية أداء الصلاة الليلية، وأعلمه بموعد الطوفان العظيم الخاص بسيدنا نوح عليه السلام.
كما قد جاء في مصادر عِدة أبرزها قول ابن كثير المؤرخ والفقيه سُني المذهب في كتابه البداية والنهاية كون الله تبارك وتعالى حمَّل شيث عليه السلام الصُحُف الأولى ليكون اول نبي بعد ادم والد البشر أجمعين عليه السلام.
ما لا تعرفه عن نبي الله شيث
يُعرف شيث بكونه النبي الذي حرم الله عليه الزواج، ولكنه لم يكُن تحريمًا مُطلقًا كما يخال للبعض، ولكنه منعه من أن يقوم بما قام به إخوته من قبله وهو الزواج من أخته التوأم أو التي تليه في البطن، فتزوج اول نبي بعد ادم عليه السلام من أخته التي تصغره بأربعة أعوام والتي عُرفت باسم أزورا في الديانة المسيحية.
وفقًا للديانة المسيحية يُعرف شيث بكونه واحدًا من الآباء القديسين الذين ينتمون إلى الكنيسة الرسولية الأرمنية مع غيره من الأنبياء مثل نبي الله آدم، قابيل وغيرهم، ويدخُل ضمن قائمة آباء يسوع.
أما في الديانة الإسلامية فيُعرف عن نبي الله شيث اول نبي بعد ادم بكونه من آباء ما قبل الطوفان الصالحين من ذُرية آدم عليه السلام، وعلى الرغم من عدم ذكره بشكلٍ صريحٍ في القُرآن الكريم إلا أنه ورد في العديد من المصادر الخاص بالسلف الصالح والسُنة النبوية الشريفة.
من المعروف أن شيث اول نبي بعد ادم التزم بما جاء في شريعة أبيه عليه السلام بتحريم الاختلاط بقوم قابيل وفقًا لأوامر الله تبارك وتعالى، ويرجع السبب في ذلك إلى سوء أخلاقهم وفسادهم، وأمرهم بعد التوجه إلى السهول، وهو ما التزم به قومه من بعده، وكانوا مُلتزمين ويمتثلون دون نبي لأوامر الله.
يُقال إنه في وقتنا الحالي يتواجد قبر شيث في جبال وادي البقاع اللُبنانية، وبالتحديد في بلدة النبي شيث، وهُناك مسجد يحمل اسمه في هذه البلدة.
وفاة سيدنا آدم عليه السلام
كُنا قد ذكرنا كون شيث عليه السلام مُحبًا لوالديه حُبًا جمًا، فحزن على وفاة آدم عليه السلام حُزنًا بالغًا تضرر على إثره كثيرًا، وهُناك الكثير من الأقاويل في هذا الصدد مثل رؤية حواء لملك الموت وطلب آدم من ربه ألا يرى ملك الموت غير من يموت.
كما قيل أيضًا إن آدم عليه السلام رأى ذُريته بين يدي الله، ورأى من بينهم أُناسًا يعتريهم النور، فقال الله له إنهُم الرُسل والأنبياء، ورأى بينهم أضوأهم وأكثرهم نورًا وهو داود عليه السلام، فقال له آدم امنح داود من عُمري ستين عامًا ليعيش مئةً كاملة.
عندما رأى آدم ملك الموت عند بلوغه 940 عامًا قال له عجلت يا ملك الموت، فقد بقي من عُمري ستون عامًا، قال له ملك الموت حينها ما بقي من شيء، فأنت سألت ربك أن يكتب ما تبقى من عُمرك لابنك ونبي الله داود، فأنكر آدم ونسي، ونسيت ذُريته.
فجحد وجحدت ذُريته، وهو السبب الرئيسي في وضع الله للكتاب والشهود، وقبل وفاة سيدنا آدم قام بإطلاع ابنه شيث على الأمور التي عليه أن يلتزم بها، وتولى على إثر ذلك شيث أمر المُسلمين.
توفيت السيدة حواء بعد حولٍ واحد من وفاة آدم، وقد تكفل شيث بأعمال دفنها بالطريقة التي رأى الملائكة يُغسلون ويدفنون آدم عليه السلام بها، ويُقال إن الله تبارك وتعالى أنزل على شيث خمسين صحيفة.
اقرأ أيضًا: هل تعلم من النبي الذي يحبه إبليس
ذُرية آدم من شيث حتى إدريس
بعد وفاة سيدنا آدم دفن شيث معه الصُحُف، وكُبِد شيث عناء النبوة ليكون وليًا على ذُرية آدم، وقد وَكَل شيث عليه السلام قبل وفاته ابنه أنوش ليخلفه في الأرض.
بعد وفاة أنوش بدأ الشيطان يأمر بالمعاصي ويستميل البشر ليطيعوا ما في أهواء أنفسهم، فتشكل على هيئة غُلام عمل أجيرًا عندهم، فانتشر تبرج النساء للرجال وصنع لهم المزامير، وحينها بدأ العصيان في الأرض، واختلط قوم شيث بقوم قابيل، جاء بعد أنوش من فئة الخيرين قينان ومن بعده مهلائيل.
مهلائيل أو مهلاييل هو الذي يزعم الفُرس والأعاجم كونه الملك الأول للأقاليم السبعة وأول من قام ببناء المُدن وقطع الأشجار وتشييد القلاع والحصون.
كما يُرجع إليه الفضل في بناء مدينة بابل والسوس الأقصى، كما يُقال إنه قتل إبليس وجنوده وشردهم إلى أطراف الأرض، وقد جاء من بعده ولده يارد ومن ثُم خنوخ الذي يُقال إنه نفسه نبي الله إدريس عليه السلام.
من الجدير بالذكر كون شيث اول نبي بعد ادم عليه السلام يُعتبر أحد الأنبياء السبعة للديانة الموحدة العريقة وهُم آدم، شيث، أنوش، نوح، سام، إدريس ويحيى بن زكريا، مع العلم أن البشر الحاليين كافة من نسل شيث، فهابيل لم تكُن له ذُرية وقابيل فني وقومه مع طوفان نوح.