نعيب زماننا والعيب فينا شرح

نعيب زماننا والعيب فينا شرح للأبيات وافي ويفسر كافة مقاصد الشاعر، حيث اتسم أسلوب الشاعر بالعمق في المعاني بالإضافة إلى البلاغة العالية في أسلوبه، لذلك قد يصعب فهم مخزي القصيدة والأبيات على بعض الناس، لذلك في هذا الموضوع يقدم لكم موقع جربها شرح وتفسير كافة الموضوعات التي قصدها الشاعر بقوله نعيب زماننا والعيب فينا.

نعيب زماننا والعيب فينا شرح

تعتبر قصيدة لا تأسفن على غدر الزمان التي احتوت على البيت الشعري (نعيب زماننا والعيب فينا) من أشهر قصائد الإمام الشافعي، والتي كانت تحمل الكثير من المعاني والدلالات العميقة، وهذا ما اتسم به الأسلوب الأدبي للإمام الشاعري، حيث إن الإمام الشافعي قام بإلقاء هذه القصيدة الشعرية لكي يوضع الواقع الأليم الذي نمر به في كافة العصور.

حيث إن الكثير من الناس يشتكون من قسوة الزمان ولكن العيب في طبيعة هؤلاء البشر، فهم من جعلوا الزمان قاسي من خلال طباعهم وصفاتهم البذيئة، يتجنى الكثير من الناس على الزمان في أنه سبب تغير الأحوال وتغير أخلاق الأشخاص بالإضافة على قطع صلات الرحم وانتشار الكره بين المجتمعات.

يعولون كل الظواهر غير المستحبة إلى ما يطلقون عليه غدر الزمان، ولكن في حقيقة الأمر أن الزمان لم يتغير ولكن طباع الناس ونفوسهم هي من تغيرت كثيرًا، وأصبح الأخ يكره الخير لأخيه والأب يقسو على أبناءه والأبناء يعقون والديهم، لذلك تطلب البيت الشعري نعيب زماننا والعيب فينا شرح كافي لتوضيح رؤية الشاعر.

اقرأ أيضًا: شرح قصيدة على قدر اهل العزم

قصيدة لا تأسفن على غدر الزمان

أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي هو صاحب مذهب الشافعية في الإسلام وأحد مؤسسي علم الفقه، كما أنه إمام وعالم جليل في تفسير الأحاديث الشريفة، بالإضافة على ذلك فإنه كان أديبًا وشاعرًا ماهرًا ومن أبرز القصائد التي لام فيها على المجتمع هي قصيدة لا تأسفن على غدر الزمان، فيما يلي أبرز أبياتها:
لا تأسفن على غدر الزمان لطالما

رقصت على جثث الأسود كلاب

لا تحسبن برقصها تعلو على أسيادها

تبقى الأسود أسوداً والكلاب كلاب

تموت الأسود في الغابات جوعاً

ولحم الضأن تأكله الكلاب

وذو جهل قد ينام على حرير

وذو علم مفارشه التراب

الدهر يومان ذا أمن وذا خطر

والعيش عيشان ذا صفو وذا كدر

أما ترى البحر تعلو فوقه جيف

وتستقر بأقـصى قـاعه الدرر

وفي السماء نجوم لا عداد لها

وليس يكسف الا الشمس والقمر

نعيب زماننا والعيب فينا

وما لزمانا عيب سوانا

ونهجو ذا الزمان بغير ذنب

ولو نطق الزمان لنا هجانا

وليس الذئب يأكل لحم ذئب

ويأكل بعضنا بعضا عيانا

دع الأيام تفعل ما تشاء

وطب نفسا إذا حكم القضاء

ولا تجزع لحادثة الليالي

فما لحوادث الدنيا بقاء

وكن رجلا على الأهوال جلدا

وشيمتك السماحة والوفاء

وإن كثرت عيوبك في البرايا

وسرك أن يكون لها غطاء

تستر بالسخاء فكل عيب

يغطيه كما قيل السخاء

ولا تر للأعادي قط ذلا

فإن شماتة الأعدا بلاء

ولا ترج السماحة من بخيل

فما في النار للظمآن ماء

ورزقك ليس ينقصه التأني

وليس يزيد في الرزق العناء

ولا حزن يدوم ولا سرور

ولا بؤس عليك ولا رخاء

إذا ما كنت ذا قلب قنوع

فأنت ومالك الدنيا سواء

ومن نزلت بساحته المنايا

فلا أرض تقيه ولا سماء

وأرض الله واسعة ولكن

إذا نزل القضا ضاق الفضاء

دع الأيام تغدر كل حين

فما يغني عن الموت الدواء
تعتبر القصيدة من أكثر القصائد التي ناقشت أهم قضايا العصر، حيث تناولت موضوعات عديدة منها تقلب الأحوال على الأشخاص في الزمان وأنهم هم السبب في ذلك لا الزمان، كما أن تغير الأحوال وتقلبها لا يغير قيمة الأشخاص فإن الشخص ذو المكانة العالية سيظل كما هو مهما تبدلت الأحوال وإنما الأشخاص في جوهرهم وليس شكلهم الخارجي.

قام الشاعر بشرح نعيب زماننا والعيب فينا من خلال ضربه لبعض الأمثلة حول الجاهل الذي أصبح ينام على الحرير بينما العالم لا يجد إلا التراب لكي يأويه، كما أكد الشاعر على ان الزمان لا علاقة له بتبدل الأحوال الذي يحدث وأن الخطأ في الشخص الذي يعيب على الزمان وما يقوم به من أفعال خاطئة.

من أبرز الموضوعات التي وضحها الإمام الشافعي في القصيدة هي حتمية الموت وأن كل شيء في الدنيا فاني، كما قام بدعوة الناس إلى عدم التخوف من الظروف المريرة التي يمرون بها وتبدل الأحوال من غيرهم، بالإضافة إلى الرضا بالقضاء والقدر، إلى جانب التحلي بالأخلاق الحميدة والمروءة.

كما دعا الشاعر إلى تجنب الشماتة في الأعداء أو طلب أي مكرمة من شخص بخيل، فإن السؤال لغير الله مذلة وأن الرزق شيء مكتوب ومقدر ويجب على الشخص الاتسام بالرضا والقناعة.

نصح الشاعر بعدم سب الدهر وإلقاء اللوم عليه فإن كل النتائج السيئة سببها الإنسان، قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: {قال الله تعالى: يؤذيني ابن ادم، يسب الدهر؛ وأنا الدهر أُقلب الليل والنهار}، مما يؤكد ذلك على ضرورة احترام الزمان وأنه من أصول الدين.

اقرأ أيضًا: قصيدة شعر عن الخوي الكفو

أسلوب الشافعي في القصيدة

اعتمد الشاعر على الكثير من الأساليب الأدبية التي اتضحت من خلال شرح نعيب زماننا والعيب فينا، اتسم الإمام الشافعي بالأسلوب البليغ في اللغة العربية والمعاني العميقة، بالإضافة إلى استخدام أكثر من أسلوب في القصيدة الواحدة، فيما يلي أبرز هذه الأساليب:

  • أسلوب التشبيه: حيث شبه الإمام الشافعي في القصيدة الأسرار وكتمانها بالغطاء الذي يستر العيوب مما يدل على أهمية ستر الله، وعدم الشماتة في فضائح الناس وذلك لئلا يوجد شخصًا خالي من العيوب.
  • أسلوب الاستفهام: استخدم الشاعر أسلوب الاستفهام للتعجب والاستنكار بالإضافة على محاولة فهم لماذا يعيب الناس على الزمان ولا يرون عيوبهم وسلبياتهم وتصرفاتهم غير المنطقية.
  • أسلوب الأمر: اتضح أسلوب الأمر في الأبيات من خلال شرح نعيب زماننا والعيب فينا حيث أمر الشاعر الشخص بترك الأيام تغدر في كل وقت والاقتناع بأن الموت لا يستوجب المرض وأن كل شيء في الدنيا فاني لذلك يجب الانصياع لأمر الله وقضائه وقدره.
  • أسلوب النهي: جاء أسلوب النهي في القصيدة بأكملها حيث إن اسم القصيدة جاء بأسلوب النهي، كما دعا إلى النهي عن إلقاء اللوم على الزمان والالتزام بتعاليم الدين الصحيحة، ونهى عن الأفعال المحرمة مثل قطع صلة الرحم.

اقرأ أيضًا: شرح قصيدة ابن زيدون إلى ولادة المستكفي الصف التاسع

تعتبر قصيدة لا تأسفن على غدر الزمان من أشهر القصائد التي تناقش موضوعات العصر، حيث نصح الإمام الشافعي بعدم تبرير التصرفات والأفعال الخاطئة للعباد بسبب سوء الدهر وغدر الزمان.

قد يعجبك أيضًا