معلومات عن حرب القرم

أثار البحث عن معلومات عن حرب القرم فضول العديد حول العالم، وذلك بسبب تشابه أحداثها بعض الشيء مع ما يحدث حاليًا من تحركات عسكرية صريحة فاقت حاجز المناوشات بين روسيا الاتحادية وبين الجمهورية الأوكرانية، فروسيا كانت طرفًا في النزاع آنذاك، وساحة المعركة مُشتركة، وعبر موقع جربها سنستعرض لكم معلومات عن حرب القرم.

معلومات عن حرب القرم

حرب القرم هي حربٌ مكونةٌ من عدة معارك، وتمت أحداثها في الأساس في جزيرة القرم، وهو سبب التسمية بكل تأكيد، وكان أطراف هذه السلسلة من المعارك بشكل رئيسي هُما الدولة العُثمانية والإمبراطورية الروسية القيصرية.

قامت هذه الحرب بين الدولة العُثمانية بقيادة عبد المجيد الأول بن محمود الثاني بن عثمان بن أرطغرل، وهو الخليفة الثالث بعد المائة للمُسلمين، والسلطان العُثماني الثالث عشر من آل عثمان والحادي والثلاثين بوجهٍ عام، أم الطرف الثاني في الحرب فكانت روسيا القيصرية.

كان الجانب الروسي تحت قيادة القيصر نيكولاي الأول، وهو الإمبراطور الروسي رقم خمسة عشر، ومن أهم المعلومات عن حرب القرم هو كونها بدأت في الرابع من شهر أكتوبر تشرين الأول لعام 1853م.

الجدير بالذكر أنها حربٌ استمرت لمُدة ثلاث سنوات تقريبًا لتنتهي في شهر فبراير شباط 1856م بانتصار الدولة العُثمانية وحُلفاءها على الإمبراطورية الروسية القيصرية فيما عُرف بعد ذلك بمُعاهدة باريس، في لحظةٍ تعتبرها روسيا نُقطة سوداء في تاريخها.

انتهت الحرب بخسائر في الجانب الروسي بلغت 400 ألف بين جرحى، قتلى ومفقودين، أما الجانب العُثماني والحلفاء فكانوا 300 ألف تقريبًا، ولكن ما هو سبب هذه الحرب؟ ومن هُم الحُلفاء؟

فيما يلي من سطور إجابة عن كافة هذه الأسئلة، وذلك عن طريق استعراض ما جاء من معلومات عن حرب القرم في التاريخ العربي والغربي على حدٍ سواء.

مطامع روسية لتوسع قيصري

مُنذ أن حكم القياصرة روسيا وهُم يبدون أطماع توسعية كانت السبب الأول والرئيسي في وصول روسيا الاتحادية إلى المساحة التي تشغلها في يومنا هذا، فكانت أُسرة رومانوف وهي الأُسرة المالكة الثانية لحُكم روسيا تسعى لتكون الدولة الأكبر سياسيًا بين كافة الدول الأوروبية بشكل خاص والعالم أجمع بوجهٍ عام.

كان هُناك العديد من الأسباب المُحركة لهذه المطامع، ولكن ما كان يُروج له حينها هو كونها مطامع دينية في سبيل حماية الطائفة الأرثوذكسية حول العالم، كما كانوا يطمحون للسيطرة على عاصمة الإمبراطورية الرومانية القسطنطينية، وهي المدينة التي دخلها محمد الفاتح وأطلق عليها اسم إسلامبول.

إسلامبول أو الأستانة أصبحت عاصمة السلطة العُثمانية أثناء حُكمها، وهي مدينة شهيرة في تُركيا تُعرف الآن باسم إسطنبول، كما سعى القياصرة إلى حماية الأماكن المسيحية المُقدسة في فلسطين، وكانت فلسطين حينها أيضًا تحت سُلطة الدولة العُثمانية، ما وضع الإمبراطورية الروسية في عداء مُباشر معهم.

أيقن الروس أن تحقيق أحلامهم وطموحاتهم أشبه بالمُستحيل مع وجود الدولة العُثمانية، لذا سعوا جاهدًا للقضاء عليها وتقسيمها إلى دويلات، فتوسع روسيا كان يقتضي إضعاف البُلقان جنوبي قارة أوروبا، بالإضافة إلى منطقة آسيا الوسطى، وهي المنطقة التي تمتد في غربها من بحر قزوين وتصل في الشرق إلى الصين ومنغوليا.

فكانت روسيا تحد آسيا الوسطى من الشمال، وكُل من الهند، أفغانستان ولإيران يشكلون الحدود الجنوبية للمنطقة، وكِبَرُ هذه المنطقة التي تُمثل الآن كُل من أوزباكستان، تركمانستان، طاجكستان، قيرغيزستان، بالإضافة إلى كازاخستان جعل السيطرة عليها الهدف الأول نصب عيني القياصرة في سبيل التوسع.

من سوء حظ الإمبراطورية الروسية أن الجُزء الأكبر من هذه المنطقة كان تحت الحُكم الإسلامي للدولة العُثمانية، والغالبية العُظمى من سُكانها وقاطنيها كانوا مُسلمين بعدما أسلم الكثير من ملوكهم وأُمرائهم.

اقرأ أيضًا: متى سقط الاتحاد السوفيتي وأسباب انهياره

وساوس روسية جعلتها تأخذ المُبادرة

الحلم الأكبر للإمبراطورية الروسية كان الوصول إلى المياه الدافئة، وهي مياه الخليج العربي، ويُمكن اعتبار هذه المياه التي كانت تخضع للسيادة العُمانية الحاجز الذي يفصل بين بني عُمان وأُسرة رومانوف.

كان المؤرخون يصفون الإمبراطورية الروسية والدولة العثمانية بكونهما القوتين الأكبر على سطح الكوكب، فكانت الحرب بينهما في المقام الأول للسيطرة على أكبر مساحة مُمكنة، وهو ما جعل صراعهما يعروه الطمع في حال ما صح التعبير.

في غضون بضعة سنين عانت الدولة العُثمانية من حالة ضعف، وهو ما أثار المطامع الروسية وألهب نيران جشعها، فبدأ الروس بالاعتداء على بعض المناطق التي تقع تحت سيطرة آل عُثمان ونفوذهم، ووقع إثر ذلك عشرات الحروب بين الروس والعُثمانيين على مدار قرونٍ ثلاث.

رأت الإمبراطوريات الأوربية الكُبرى في هذه السلسلة الطويلة من الحروب ضالتها لتحقيق بعض المصالح، فكان الصراع بين هاتين القوتين اللتين يُشكل كُل منهما قوى عُظمى يصب في مصلحة الإمبراطورية الفرنسية ومملكة سردينيا المعروفة باسم إيطاليا.

كان الكنز الذي تراه الإمبراطوريات الأوروبية الكُبرى في هذه الحرب يتمثل في إضعاف روسيا القيصرية وردعها عن التدخل النشط في السياسات الأوروبية، بالإضافة إلى منعها من المُنافسة على استعمار الدول في أوروبا، آسيا وإفريقيا.

كما كان استنزاف هذه الحرب للقوى العُثمانية التي يمتد نفوذها إلى قارات العالم الثلاث القديمة يُحقق المطامع الاستعمارية، فقد رأت أوروبا أن نتيجة هذا الصراع ستكون تفكك الدولة العُثمانية دون التأثير على التوازن السياسي والدولي.

دول العالم أجمع تقريبًا كانت ترى فوائد من هذه الحرب وضعف الجانبين الروسي والعُثماني إلا بريطانيا، كانت بريطانيا تحول دون تقسيم الدولة العُمانية، يرجع السبب في ذلك إلى كونها تعتبرها رجُل أوروبا المريض، فكان سقوطها سيعود بالسلب على الأمن والسلام للمُستعمرات البريطانية في الهند، ناهيك عن خوف بريطانيا من التوسع الروسي.

اقرأ أيضًا: من هو رئيس أوكرانيا الحالي فولوديمير زيلينسكي

تنازُلات عُثمانية في سبيل النجاة

رأت الدولة العُمانية أن كافة دول العالم وإمبراطورياته تسعى إلى هدمها وزعزعة استقرارها، لذا بدأت في التحالف معهم ضد روسيا القيصرية، لم يكُن آل عُثمان في حاجة إلى إجراء أية تحالُفات مع الجانب البريطاني، فالمصالح البريطانية جعلتهم أعز أصدقاء قبل طرح فكرة التحالف من الأساس.

لم تكُن للإمبراطورية الفرنسية نفس المخاوف، لذا رأت الدولة العُثمانية أن من الحكمة إعطاء بعض الامتيازات لفرنسا في سبيل حفظ مصالحها ورعاياها، بالإضافة إلى ضمها لتكون من دول الحُلفاء، وهذه تُعد معلومة من أهم المعلومات عن حرب القرم، فأطراف الحرب تشكلت.

كان الجانب الروسي وحيدًا ضد الدولة العثمانية التي وقف في صفها الإمبراطورية الإنجليزية لتحقيق المصالح المُشتركة، الإمبراطورية الفرنسية ومملكة سردينيا في سبيل نيل بعض الامتيازات، بالإضافة إلى الإيالة المصرية والتونسية، وهما ما كانا يُشكلان بالفعل مُقاطعات خاضعة للحُكم العُثماني.

من أبرز المعلومات عن حرب القرم بشكل خاص والصراع الروسي العُثماني في العموم أن بريطانيا كانت ناصب الفخاخ الأول لأبناء قيصر، فكان القيصر نيقولا الأول مُتعصبًا دينيًا للطائفة الأرثوذكسية، ورأى في توطيد العلاقات بين الجانب البريطاني والعُثماني سياسية تتبعها الدولة العُثمانية لتعزيز قوتها.

لذا عرض نيقولا الأول على السفير البريطاني في مدينة سانت بطرسبرغ اقتسام الدولة العُثمانية، أو مُحاولة تقليم أطرافها بعض الشيء، فأبدى السفير البريطاني موافقته، ولم يكُن يعلم الجانب الروسي أنها مكيدة مُدبرة، فالسفير الفرنسي أطلع العُثمانيين على حقيقة النوايا الروسية.

أبدى القيصر الروسي استغرابه من وقوف بريطانيا المسيحية مع الدولة العُثمانية الإسلامية ضد الإمبراطورية الروسية، فقرر مُحاربة آل عُثمان وحده، وكان يرى في هذا النزاع فُرصة سهلة للفوز على الدولة العُثمانية ونيل بعض المكاسب على الأقل كالامتيازات، وهُنا قام العُمانيون بتنازلات للجانب الفرنسي بمنح امتيازات للكاثوليك عام 1852م.

بحث روسي عن سبب لإشعال الفتيل الأول

منح الدولة العُثمانية الامتيازات للمسيحيين من الطائفة الكاثوليكية أثار حفيظة الأرثودوكسي المُتعصب نيقولا الأول، وهو المُبرر الرئيسي الذي رأت فيه روسيا سببًا لإعلان الحرب بشكل رسمي وكامل على الدولة العُثمانية، فكان الإمبراطور يرغب في كون السيادة على الأماكن المُقدسة في فلسطين للأرثوذوكس وليس للكاثوليك.

أرسل قيصر روسيا بعثة دبلوماسية برئاسة وزير البحرية منشكوف، وذلك لطلب امتيازات للرعايا الأرثوذكس، وكانت المطالب أن يكون لهم الحق الكامل في التصرف بمفتاح كنيسة المهد، بالإضافة إلى النجم الذي وضعه الأرثوذكس في المكان الذي يُمثل ولادة سيدنا عيسى عليه السلام.

كما طلب إصدار الدولة العُثمانية لأمر إنشاء القُبة الكُبرى لكنيسة القيامة بواسطة بطريركية الروم الأرثوذكس دون تدخل أو مُشاركة للكاثوليك، بالإضافة إلى كون كافة الأرثوذكس الذين فاق عددهم 10 مليون في الدولة العُثمانية تحت الحماية الروسية، وغيرها من المطالب مثل عزل وزير الخارجية العُثماني.

في واقع الأمر كان السبب الرئيسي في هذه الاتفاقات هو إيجاد الجانب الروسي لسبب يجعلهم يُعلنون الحرب بشكل رسمي وبدوافع حقيقية على الدولة، لذا أرسلت بريطانيا وفدًا من أبرز دبلوماسيها بقيادة السير ستراتفورد لإحباط هذه المساعي والرغبات الروسية، كما أرسلت فرنسا أسطولها المائي للعمل على تحويل الخلاف بين الروس والعُثمانيين من مذهبي إلى سياسي، وقد كان.

أقنع الجانبين الفرنسي والبريطاني الدولة العُثمانية بإصدار فرمان يُفيد الموافقة على المطالب الروسية فيما يتعلق بالأماكن المُقدسة في القدس، مما أضاع على روسيا حجة بدء الحرب بدافع ديني ومذهبي، ولكن منشكوف أغراه قبول المطالب العُثمانية وطلب إعلان استقلال الجبل الأسود، وهو ما اعتبره الجانبين البريطاني والعُثماني اعتداء صريح على السُلطان العُثماني وقوبل بالرفض.

دق طبول حرب القرم

هذا الرفض أغضب منشكوف، لذا قام بإرسال رسالة تهديد وإنذار إلى الحكومة في الأستانة أو إسلامبول يطلب فيها اعتراف السُلطان العُثماني بحق الروس في حماية الأرثوذكس حماية مُطلقة غير مُقيدة، وقد أعطى مُهلة للدولة العثمانية في سبيل الرد، ولكن قوبل هذا الطلب بالرفض القاطع.

رحل منشكوف من أراضي الدولة العُمانية مُصطحبًا معه كافة السلك الدبلوماسي الروسي من إستانبول، ما يعني أنه قطع العلاقة الدبلوماسية بين البلدين، وهي إشارة للاستعداد للحرب وبدئها، وبالفعل بدأت في الثالث من يوليو تموز 1853م، ومن أبرز المعلومات عن حرب القرم أنها بدأت بعد سلسلة معارك.

فالحرب التي بدأت في تموز كانت في أوروبا، بالتحديد بمنطقة البلقان، وذلك على إثر احتلال الروسيين لرومانيا التابعة للدولة العُثمانية، بجيش بلغ تعداده 35 ألف جُندي، ولكن روسيا أبلغت الجانب الأوروبي أن هذا التصرف رد فعل على رفض طلب العُثمانيين للحقوق الأرثوذكسية وليس إعلانًا للحرب.

تحركت القوات العُمانية لصد التعدي الروسي على أراضيها وألحقت بالجيش الروسي هزيمة شنعاء بقيادة عُمر باشا على نهر الدانوب، ومن المعلومات عن حرب القرم التي ذكرها التاريخ كون الدولة العُثمانية دفعت بريطانيا وفرنسا للدخول في الحرب بتدبيرها إرسال مجموعة من الأسطول البحري العُثماني إلى البحر الأحمر، وكانت سُفن متهالكة قضى عليها الروس.

استشهد من الجانب العُثماني إثر هذه الحادثة المُدبرة ألفي جُندي، وهوة ما جعل الصحافة في البلدين الروسي والفرنسي تُحذر من الخطر الروسي، فعرض الإمبراطور نابليون الثالث الوساطة إنهاء القتال، والقيصر الروسي رفض قائلًا ” أشعر أن يد السلطان على خدي” ذلك على إثر هزيمة الروس في رومانيا.

اقرأ أيضًا: لماذا سمي الاتحاد السوفيتي بهذا الاسم

اتفاق ثُلاثي على قتل الدب الروسي

اتفقت فرنسا وبريطانيا مع الدولة العُثمانية على الحرب ضد روسيا، ووقعا اتفاقية تُفيد عدم صلح أحد الدول بشكل مُنفرد مع روسيا، بالإضافة إلى مُشاركة الوحدات الفرنسية والإنجليزية في الحرب بالخضوع لقوانين العُثمانيين.

على الرغم من نشوب عِدة معارك إلا أن ما جاء في المعلومات عن حرب القرم أن المعركة الأهم كانت سيفاستوبول البحرية التي استمرت عام كامل، وانتهت بسيطرة الأسطول الثُلاثي على شبه جزيرة القرم بعد اشتباكات رئيسية في نهر ألما، وتوفى بعدها القيصر نيقولا، فورثه ابنه ألكسندر الثاني الذي أعلن التفاوض للسلام، وتم إعلان روسيا خاسرة.

بعد انتهاء الحرب أصدر السُلطان العُثماني فرمان باسم المرسوم الهمايوني للإصلاحات، وتم فيه الاعتراف بحقوق الأقليات الدينية في الدولة العُمانية لكسب الرأي العام الأوربي، وفيه اعترف بالمساواة بين جميع الرعاية وتجريم التقليل من المسيحيين، بالإضافة إلى تجنيدهم في الجيش وإلغاء الجزية مع دفع غير الراغبين في أداء الخدمة العسكرية بدل نقدي.

تم على إثر ذلك إقامة مُعاهدة باريس، وهي المُعاهدة التي جاء فيها عِدة قرارات أبرزها:

  • فتح نهر الدانوب للشحن الدولي بشكل حُر الملاحة.
  • الإعلان عن كون البحر الأسود مُحايدًا.
  • تسليم روسيا جنوب بيسارابيا عند مصب الدانوب.

هذه القوانين كانت كارثية بالنسبة للروس، فدفعتها إلى سحب السفن الحربية خاصتها منه إلى بحر البلطيق، ليُصبح البحر الأسود بُحيرة عُثمانية بشكل فعلي وقانوني، وهي شروط قبلت بها روسيا بعد تهديد النمسا انضمامها للحُلفاء.

من الجدير بالذكر أن أكثر المعلومات عن حرب القرم ثباتًا في الأذهان هي الدوافع التونسية في المُشاركة في هذه الحرب، فالسبب فيها كان استعراض الجيش التونسي على الفرنسيين لجعلهم يمتنعون عن استعمارها كما جرى مع جارتها الجزائر.

قد يعجبك أيضًا