اين ولد نابليون بونابرت؟ وما هي قصته سيادته وسيطرته على فرنسا؟ وما هي الإصلاحات المختلفة التي قام بها متخللة فترات حروبه التي أظهرت بسالته الكبيرة في فنون القتال؟ من أكثر الأسئلة التي ظلت صفحات التاريخ تحكي عنها وتتناقلها عبر الأجيال إلى اليوم، لذا كان من الضروري إحياء سيرته مرة أخرى والتعرف على جهوده المختلفة نحو الإمبراطورية، وهو ما سوف نتعرف عليه باستفاضة من خلال موقع جربها.
اين ولد نابليون بونابرت
بالرغم من أن معظم عائلة نابليون إيطالية الأصل إلا أن ما يُثير الانتباه بالإجابة عن تساؤل اين ولد نابليون بونابرت نجد أنه ولد في فرنسا في إقليم جزيرة كورسيكا وكان ذلك في الخامس عشر من أغسطس عام ١٧٦٩، حيث قامت فرنسا بغزو كورسيكا واحتلالها قبل ميلاد نابليون بونابرت بسنة واحدة.
اقرأ أيضًا: تاريخ أوروبا في العصور الوسطى
حياة نابليون بونابرت
بعد أن ذكرنا اين ولد نابليون بونابرت نذكر أنه على الرغم من أن سكان كورسيكا بعد الاحتلال كان يُعتبرون مواطنين فرنسيين إلا أن نابليون اعتبر نفسه مواطن إيطالي ذو عداء شديد للاحتلال الفرنسي منذ ميلاده وحتى شبابه.
كان نابليون كارهًا لوالده كارلو بونابرت مُعتبره خائنًا لأنه كان متعاونًا مع الفرنسيين وخاصة بعدما سافر إلى فرنسا لمواصلة عمله كنائب عن البرلمان الكورسيكي، وهناك ازداد انبهاره بالحضارة الفرنسية وتغير تفكيره كثيرًا حول هويته وانتمائه حتى أصبح حلم حياته أن يصبح أولاده من نبلاء وشجعان فرنسا.
اتجه كارلو نحو تحقيق حلمه فقام بإدخال نابليون مدرسة داخلية إلزامية في العاشرة من عمره وكانت مدتها خمسة سنوات، وكان طوال تلك المدة وحيدًا يتعرض للتنمر الشديد من قبل جميع الطلاب نظرًا للهجته الإيطالية الغريبة عنهم، وازداد شعوره بأنه غريبًا عنهم بجذوره الكورسيكية.
التحق نابليون بعد ذلك بالمدرسة العسكرية في باريس وتخرج منها بعمر السادسة عشر مرتقيًا إلى رُتبة مُلازم ثاني في الجيش الفرنسي، وإحباطه الشديد للارتقاء إلى الرتب العالية في الجيش الفرنسي دفعه لاستغلال فنونه القتالية البارعة نحو تحقيق انتصار عظيم يُذكر لفرنسا تجعله يرتقي للرتب العالية.
إصلاحات نابليون بونابرت
هناك العديد من الإنجازات والإصلاحات التي قام نابليون بونابرت بتحقيقها على مدار حياته ومن تلك الإنجازات يُمكن إجمال ما يلي:
1- إصلاحات نابليون العسكرية
بالرجوع إلى إجابة سؤال اين ولد نابليون بونابرت علينا أن نعلم سبب نشأته بارعًا في فنون القتال، ومن أهم إنجازاته العسكرية ما يلي:
- الاندفاع نحو تحقيق العديد من الفتوحات والانتصارات في العديد من المعارك بدءًا من تخرجه من المدرسة العسكرية والتحاقه بالجيش وحتى وفاته.
- الاهتمام الكبير ببناء جيش قوي بارع في فنون القتال وكان ذلك من أكثر ما يُشغل باله، لذا عمل على دعم الجيش وحثه بشكل دائم على التطوير من قدراتهم العسكرية وبذل قصارى جهودهم في المعارك المختلفة للتمكن من الوصول إلى أرقى الأماكن في أوروبا.
- رفع همة الجيش وتحفيزهم بشكل كبير، ومن أكثر عباراته الشهرية قوله للجيش باستمرار “إذا تعرضّ أحدكم للخطر سأكون أولكم في المقدمة” وغيرها من العبارات التي جعلتهم ينطلقون خلفه لتحقيق العديد من الانتصارات نتيجة لقوله لهم: “أن انتصاركم يعني الرفع من مجد فرنسا وحل الأزمات الاقتصادية“
- قام بتقسيم الجيش إلى عدة أقسام لتحفيز الجميع على الانضمام للقسم الشرقي الذي خصصه لمن يعمل على إثبات جدارته وكفاءته في القتال.
- عمل على فتح الباب أمام الجنود وتمكينهم من الارتقاء إلى الرتب العليا في الجيش بما فيها رتبة جنرال.
2- إصلاحات في المجال الاقتصادي
اهتم نابليون اهتمامًا كبيرًا بدعم اقتصاد فرنسا للنهوض بها، وقام بتحقيق ذلك من خلال الآتي:
- عمل بشكل كبير على القضاء على الأزمات الاقتصادية السائدة وحلها، حيث قام بإنشاء العديد من البنوك المركزية إلى جانب العديد من المصانع المختلفة.
- قام بتخصيص مجموعة من الموظفين الأكفاء المعروف عنهم أمانتهم الشديدة وذلك لمُراقبة ومُتابعة المراحل المُختلفة لجمع الضرائب.
- قام باختيار نخبة من الموظفين ذو الكفاءات العالية للنهوض باقتصاد البلاد.
- عمل على النهوض بكافة مراحل الإنتاج المحلية بفرض الجمارك على كافة البضائع المُستوردة.
3- إنجازات في المجال التعليمي
تميز عهد نابليون بونابرت بحدوث نهضة كبيرة في المجال التعليمي حيث عمل علي:
- إعادة وضع مناهج جديدة بشكل يدعم تنمية قدرات الطلاب.
- فرض الرقابة على جميع المراحل التعليمية ووضع الضوابط والقيود حول كيفية اختيار المعلمين ذو قدرات تدريس عالية كما خصص لهم معاشًا شهريًا.
- عمل على إنشاء مجموعات مخصصة للطلاب الموهوبين.
- قام بالفصل بين العملية التعليمية وبين الدين بما يُشير إلى تبعية المدارس للدولة وليس للمنظمات الدينية.
- توسع في إنشاء شبكات تعليمية لمختلف المراحل.
4- الإصلاحات المتعلقة بالمجالات الأخرى
توسعت إصلاحات نابليون بونابرت حيث شملت مختلف المجالات الأخرى، ويُمكن إجمال بعضها فيما يلي:
- اهتم بالأحوال الدينية فعمل على إزالة جميع العبادات الغريبة التي جاءت بها الثورة وإجراء صلح الكونكوردات مع بابا الكنيسة الكاثوليكية مُلبيًا مطالب الشعب الدينية، مما عمل على الفصل الدين عن الدولة بسن العديد من القوانين المدنية التي أطلق عليها اسم “الشرائح النابليونية”.
- عمل على فرض قانون المساواة، مُنذرًا بأن الجميع متساوون أمام القانون بغض النظر عن طبقاتهم الاجتماعية.
- له العديد من الإصلاحات القضائية الأخرى فقام بإصدار العديد من القوانين الجديدة التي تكفل جميع الحقوق الدينية والاجتماعية والاقتصادية على مبادئ المُساواة والتسامح.
- لم يغفل بمجال الزراعة حيث امتدت إصلاحاته لتشمل المجال الزراعي فقام بتنظيم العمليات الزراعية وتوزيعها على مختلف المناطق الزراعية طبقًا للمناخ السائد بها.
- قام بتقسيم فرنسا إلى عدة أقسام مختلفة وعين محافظ لكل لإدارة كل قسم مما أدى إلى إلغاء جميع أشكال الحكم الذاتي، واتباع منهجيات الأنظمة المركزية واللامركزية فيما يتعلق بإدارة الحكم في الأقسام المحلية المختلفة.
اقرأ أيضًا: تاريخ أوروبا في العصور الوسطى وأهم عوامل سقوط العصر الإقطاعي
معارك وحروب عهد نابليون
هناك العديد من الحروب التي عاصرها نابليون بونابرت في عهده ومن أشهر تلك الحروب هي سلسلة الحروب النابليونية التي امتدت إلى ما يقترب من 12 عامًا بدءًا من تولي نابليون بونابرت مقاليد الحكم في فرنسا واشتعال العديد من الثورات والحروب الفرنسية، وهناك العديد من المعارك الرئيسية الواقعة ضمن سلسلة الحروب النابليونية، ومنها يُمكن إجمال ما يلي:
1- معركة الأهرامات (21 يوليو 1798)
كانت تُمثل بداية الغزو الفرنسي وعرفت باسم موقعة إمبابة وحدثت بالقرب من القاهرة وكان نابليون بونابرت وقتها جنرالًا في الجيش الفرنسي، وقام بالانتصار الساحق على قوات المماليك وتدمير شبه كامل للجيش المصري وفراره هاربًا إلى صعيد مصر بقيادة مراد بك، وسميت بمعركة الاهرامات لوقوعها بجوار أهرامات الجيزة، وانتهت بدخول نابليون بونابرت لدولة القاهرة وتأسيس بعض الإدارات والقوانين الجديدة.
2- موقعة مارينغو (14 يونيو 1800)
كانت بداية لسلسلة التحالفات التي قادتها فرنسا بقيادة نابليون بونابرت والذي حقق فيها انتصارًا عظيمًا مُنهيًا بذلك حرب التحالف الثاني.
3- حرب الطرف الأغر (21 أكتوبر 1805)
تعتبر أحد المواقع البحرية التي خاضها الأسطول الفرنسي متحالفًا مع الأسطول الإسباني بقيادة الأدميرال بيبر شارلز ضد الأسطول البريطاني، ونشبت تلك المعركة بمحاولة نابليون بونابرت تشتيت الأسطول البريطاني إلى الجزر الغربية حتى تتيح له فرصة غزو إنجلترا.
عندما فشل في تحقيق ذلك تحالف مع الأسطول الإسباني لشن هجمات عليه، وعلى الرغم من ذلك إلا أنه انهزم في تلك المعركة وانتهت باستيلاء الأسطول البريطاني وهيمنته على ما يقرب من نصف سفن الأسطول الفرنسي والإسباني.
4- معركة أوسترليتز (2 ديسمبر 1805)
تعتبر تلك المعركة من أعظم الانتصارات الحاسمة التي حققها نابليون، حيث تمكنت الجيوش الفرنسية بقيادته تحقيق انتصار عظيم على الجيوش الروسية والنمساوية على الرغم من كثرة عددها، وتُمثل تلك الواقعة نهائية حاسمة وساحقة لحرب التحالف الثالث.
5- معركة بورودينو (7 سبتمبر 1812)
تُعتبر واحدة من ضمن سلسلة الغزو الفرنسي لروسيا وانتهت بتحقيق الانتصار للجيوش الفرنسية بقيادة نابليون المتحالفة مع إيطاليا بقيادة النائب يوجين، وتعتبر من أكثر المعارك الدموية التي شهدتها الحروب النابليونية كافة وتأثر نابليون تأثرًا كبيرًا بتلك المعركة قائلًا:
“إن أسوأ معركة خضتها في حياتي كانت تلك التي وقعت قرب موسكو. لقد أظهر الفرنسيون أنفسهم بمظهر مستحقي النصر، لكن الروس أظهروا أنفسهم بمظهر غير المقهورين”.
6- معركة ليني (16 يونيو 1815)
كانت تلك الموقعة تُمثل الانتصار الأخير لنابليون بونابرت في حياته العسكرية، واستمرت تلك المعركة إلى ما يقترب من 6 ساعات انتصرت فيها جيوش نابليون على الجيش البروسي.
اقرأ أيضًا: في أي دولة توجد مدينة موناكو
7- معركة واترلو (18 يونيو 1815)
تعتبر واقعة حاسمة لحرب التحالف السابع ونتج عنها تغير كبير في أوروبا، وتعتبر آخر معركة خاضها نابليون بونابرت ولكنه مع الأسف ولسوء الحظ الشديد هُزم بها هزيمة ساحقة.
إن الإجابة عن سؤال اين ولد نابليون بونابرت تُرجعنا إلى جذوره الكورسيكية ودورها في تحقيقه العديد من الإصلاحات والانتصارات على مدار حياته العسكرية والمهنية.