أبيات شعر للمتنبي عن عزة النفس

أبيات شعر للمتنبي عن عزة النفس تعكس أهمية ومكانة النفس والكرامة للإنسان، فقد يموت في سبيل الحفاظ على كرامته ولكي يحفظ نفسه من التقليل أو الإهانة، فقد كان المتنبي أبرز من كتب في هذا الأمر، لذا سوف نعرض لكم من خلال موقع جربها سوف نتعرف على أبيات شعر للمتنبي عن عزة النفس بشيء من التفصيل.

أبيات شعر للمتنبي عن عزة النفس

عزة النفس هي أهم ما يملكه الإنسان، فهي تشير على أن يعلم الإنسان قيمة نفسه وأن يحدد لها حدود لا يمكن لأحد أن يتخطاها، ويعد المتنبي هو أفضل من أطلق أبيات تشير إلى عزة النفس

، فقد كانت العزة والكرامة هي الأساس التي قام الشعراء بالحديث عنه في قصائدهم الشعرية، فقد كان العصر الجاهلي وعصر الدولة العباسية من العصور المتميزة في الشعر والتي انتشر فيها هذا النوع من الأبيات

اسمه أحمد بن الحسين الجعفي الكندي الكوفي وأطلق عليه لقب المتنبي وشاعر العرب، فهو من أفضل الشعراء ويعد من أحد أبرز مفاخر الأدب العربي، فقد قدم العديد من القصائد والأحكام والامثال، فقد ولد المتنبي في الكوفة وقد نشأ في الشام عام (303هـ-354هـ/915م-965م) ولكنه قام بالانتقال إلى البادية لكي يكمل دراسته حتى يتعلم الأدب، وقد قام باللقاء الشعر منذ أن كان صبيًا.

فقد كان من أكثر الشعراء تمكنًا في اللغة العربية وأبرز من يعلم بقواعد هذه اللغة، ومازال شعره يتم تعليمه إلى الأن في المدارس والجامعات وهذا يدل على القيمة الشعرية الذي يتميز بها هذا الشخص، وفي السطور التالية سوف نتعرف على أبرز أبيات شعر للمتنبي عن عزة النفس عن عزة النفس.

1- قصيدة لهوى النفوس سريرة لا تعلم

لِهَوى النُفوسِ سَريرَةٌ لا تُعلَمُ

عَرَضاً نَظَرتُ وَخِلتُ أَنّي أَسلَمُ

 

يا أُختَ مُعتَنِقِ الفَوارِسِ في الوَغى

لَأَخوكِ ثَمَّ أَرَقُّ مِنكِ وَأَرحَمُ

 

يَرنو إِلَيكِ مَعَ العَفافِ وَعِندَهُ

أَنَّ المَجوسَ تُصيبُ فيما تَحكُمُ

 

راعَتكِ رائِعَةُ البَياضِ بِعارِضي

وَلَوَ أَنَّها الأولى لَراعَ الأَسحَمُ

 

لَو كانَ يُمكِنُني سَفَرتُ عَنِ الصِبا

فَالشَيبُ مِن قَبلِ الأَوانِ تَلَثُّمُ

 

وَلَقَد رَأَيتُ الحادِثاتِ فَلا أَرى

يَقَقاً يُميتُ وَلا سَواداً يَعصِمُ

 

وَالهَمُّ يَختَرِمُ الجَسيمَ نَحافَةً

وَيُشيبُ ناصِيَةَ الصَبِيِّ وَيُهرِمُ

 

ذو العَقلِ يَشقى في النَعيمِ بِعَقلِهِ

وَأَخو الجَهالَةِ في الشَقاوَةِ يَنعَمُ

 

وَالناسُ قَد نَبَذوا الحِفاظَ فَمُطلَقٌ

يَنسى الَّذي يولى وَعافٍ يَندَمُ

 

لا يَخدَعَنَّكَ مِن عَدُوٍّ دَمعُهُ

وَاِرحَم شَبابَكَ مِن عَدُوٍّ تَرحَمُ

 

لا يَسلَمُ الشَرَفُ الرَفيعُ مِنَ الأَذى

حَتّى يُراقَ عَلى جَوانِبِهِ الدَمُ

 

يُؤذي القَليلُ مِنَ اللِئامِ بِطَبعِهِ

مَن لا يَقِلُّ كَما يَقِلُّ وَيَلؤُمُ

 

الظُلمُ مِن شِيَمِ النُفوسِ فَإِن تَجِد

ذا عِفَّةٍ فَلِعِلَّةٍ لا يَظلِمُ

 

يَحمي اِبنَ كَيغَلَغَ الطَريقَ وَعِرسُهُ

ما بَينَ رِجلَيها الطَريقُ الأَعظَمُ

 

أَقِمِ المَسالِحَ فَوقَ شُفرِ سُكَينَةٍ

إِنَّ المَنِيَّ بِحَلقَتَيها خِضرِمُ

 

وَاِرفُق بِنَفسِكَ إِنَّ خَلقَكَ ناقِصٌ

وَاِستُر أَباكَ فَإِنَّ أَصلَكَ مُظلِمُ

 

وَغِناكَ مَسأَلَةٌ وَطَيشُكَ نَفخَةٌ

وَرِضاكَ فَيشَلَةٌ وَرَبُّكَ دِرهَمُ

 

وَاِحذَر مُناواةَ الرِجالِ فَإِنَّما

تَقوى عَلى كَمَرِ العَبيدِ وَتُقدِمُ

 

وَمِنَ البَليَّةِ عَذلُ مَن لا يَرعَوي

عَن غَيِّهِ وَخِطابُ مَن لا يَفهَمُ

 

يَمشي بِأَربَعَةٍ عَلى أَعقابِهِ

تَحتَ العُلوجِ وَمِن وَراءٍ يُلجَمُ

 

وَجُفونُهُ ما تَستَقِرُّ كَأَنَّها

مَطروفَةٌ أَو فُتَّ فيها حِصرِمُ

 

وَإِذا أَشارَ مُحَدِّثاً فَكَأَنَّهُ

قِردٌ يُقَهقِهُ أَو عَجوزٌ تَلطِمُ

 

يَقلي مُفارَقَةَ الأَكُفِّ قَذالُهُ

حَتّى يَكادَ عَلى يَدٍ يَتَعَمَّمُ

 

وَتَراهُ أَصغَرَ ما تَراهُ ناطِقاً

وَيَكونُ أَكذَبَ ما يَكونُ وَيُقسِمُ

 

وَالذُلُّ يُظهِرُ في الذَليلِ مَوَدَّةً

وَأَوَدُّ مِنهُ لِمَن يَوَدُّ الأَرقَمُ

 

وَمِنَ العَداوَةِ ما يَنالُكَ نَفعُهُ

وَمِنَ الصَداقَةِ ما يَضُرُّ وَيُؤلِمُ

 

أَرسَلتَ تَسأَلُني المَديحَ سَفاهَةً

صَفراءُ أَضيَقُ مِنكَ ماذا أَزعُمُ

 

أَتُرى القِيادَةَ في سِواكَ تَكَسُّباً

يا اِبنَ الأُعَيِّرِ وَهيَ فيكَ تَكَرُّمُ

 

فَلَشَدَّ ما جاوَزتَ قَدرَكَ صاعِداً

وَلَشَدَّ ما قَرُبَت عَلَيكَ الأَنجُمُ

 

وَأَرَغتَ ما لِأَبي العَشائِرِ خالِصاً

إِنَّ الثَناءَ لِمَن يُزارَ فَيُنعِمُ

 

وَلِمَن أَقَمتَ عَلى الهَوانِ بِبابِهِ

تَدنو فَيُوجأُ أَخدَعاكَ وَتُنهَمُ

 

وَلِمَن يُهينُ المالَ وَهوَ مُكَرَّمٌ

وَلِمَن يَجُرُّ الجَيشَ وَهوَ عَرَمرَمُ

 

وَلِمَن إِذا اِلتَقَتِ الكُماةُ بِمازِقٍ

فَنَصيبُهُ مِنها الكَمِيُّ المُعلَمُ

 

وَلَرُبَّما أَطَرَ القَناةَ بِفارِسٍ

وَثَنى فَقَوَّمَها بِآخَرَ مِنهُمُ

 

وَالوَجهُ أَزهَرُ وَالفُؤادُ مُشَيَّعٌ

وَالرُمحُ أَسمَرُ وَالحُسامُ مَصَمِّمُ

 

أَفعالُ مَن تَلِدُ الكِرامُ كَريمَةٌ

وَفَعالُ مَن تَلِدُ الأَعاجِمُ أَعجَمُ

بعد أن ذكرنا أبيات شعر للمتنبي عن عزة النفس، سوف نتعرف على مناسبة هذه القصيدة، حيث إن المتنبي قد سافر من الرملة إلى انطاكية ونزل في طرابلس في لبنان، وهذا المكان كان يوجد به (أبو إسحاق الأعور إبراهيم) وكان جاهلًا كان يجلس مع ثلاثة من بني حيدرة، قد أقنعوه أن المتنبي لم يمدحه بغرض التقليل من مكانته ولكي يستصغره.

أخذوا يبثون العديد من الأمور الغير سليمة لأبو إسحاق حتى طلب المتنبي لكي يمدحه، ولكن المتنبي رفض وأحتج الا يمدح أحد إلا مدة، لذلك عاقبه أبو إسحاق فعاقبه على ذلك وكان ينتظر انقضاء هذه المدة، حتى مات 3 رجال خلال 40 يومًا.

بعد أن انتهي فصل الشتاء في دمشق وذاب الثلج أخذ أبو الطيب فرسه وتوجه به إلى دمشق، فقام كيغلغ خيلًا ولكن يصاحبه رجل آخر لكي يلحقوا أبو الطيب لكنهم لم يتمكنوا من القيام بذلك، وبعد ذلك قام أبو الطيب بسرد هذه القصيدة العربية وتعد من أروع القصائد العربية، وكانت هذه الأبيات من أبرز أبيات شعر للمتنبي عن عزة النفس.

اقرأ أيضًا: شعر للمتنبي عن الحب

2-  قصيدة إذا غامرت في شرف مروم

إِذا غامَرتَ في شَرَفٍ مَرومٍ

فَلا تَقنَع بِما دونَ النُجومِ

 

فَطَعمُ المَوتِ في أَمرٍ صَغيرٍ

كَطَعمِ المَوتِ في أَمرٍ عَظيمِ

 

سَتَبكي شَجوَها فَرَسي وَمُهري

صَفائِحُ دَمعُها ماءُ الجُسومِ

 

قَرَبنَ النارَ ثُمَّ نَشَأنَ فيها

كَما نَشَأَ العَذارى في النَعيمِ

 

 

وَفارَقنَ الصَياقِلَ مُخلَصاتٍ

وَأَيديها كَثيراتُ الكُلومِ

 

يَرى الجُبَناءُ أَنَّ العَجزَ عَقلٌ

وَتِلكَ خَديعَةُ الطَبعِ اللَئيمِ

 

وَكُلُّ شَجاعَةٍ في المَرءِ تُغني

وَلا مِثلَ الشَجاعَةِ في الحَكيمِ

 

وَكَم مِن عائِبٍ قَولاً صَحيحاً

وَآفَتُهُ مِنَ الفَهمِ السَقيمِ

 

وَلَكِن تَأخُذُ الآذانُ مِنهُ

عَلى قَدرِ القَرائِحِ وَالعُلومِ

تعد هذه القصيدة من أشهر أبيات شعر للمتنبي عن عزة النفس، فقد روى أبو الطيب هذه القصيدة بعد أن ترك الرملة لكي يتوجه إلى انطاكية، وأثناء ذلك قام بالمرور على بعلبك، التي كان يتواجد فيها ابن العسكر لذلك قد نزل فترة فيها وجلس في منزله، لذلك أطلق هذه القصيدة بغرض مدح أخلاقه وعزة نفسه.

أثناء إقامته هجم الإخشيديون من قبل بانس المؤنس، وكان في الأبيات التالية ينصح كل إنسان أنه عندما يطلب الشرف لا يعني ذلك أن يقلل من نفسه أو يقبل بما هو أقل، فإن المغامرة تشير إلى الوقوع في العديد من المهالك، ويشير إلى ذلك أن موت الإنسان واحد في جميع الحالات أي لا يكون الموت حقيرًا أو عظيمًا حسب المطلب التي يطلبه الإنسان.

تعد من أشهر لذلك يجب أن تطلب أسمى الأمور، بوجهه عام ينصح المتنبي الإنسان بضرورة السعي وراء أحلامه والاجتهاد من أجل الوصول إليها وألا يقبل الهزيمة في أي حال من الأحوال ولكن يجب أن يكون ذلك في إطار الحفاظ على الكرامة وعزة النفس، كما يقلل من الموت ويستهين به فمهما كانت الأسباب التي تؤدي إلى الموت فإنه واحد في جميع الحالات، وكانت هذه مناسبة القصيدة وذلك في سياق عرضنا أبيات شعر للمتنبي عن عزة النفس.

اقرأ أيضًا: شعر عن حب الوطن للمتنبي

3- قصيدة أطاعن خيلًا

أُطاعِنُ خَيلاً مِن فَوارِسِها الدَهرُ

وَحيداً وَما قَولي كَذا وَمَعي الصَبرُ

 

وَأَشجَعُ مِنّي كُلَّ يَومٍ سَلامَتي

وَما ثَبَتَت إِلّا وَفي نَفسِها أَمرُ

 

تَمَرَّستُ بِالآفاتِ حَتّى تَرَكتُها

تَقولُ أَماتَ المَوتُ أَم ذُعِرَ الذُعرُ

 

وَأَقدَمتُ إِقدامَ الأَتِيِّ كَأَنَّ لي

سِوى مُهجَتي أَو كانَ لي عِندَها وِترُ

 

ذَرِ النَفسَ تَأخُذ وُسعَها قَبلَ بَينِها

فَمُفتَرِقٌ جارانِ دارُهُما العُمرُ

 

وَلا تَحسَبَنَّ المَجدَ زِقّاً وَقَينَةً

فَما المَجدُ إِلّا السَيفُ وَالفَتكَةُ البِكرُ

 

وَتَضريبُ أَعناقِ المُلوكِ وَهامِها

لَكَ الهَبَواتُ السودُ وَالعَسكَرُ المَجرُ

 

وَتَركُكَ في الدُنيا دَوِيّاً كَأَنَّما

تَداوَلُ سَمعَ المَرءِ أَنمُلُهُ العَشرُ

 

إِذا الفَضلُ لَم يَرفَعكَ عَن شُكرِ ناقِصٍ

عَلى هِبَةٍ فَالفَضلُ فيمَن لَهُ الشُكرُ

 

وَمَن يُنفِقِ الساعاتِ في جَمعِ مالِهِ

مَخافَةَ فَقرٍ فَالَّذي فَعَلَ الفَقرُ

 

عَلَيَّ لِأَهلِ الجَورِ كُلُّ طِمِرَّةٍ

عَلَيها غُلامٌ مِلءُ حَيزومِهِ غِمرُ

 

يُديرُ بِأَطرافِ الرِماحِ عَلَيهِمِ

كُؤوسَ المَنايا حَيثُ لا تُشتَهى الخَمرُ

 

وَكَم مِن جِبالٍ جُبتُ تَشهَدُ أَنَّني ال

جِبالُ وَبَحرٍ شاهِدٍ أَنَّني البَحرُ

 

وَخَرقٍ مَكانُ العيسِ مِنهُ مَكانُنا

مِنَ العيسِ فيهِ واسِطُ الكورِ وَالظَهرُ

 

يَخِدنَ بِنا في جَوزِهِ وَكَأَنَّنا

عَلى كُرَةٍ أَو أَرضُهُ مَعَنا سَفرُ

 

وَيَومٍ وَصَلناهُ بِلَيلٍ كَأَنَّما

عَلى أُفقِهِ مِن بَرقِهِ حُلَلٌ حُمرُ

 

وَلَيلٍ وَصَلناهُ بِيَومٍ كَأَنَّما

عَلى مَتنِهِ مِن دَجنِهِ حُلَلٌ خُضرُ

 

وَغَيثٌ ظَنَنّا تَحتُهُ أَنَّ عامِراً

عَلا لَم يَمُت أَو في السَحابِ لَهُ قَبرُ

 

أَوِ اِبنَ اِبنِهِ الباقي عَلِيَّ بنَ أَحمَدٍ

يَجودُ بِهِ لَو لَم أَجُز وَيَدي صِفرُ

 

وَإِنَّ سَحاباً جَودُهُ مِثلُ جودِهِ

سَحابٌ عَلى كُلِّ السَحابِ لَهُ فَخرُ

 

فَتىً لا يَضُمُّ القَلبُ هِمّاتِ قَلبِهِ

وَلَو ضَمَّها قَلبٌ لَما ضَمَّهُ صَدرُ

 

وَلا يَنفَعُ الإِمكانُ لَولا سَخائُهُ

وَهَل نافِعٌ لَولا الأَكُفُّ القَنا السُمرُ

 

قِرانٌ تَلاقى الصَلتُ فيهِ وَعامِرٌ

كَما يَتَلاقى الهِندُوانِيُّ وَالنَصرُ

 

فَجاءا بِهِ صَلتَ الجَبينِ مُعَظَّماً

تَرى الناسَ قُلّاً حَولَهُ وَهُمُ كُثرُ

 

مُفَدّى بِئاباءِ الرِجالِ سَمَيذَعاً

هُوَ الكَرَمُ المَدُّ الَّذي مالَهُ جَزرُ

 

وَما زِلتُ حَتّى قادَني الشَوقُ نَحوَهُ

يُسايِرُني في كُلِّ رَكبٍ لَهُ ذِكرُ

 

وَأَستَكبِرُ الأَخبارَ قَبلَ لِقائِهِ

فَلَمّا اِلتَقَينا صَغَّرَ الخَبَرَ الخَبَرَ

 

إِلَيكَ طَعَنّا في مَدى كُلِّ صَفصَفٍ

بِكُلِّ وَآةٍ كُلُّ ما لَقِيَت نَحرُ

 

إِذا وَرِمَت مِن لَسعَةٍ مَرِحَت لَها

كَأَنَّ نَوالاً صَرَّ في جِلدِها النِبرُ

 

فَجِئناكَ دونَ الشَمسِ وَالبَدرِ في النَوى

وَدونَكَ في أَحوالِكَ الشَمسُ وَالبَدرُ

 

كَأَنَّكَ بَردُ الماءِ لا عَيشَ دونَهُ

وَلَو كُنتَ بَردَ الماءِ لَم يَكُنِ العِشرُ

دَعاني إِلَيكَ العِلمُ وَالحِلمُ وَالحِجى

 

وَهَذا الكَلامُ النَظمُ وَالنائِلُ النَثرُ

وَما قُلتُ مِن شِعرٍ تَكادُ بُيوتُهُ

 

إِذا كُتِبَت يَبيَضُّ مِن نورِها الحِبرُ

كَأَنَّ المَعاني في فَصاحَةِ لَفظِها

 

نُجومُ الثُرَيّا أَو خَلائِقُكَ الزُهرُ

وَجَنَّبَني قُربَ السَلاطينِ مَقتُها

 

وَما يَقتَضيني مِن جَماجِمِها النَسرُ

وَإِنّي رَأَيتُ الضُرَّ أَحسَنَ مَنظَراً

 

وَأَهوَنَ مِن مَرأى صَغيرٍ بِهِ كِبرُ

لِساني وَعَيني وَالفُؤادُ وَهِمَّتي

 

أَوُدُّ اللَواتي ذا اِسمُها مِنكَ وَالشَطرُ

وَما أَنا وَحدي قُلتُ ذا الشِعرَ كُلَّهُ

 

وَلَكِن لِشِعري فيكَ مِن نَفسِهِ شِعرُ

وَماذا الَّذي فيهِ مِنَ الحُسنِ رَونَقاً

 

وَلَكِن بَدا في وَجهِهِ نَحوَكَ البِشرُ

وَإِنّي وَإِن نِلتُ السَماءَ لَعالِمٌ

 

أَزالَت بِكَ الأَيّامُ عَتبى كَأَنَّما

بَنوها لَها ذَنبٌ وَأَنتَ لَها عُذرُ

 هل سردت القصيدة بغرض مدح على بن عامر في أنطاكية؟

استكمالًا لحديثنا عن أبيات شعر للمتنبي عن عزة النفس، يبدأ المتنبي القصيدة بالاعتزاز في النفس عند قوله أطاعن ولكم يقل أطعن، لأنه يتميز بالشجاعة والمروءة، وهذه القصيدة يسردها المتنبي وكأنه يواجه خصمه وجه لوجه دون أن يغدر به، وهذا يعكس موقف الفارس الشهم الشجاع.

كما كان يشير إلى الأعداء بالجموع وإليه بالمفرد لكي يشير على كثرة الأعداء والأخصام، وبالرغم أن الأبيات كانت في بدايتها هادئة إلا أنه سوف يقوم بتغيير اللهجة لتصبح قوية تشير إلى تحليه بالصبر والمثابرة وقدرته على قهر الأعداء مهما كثروا ولن يتوقف عن ذلك حتى يسلم روحه لبارئها.

حيث يصيح في وجوه الأعداء موضحًا أنه سوف يقهرهم، فهو يملك شيء في أعماقه وهو السعي الحسيس الذي يساعده على بناء المجد، وفي الأبيات التالية يوضح الصلابة والتمرس الذي يتحلى بها وأنه لا يبالي ولا يخشى كثرة الأهوال التي سوف يعاني منها في السطور التالية.

يشير إلى كثرة الأخصام الذي يقاتلهم دون أن يخشى الموت أو يشعر بالخوف من الأهوال والمصاعب الذي سوف يمر بها في حياته.

عندما ذكر التشبيه كان يوضح أن الأهوال والمصاعب تندهش من قوة هذا الفارس الشجاع وأنه كيف يقوم بمقاتلة جيش كامل بمفرده، ثم ينهي قصيدته بحقيقة وهي أن الحياة فانية، لذا يجب على الشخص أن يكون مؤثرًا وأن يترك بصمته أي لا يكون مجرد شخص عابر لم يحقق شيء في حياته.

اقرأ أيضًا: أبيات شعر عن الحب قصيرة

4- قصيدة كم قتيل كما قتلت شهيد

 كَم قَتيلٍ كَما قُتِلتُ شَهيدِ

بِبَياضِ الطُلى وَوَردِ الخُدودِ

 

وَعُيونِ المَها وَلا كَعُيونٍ

فَتَكَت بِالمُتَيَّمِ المَعمودِ

 

دَرَّ دَرُّ الصِبا أأيام تَجريـ

ـرِ ذُيولي بِدارِ أَثلَةَ عودي

 

عَمرَكَ اللَهُ هَل رَأَيتَ بُدوراً

طَلَعَت في بَراقِعٍ وَعُقودِ

 

رامِياتٍ بِأَسهُمٍ ريشُها الهُد

بُ تَشُقُّ القُلوبُ قَبلَ الجُلودِ

 

يَتَرَشَّفنَ مِن فَمي رَشَفاتٍ

هُنَّ فيهِ أَحلى مِنَ التَوحيدِ

 

كُلُّ خَمصانَةٍ أَرَقُّ مِنَ الخَمـ

ـرِ بِقَلبٍ أَقسى مِنَ الجَلمودِ

 

ذاتِ فَرعٍ كَأَنَّما ضُرِبَ العَنـ

ـبَرُ فيهِ بِماءِ وَردٍ وَعودِ

 

حالِكٍ كَالغُدافِ جَثلٍ دَجوجِيـ

ـيٍ أَثيثٍ جَعدٍ بِلا تَجعيدِ

 

تَحمِلُ المِسكَ عَن غَدائِرِها الريـ

ـحُ وَتَفتَرُّ عَن شَنيبٍ بَرودِ

 

جَمَعَت بَينَ جِسمِ أَحمَدَ

وَالسُقـم بَينَ الجُفونِ وَالتَسهيدِ

 

هَذِهِ مُهجَتي لَدَيكِ لِحيني

فَاِنقُصي مِن عَذابِها أَو فَزيدي

 

أَهلُ ما بي مِنَ الضَنى بَطَلٌ

 صيــدَ بِتَصفيفِ طُرَّةٍ وَبِجيدِ

 

كُلُّ شَيءٍ مِنَ الدِماءِ حَرامٌ

شُربُهُ ما خَلا دَمَ العُنقودِ

فَاِسقِنيها فِدىً لِعَينَيكِ نَفسي

 

مِن غَزالٍ وَطارِفي وَتَليدي

شَيبُ رَأسي وَذِلَّتي وَنُحولي

 

وَدُموعي عَلى هَواكَ شُهودي

أَيَّ يَومٍ سَرَرتَني بِوِصالٍ

 

لَم تَرُعني ثَلاثَةً بِصُدودِ

ما مُقامي بِأَرضِ نَخلَةَ إِلّا

 

كَمُقامِ المَسيحِ بَينَ اليَهودِ

مَفرَشي صَهوَةُ الحِصانِ وَلَكِن

 

قَميصي مَسرودَةٌ مِن حَديدِ

لَأمَةٌ فاضَةٌ أَضاةٌ دِلاصٌ

أَحكَمَت نَسجَها يَدا داوُّدِ

 

أَينَ فَضلي إِذا قَنِعتُ مِنَ الدَهـر

بِعَيشٍ مُعَجَّلِ التَنكيدِ

 

ضاقَ صَدري وَطالَ في طَلَبِ الرِز

قِ قِيامي وَقَلَّ عَنهُ قُعودي

 

أَبَداً أَقطَعُ البِلادَ وَنَجمي

في نُحوسٍ وَهِمَّتي في سُعودِ

 

وَلَعَلّي مُؤَمِّلٌ بَعضَ ما أَبلُغُ

بِاللُطفِ مِن عَزيزٍ حَميدِ

 

لِسَرِيٍّ لِباسُهُ خَشِنُ القُط

نِ وَمَروِيُّ مَروَ لِبسُ القُرودِ

 

عِش عَزيزاً أَو مُت وَأَنتَ كَريمٌ

بَينَ طَعنِ القَنا وَخَفقِ البُنودِ

 

فَرُؤوسُ الرِماحِ أَذهَبُ لِلغَيـظ

وَأَشفى لِغِلِّ صَدرِ الحَقودِ

 

لا كَما قَد حَيّتَ غَيرَ حَميدٍ

وَإِذا مُتَّ مُتَّ غَيرَ فَقيدِ

 

فَاِطلُبِ العِزَّ في لَظى وَذَرِ الذُلــلَ

وَلَو كانَ في جِنانِ الخُلودِ

 

يُقتَلُ العاجِزُ الجَبانُ وَقَد

 يَعـجِزُ عَن قَطعِ بُخنُقِ المَولودِ

 

وَيُوَقّى الفَتى المِخَشُّ وَقَد

 خَووَضَ في ماءِ لَبَّةِ الصِنديدِ

 

لا بِقَومي شَرُفتُ بَل شَرُفوا بي

وَبِنَفسي فَخَرتُ لا بِجُدودي

 

وَبِهِم فَخرُ كُلِّ مَن نَطَقَ الضاد

وَعَوذُ الجاني وَعَوثُ الطَريدِ

 

إِن أَكُن مُعجَباً فَعُجبُ عَجيبٍ

لَم يَجِد فَوقَ نَفسِهِ مِن مَزيدِ

 

أَنا تِربُ النَدى وَرَبُّ القَوافي

وَسِمامُ العِدا وَغَيظُ الحَسودِ

 

أَنا في أُمَّةٍ تَدارَكَها اللَــهُ

 غَريبٌ كَصالِحٍ في ثَمودِ

 سوف نعرض شرح هذه القصيدة في صدد عرضنا أبيات شعر للمتنبي عن عزة النفس، حيث يذكر المتنبي أنه لو قام بوهب الدنيا بأكملها سوف يكون بذلك بخيلًا، هنا يتشابه قوله مع حسان عندما قال

 يعطي الجزيل ولا يراه عنده     إلا كبعض عطية المذموم

عندما بدء حديثه بسؤال كم قتيل كان يقصد أن سبب موته كان حب الأعناق الأبيض، لذلك قام بإطلاق كلمة شهيد على قتيل الحب، كما ذكر بعد ذلك أيام اللهو واللعب والنشاط، ثم ينقل الحديث إلى صاحبه ويدعوا له بأن يطيل الله عمره، كما يشير إلى قوة القلوب وأنها قلوب صلبة تتشابه مع الحجر أي في قسوتها.

أبيات شعر للمتنبي عن عزة النفس تعكس أهمية أن يتحلى الإنسان بعزة نفسه حتى وإن كان سوف يتسبب ذلك في هلاكه، فالحياة ليس لها قيمة إذا لم يحافظ الإنسان على كرامته.

قد يعجبك أيضًا