سبب نزول سورة الفيل

ما هو سبب نزول سورة الفيل؟ وما هي قصة عام الفيل؟ من المتعارف عليه أنه وراء كل سورة أو آية في القرآن الكريم قصة أو سبب، حيث جاء القرآن ليكون هداءً للعالمين، لذلك سنرى بأنه يحتوي على الكثير من العبر والقصص الرائعة التي يُمكننا الاقتداء بها في جميع أمور حياتنا، فهو في الأساس كلام الله عز وجل، والآن سنعرض لكم سبب نزول هذه السورة من خلال موقع جربها.

سبب نزول سورة الفيل

هي من السور المكية، وجاءت بترتيب 105 من سور المصحف الشريف، تحديدًا في الجزء الثلاثين، حيث نزلت بعد سورة الكافرون مباشرةً، أما بالنسبة لسبب نزول سورة الفيل، فهي تروي قصة أبرهة الأشرم الحبشي، وهو الشخص الذي كان يرغب في هدم الكعبة المُشرفة، قبل مولد الرسول- صلى الله عليه وسلم-.

فبالتالي نزلت هذه السورة على الرسول حتى تكون تذكيرًا لقبيلة قريش بقدرة الله تعالى، ومن الجدير بالذكر أن العام الذي نُزلت فيه هذه السورة سُمى جميعه بعام الفيل، وهو العام الذي يوافق 570 – 571 بعد الميلاد، وهو العام الذي وُلد فيه الرسول الكريم.

اقرأ أيضًا: تجربتي مع سورة ق

قصة عام الفيل

في إطار عرض إجابة السؤال ما هو سبب نزول سورة الفيل، فها نحن نعرض آيات سورة الفيل فيما يلي:
{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ* أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ* وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ* تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ* فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ}
فعند التمعن في المفهوم الآتي من خلالها، نرى أنها تقوم بشرح القصة التي حدثت في العام الذي وُلد فيه الرسول- صلى الله عليه وسلم-.

فقد كان أبرهة بن الصَّباح الأشرم الحبشي، يعمل لدى ملك الحبشة على اليمن، فعندما بدأ موسم الحج، أي رأى هذا الملك الناس يتجهزون للذهاب إلى مكة المُكرمة، قام ببناء كنيسة في صنعاء، وكتب النجاشي:” إني بنيت لك كنيسة لم يبن مثلها، ولست منتهيا حتى أصرف إليها حج العرب، فسمع به رجل من بني كنانة، فدخلها ليلا، فلطخ قبلتها بالعذرة، فقال أبرهة: من الذي اجترأ على هذا؟، قيل: رجل من أهل ذلك البيت، سمع بالذي قلتَ، فحلف أبرهة ليسيرن إلى الكعبة حتى يهدمها، وكتب إلى النجاشي يخبره بذلك، فسأله أن يبعث إليه بفيله، وكان له فيل يقال له: محمود، لم يُرَ مثله عظما وجسما وقوة، فبعث به إليه“.

فعند خروج أبرهة إلى مكة علم به العرب فأعظموا له شأنه، وفي أثناء ذلك خرج ملك من ملوك اليمن يُدعى ذو نفر، وقاتل أبرهة، ولكن تحقق النصر لأبرهة، أخذه أسيرًا لديه، بعد ذلك سار إلى بلاد خثعم، حتى خرج إليه نفيل بن حبيب الخثعمي، مع بعض من القبائل العربية.

فحدث بينهم قتال، وهنا أيضًا كان النصر لأبرهة، وقام بأسر نفيل، وقال له:” أيها الملك إنني دليلك بأرض العرب، وهاتان يداي على قومي بالسمع والطاعة، فاستبقني خيرا لك”، وبعد هذا الحديث سمح له نفيل بالبقاء، وعند خروجهم للطريق حتى يدله ابرهة.

اقتراب أبرهة من مكة المكرمة

استكمالًا لحديثنا حول ما هو سبب نزول سورة الفيل، فأثناء مرورهم على الطائف، خرج رجل من رجال قبيلة ثقيف، وكان يُدعى مسعود بن معتب، وقال للملك:” الملك، نحن عبيدك، ونحن نبعث معك من يدلك، فبعثوا معه بأبي رِغال مولى لهم”، وعند الوصول إلى مكان قريب لمكة مات أبو الرغال، فبعث هنا أبرهة حُناطة الحميري إلى أهل مكة حتى يقول لهم:

سل عن شريفها ثم أبلغه أني لم آت لقتال، إنما جئت لأهدم هذا البيت، ومن الجدير بالذكر أن من تلقى هذا الخبر هو عبد المطلب بن هاشم، فدار الحديث بينهم كالآتي:

إن الملك أرسلني إليك ليخبرك أنه لم يأت لقتال إلا أن تقاتلوه، إنما جاء لهدم هذا البيت ثم الانصراف عنكم، فقال عبد المطلب: ما عندنا له قتال، فقال: سنخلي بينه وبين البيت، فإن خلى الله بينه وبينه فوالله ما لنا به قوة، قال: فانطلق معي إليه، قال: فخرج معه حتى قدم المعسكر وكان ذو نفر صديقا لعبد المطلب فأتاه فقال: يا ذا نفر هل عندكم من غناء فيما نزل بنا؟ فقال: ما غناء رجل أسير لا يأمن من أن يقتل بكرة أو عشية، ولكن سأبعث لك إلى أُنيَس سائس الفيل فآمره أن يصنع لك عند الملك ما استطاع من خير، ويعظم خاطرك ومنزلتك عنده، قال: فأرسل إلى أنيس فأتاه فقال: إن هذا سيد قريش صاحب عين مكة الذي يطعم الناس في السهل والوحوش في الجبال، وقد أصاب له الملك مائتي بعير، فإن استطعت أن تنفعه فانفعه، فإنه صديق لي“.

اقرأ أيضًا: تجربتي مع سورة الفيل

وصول أبرهة إلى مكة المكرمة

من خلال حديثنا حول ما هو سبب نزول سورة الفيل، فعند وصوله إلى مكة، دخل عليه أنيس فسأل الملك هل هذا سيد قريش وصاحب عين مكة، وكان معه عبد المطلب، وقد كان من الرجال العظام جسديًا، وسيمًا كذلك فعظمه أبرهة، وأكرمه، وطلب منه الجلوس على السرير.

فلما جلس نزل أبرهة ليجلس تحت قدميه على الأرض، فهنا دار الحديث بينهم على النحو التالي:

قال له عبد المطلب: أيها الملك إنك قد أصبت لي مالا عظيما فاردده عليَّ، فقال له: لقد أعجبتني حين رأيتك ولقد زهدت فيك، قال: ولم؟ قال: جئت إلى بيت هو دينك ودين آبائك وعصمتكم ومنعتكم فاهدمه فلم تكلمني فيه، وتكلمني في مائتي بعير لك؟. قال: أنا رب هذه الإبل، ولهذا البيت رب سيمنعه، قال: ما كان ليمنعه مني، قال: فأنت وذاك، قال: فأمر بإبله فردت عليه، ثم خرج عبد المطلب وأخبر قريش الخبر وأمرهم أن يتفرقوا في الشعاب “.

بعد ذلك الحديث تجهز أبرهة وعبأ جيشه، وجهز الفيل، وحمل عليه كل ما يرغب فيه وكل ما سيحتاجه، وعندما بدأ في التحرك ذاهبًا لهدم الكعبة، لم يتحرك الفيل على الإطلاق، حيث كاد أن يرزم على الأرض ليبرك، فقاموا بضرب بالمعول الخاص به على رأسه، ولكنه أبى أيضًا التحرك.

فأدخله محاجن بها تحت مراقه، ولكنه لم يتحرك أيضًا، فقاموا بتوجيه إلى اليمين فهرول ناحية الحرم، وحاولوا كثيرًا جعله يذهب ناحيته لكنه لم يأبى لهذا الشيء، وهنا أرسل الله سبحانه وتعالى طير من البحر وكان يشبه البسان، أي الشجر الكثير الأوراق.

من الجدير بالذكر أنه كان مع كل طير منهم ثلاثة أحجار، بحيث يكون حجران في رجليه وحجر في منقاره، وكانت هذه الحجارة ذات حجم الحمص أو العدس على سبيل المثال، وعلى الرغم من صغرها، إلا أنها لم تكن تسقط على أيٍ منهم إلا وهُلك، ولكن لم تُصيب هذه الأحجار جميع القوم.

فقد فر أبرهة بنفسه، ولكن لم يتركه الله سبحانه وتعالى، حتى بعث له بداء على جسده هو وجميع قومه، حتى بدأوا يسقطون جميعًا في كل بلد يسيرون فيها، أما أبرهة فقد تساقط أناملة، بين كل أنملة والأخرى فترة من القيح والدم، حتى كان يتمنى الموت، حتى مات بالفعل.

اقرأ أيضًا: قراءة سورة الفيل 41 مرة

كعبة مكة المُكرمة

من خلال حديثنا حول ما هو سبب نزول سورة الفيل، وبعد أن تعرفنا على قصة أصحاب الفيل، وجب علينا أن نعرض لكم أهمية الكعبة الشريفة، التي كان يرغب المُشركين في هدمها كثيرًا على مر التاريخ الإسلامي، فهي أول بيت تم وضعه للناس على الأرض.

حيث قال الله سبحانه وتعالى عنها في القرآن الكريم:
{أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ} [آل عمران:96]
فمن خلال هذه الآية الكريمة يُمكننا استنتاج أهمية وعظمة هذا المكان الجميل.

من الجميل في الكعبة أنها شُيدت على يد الأنبياء والرسل كإبراهيم وإسماعيل ـ عليهما الصلاة والسلام ـ، فقد كان المسلمين يعظمونها منذ إنشائها وحتى الآن، فهي من أجمل الأماكن المتواجدة على وجه الأرض، كما وضح الله تعالى في القرآن الكريم من قاموا ببنائها حينما قال:
{وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة:125]
ومن الجدير بالذكر أن هذا المكان الجميل، حدث به أو بالقرب منه الكثير من المعجزات الإلهية العظيمة.

على الرغم من أن حادثة الفيل كانت من الحوادث العظيمة التي يتضمنها التاريخ الإسلامي، فهي تحمل دلالة قوية على قدرة الله تعالى على نصرة الإسلام وبيته، فقد حدثت المعجزة الكبرى عندما لم يتمكن أصحاب الفيل من تحريكه.

قد يعجبك أيضًا