دعاء موسى عليه السلام للزواج

إن دعاء موسى عليه السلام للزواج من شأنه أن يكون حلًا مناسبًا لمسألة تأخر الزواج أو تعثره، فوفقًا لما نراه في وقتنا وعصرنا الحالي، أن الزواج لم يعد من الأمور السهلة كما كان الوضع في السابق، فإيجاد شخص صالح ومناسب في الزمن الحالي لم يعد أمرًا هينًا بسيطًا، وإلى جانب الإمعان والتركيز في الاختيار، يجب أن يكون هناك بعض الاعتماد على الدعاء إلى الله لتيسير هذا الغرض، لذلك سوف نعرض من خلال موقع جربها دعاءً لتيسير الزواج.

دعاء موسى عليه السلام للزواج

لا يمكن إنكار حقيقة أن الزواج رزق من عند الله، فإما يرزق بزوج أو زوجة صالحين، أو يبتلي بزوج أو زوجة طالحين، ولا عيب في أن يدعو الرجل ربه بأن يرزقه الزوجة الصالحة، ولا حرج من أن تطلب البنت من ربها أن يهبها رجلًا يتقيه فيها، ولعل هذا المحور الرئيسي للحديث عن دعاء موسى عليه السلام للزواج.

لقد أشار علماء الدين إلى أن سيدنا موسى عليه كان قد دعا ربه بدعاء، وعلى إثره مباشرة رزقه الله تعالى صحبة زوجة صالحة، ويمكن للرجل أو للمرأة تكرار هذا الدعاء المذكور في آيات القرآن الكريم، بنية وجدانية خالصة لله تعالى بأن يرزقهم صحبة شريك حياة صالح لهما.
وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِين قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ”
[سورة القصص، الآيات 23: 27]

تتحدث هذه الآية الكريمة التي ذكر فيها دعاء موسى عليه السلام للزواج، عن موقف مر به نبي  الله موسى فقد كان يقف في موضع لسقاية المواشي، وفوجئ بفتاتين شابتين تريدان أن تسقيا الأغنام الخاصة بهما، وكان من العسير عليهم القيام بتلك المهمة نظرًا لوجود الرجال من حولهم.

شعرت الفتاتين بأن سيدنا موسى رجل تقي وذو مروءة وحياء وعلى خلق كريم، فمشيتا إلى حيث يقف وطلبتا منه في خجل شديد أن يعينهما على سقاية مواشيهما، فوافق سيدنا موسى عليه السلام على الفور وسقى لهما الماشية.

اقرأ أيضًا: دعاء سيدنا موسى للزواج

نتائج دعاء النبي موسى للزواج

شكرتاه الفتاتين على ما فعله من أجلهن وانصرفتا عائدتين إلى بيتهما حيث يعيشان مع والدهما العجوز في منزل بسيط جدًا، فقصتا عليه ما حدث معهما وما بدر من ذلك الشاب الخلوق الكريم الشهم، فطلب من إحداهما أن تذهب إليه وتدعوه إلى منزلهم لكي يشكره بنفسه على ما فعل مع بنتيه.

ذهبت الفتاة بالفعل إلى حيث يوجد سيدنا موسى عليه السلام جالسًا تحت الشجرة لكي يستظل بظلها، فأتت إليه وهي تمشي صوبه في خجل واستحياء شديد، وطلبت منه أن تصحبه إلى بيتهم المتواضع، لأن والدها العاجز لا يقوى على الذهاب إليه ويريد أن يشكره بنفسه على شهامته وكرم أخلاقه معها ومع أختها.

وافق سيدنا موسى وطلب من البنت أن تمشي هي من خلفه وأن يقدمها في السير، لكيلا لا يغرنه الشيطان فينظر إليها نظرة محرمة وهذا دليل على حسن خلقه ومروءته، وصل موسى عليه السلام إلى الشيخ العجوز في بيته فرحب به الرجل أيما ترحيب وشكره على ما فعله مع ابنتيه.

لما لمسه الرجل المسن من طيبة وكرم ومروءة وخلق كريم في سيدنا موسى طلب منه أن يزوجه واحدة من بناته لكي يطمأن عليها معه، فرأى سيدنا موسى الخير في مطلب العجوز ووافق على عرض وطلب الزواج وتزوج من إحدى البنتين.

إن في دعاء موسى عليه السلام للزواج بركة وخير وفير، فإن الزواج كما سلف وذكرنا رزق من الله، والرزق الواسع يكون نتيجة للعمل الصالح واتقاء الله وخشيته من إغضابه وحرصه على أعراض الناس حتى وإن لم يكن يعرفهم، وهذا التصرف وتلك النتيجة لم تكن إيجابية على هذا النحو لمجرد أن موسى عليه السلام نبيًا.

بل لأنه كان تقيًا شهمًا وكريم الطبع ومهذبًا، ولكونه كان رجلًا في المقام الأول قد كافأه الله على ما عمل من عمل صالح وجعل له من الرزق أوسعه وأفضله، بأن أنعم عليه بزوجة صالحة تكون له نعم الرفيق والصديق في درب الحياة، تعينه على ما حمله الله إياه من مسؤولية وعبء النبوة وتبليغ رسالة التوراة لقومه.

اقرأ أيضًا: دعاء الكرب والهم والحزن والحاجة والضيق

كيف نرضي الله ليرزقنا بزواج صالح؟

إن ترديد دعاء موسى عليه السلام للزواج لوحده لا يكفي، لأن ما يدعم الدعاء هو العمل الصالح، وفعل الخيرات وخشية الله هي التي تجعل من الدعاء مسموعًا مجابًا عند الله سبحانه وتعالى، فإذا أراد الرجل أو البنت أن يرزقهما الله رغد العيش برفقة رفيق حياة صالح، عليهما بالحرص على الآتي:

1-   الإيمان بقضاء الله وقدره

سواءً أُجيب دعاء موسى عليه السلام للزواج أو لم يستجب له، على المؤمن أن يحترم قضاء الله وقدره أيًا ومهما كان، بمعنى أن يكون على يقين تام بأن الله سواء أجاب له ما يريد فإنه أجابه لخير له، وإن لم يستجب له ففي ذلك حكمة ملؤها الخير له فيما بعد حتى وإن لم يدركها في الوقت الحالي.

كما أن الله سبحانه وتعالى قد قال في كتابه العزيز (وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) [سورة البقرة، الآية رقم 216]، بمعنى أن ما يحدث لنا ويؤرقنا ويحزننا ونظن أنه شر لنا كثيرًا ما يكون خير لنا من عند الله ونحن لم ندرك ذلك بعد.

2- عمل الخيرات

إن تدعيم الدعاء بعمل الخير دومًا يقرب فيما بين العبد وربه، ويملأ قلب العبد بالسعادة والفرحة والراحة والإيمان والسرور، لأنه يكون آمنًا مطمئنًا بأن كل ما يفعله لن يضيعه الله حتى وإن ضاع عند الناس في الدنيا.

إذا أراد الشخص سواءً كان رجلًا أم امرأة أن يسهل الله عليه أمر الزواج، فعليه أن يتصدق دومًا ففي الصدقات بركة وزيادة من عند الله في الدنيا والآخرة، وعليه أن يتقرب إلى الله بصالح الأعمال كالصيام لوجه الله تعالى دون شرط وجود مناسبة دينية تستدعي الصيام.

كما ويجب على المرء أن يلتزم في صلاته وألا يفوت أي فرض منها، كما ويستحب أن يصلي النوافل والرواتب لكي يرضى الله عنه، هذا كله إلى جانب تحسين السلوك اليومي الحياتي مثل كف الأذى بالقول أو بالفعل، وغض البصر والعطف على الناس وحلاوة اللسان ومساعدة المحتاجين، وتجنب النميمة أو الوشاية ومنع النفس الأمارة بالسوء عن النفاق أو الكذب.

اقرأ أيضًا: دعاء قبل دخول الامتحان

3- الصبر والإلحاح في الدعاء

إن الإنسان بطبعه ضعيفًا يجزع بسرعة، لذا عليه أن يقاوم نفسه وينتظر ويلح على الله في دعاء موسى عليه السلام للزواج أو في غيره من الدعاء، ويشترط أيضًا ألا يتعجل الإجابة ولا ييأس من الدعاء لتأخر الإجابة، فلقد قال الحق سبحانه وتعالى:
(وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ ۗ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ ۖ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ) [سورة الرعد، الآية رقم 6]
كما وقد أشار الله سبحانه وتعالى لتلك الطبيعة الإنسانية في الكثير من الآيات القرآنية بكتابه العزيز، مثل:
(خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ ۚ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ) [سورة الأنبياء، الآية رقم 37]

(وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ ۖ وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا) [سورة الإسراء، الآية رقم 11]
سوف يبقى دعاء موسى عليه السلام للزواج أو أي دعاء بوجه عام، ضربًا من ضروب الإيمان بالله تعالى، والتوجه إليه بأي دعاء عند الحاجة لأي شيء، دلالة على اليقين والإيمان بالله وثقة بأنه هو القادر على تحقيق كل ما يتمناه.

قد يعجبك أيضًا