أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الغزل

أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الغزل يكون لها بالغ التأثير على الروح، فالأشعار الراقية هي التي تسمو بها في أعالي السماء، حيث المفردات الجميلة، واللغة العربية المصقلة التي لا يمكن أن نجد لها بديلًا على مر العصور، لذا ومن خلال موقع جربها دعونا نتعرف على أجمل القصائد الشعرية التي قيلت في العصر الجاهلي فيما يخص الغزل، وذلك من خلال السطور القادمة.

أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الغزل

الغزل هو نمط راقي من أنماط الشعر، وفيه نجد المعاني الجميلة التي تبعث على الثقة بالنفس، فلكم يحتاج الشخص إلى الكثير من العبارات التي من شأنها أن تعزز ثقته في نفسه، وتشعره أنه جميل الشكل والروح.

فليس بالضروري أن تكون المرأة فاتنة الجمال حتى يمن عليها زوجها بعبارات الغزل، فالنساء كالنبات الذي يجب أن يروى من أجل الحصول على رحيقه، هذا ما أتقنه شعراء العصر الجاهلي، حيث سنجد أن الكثيرين منهم لم يبخلوا على محبوباتهم بقول أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الغزل، والتي ما زالت تتناقل عبر الأجيال حتى الآن.

لذا ينبغي على الرجل بين الحين والآخر أن يمطر زوجته بمعسول الكلمات، والتي من الممكن أن يتعلمها أو يقتبسها من أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الغزل، كما أنه من الممكن للمرأة أن تستمتع بقراءة بعض منها من أجل التعرف على أسلوب منفرد في كتابة الأشعار لا يمكنه أن يتكرر مجددًا.

لذلك هيا بنا لنتعرف على العديد من قصائد الشعر التي ألقيت في العصر الجاهلي بغرض التغزل، كما أننا سنتعرف على أبرز شعراء ذلك العصر وبعض سمات أساليبهم الشعرية، وذلك عبر السطور التالية:

1- قصيدة أعني على برق

امرؤ القيس هو شاعر مغوار من العصر الجاهلي، هو المحب لليلى، فتلك قصة حب من أروع ما يكون، من شأنها أن تعلمنا أن الرجل يمكنه أن يكون الشجاع القوي الذي لا يقف أمامه شيء، ويمكنه أن يكون أيضًا الحبيب الهائم الذي يذوب عشقًا في محبوبته ولا يرى أنه هناك من هي أفضل منها في الكون.

فقصة ليلى وامرؤ القيس تدرس في المناهج كي تعلمنا أن المشاعر الصادقة يمكنها أن تعيش أمد الدهر، لذا شرع قيس في كتابة أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الغزل، ولعل أهم تلك القصائد المعنية بذلك هي قصيدة (أعني على برق) والتي قد أتت أبياتها على النحو التالي:
أَعِنّي عَلى بَرقٍ أَراهُ وَميضِ

يُضيءُ حَبِيًّا في شَماريخَ بيضِ

وَيَهدَأُ تاراتٍ سَناهُ وَتارَةً

يَنوءُ كَتَعتابِ الكَسيرِ المَهيضِ

وَتَخرُجُ مِنهُ لامِعاتٌ كَأَنَّها

أَكُفٌّ تَلَقّى الفَوزَ عِندَ المَفيضِ

قَعَدتُ لَهُ وَصُحبَتي بَينَ ضارِجٍ

وَبَينَ تِلاعِ يَثلُثٍ فَالعَريضِ

أَصابَ قَطاتَينِ فَسالَ لِواهُما

فَوادي البَدِيِّ فَاِنتَحي لِلأَريضِ

بِلادٌ عَريضَةٌ وَأَرضٌ أَريضَةٌ

مَدافِعُ غَيثٍ في فَضاءٍ عَريضِ

فَأَضحى يَسُحُّ الماءَ عَن كُلِّ فَيقَةٍ

يَحوزُ الضِبابَ في صَفاصِفَ بيضِ

فَأَسقي بِهِ أُختي ضَعيفَةَ إِذ نَأَت

وَإِذ بَعُدَ المَزارُ غَيرَ القَريضِ

وَمُرقَبَةٌ كَالزِجِّ أَشرَفتُ فَوقَها

أُقَلِّبُ طَرفي في فَضاءٍ عَريضِ

فَظِلتُ وَظَلَّ الجَونُ عِندي بِلَبدِهِ

كَأَنّي أُعَدّي عَن جَناحٍ مَهيضِ

فَلَمّا أَجَنَّ الشَمسَ عَنّي غِؤورُهَا

نَزَلتُ إِلَيهِ قائِمًا بِالحَضيضِ

يُباري شَباةَ الرُمحِ خَدٌّ مُذَلَّقٌ

كَصَفحِ السِنانِ الصُلَّبِيِّ النَحيضِ

أُخَفِّضُهُ بِالنَقرِ لَمّا عَلَوتُهُ

وَيَرفَعُ طَرفًا غَيرَ جافٍ غَضيضِ

وَقَد أَغتَدي وَالطَيرُ في وُكُناتِها

بِمُنجَرِدٍ عَبلِ اليَدَينِ قَبيضِ

لَهُ قَصرَيا عيرٍ وَساقا نَعامَةٍ

كَفَحلِ الهَجانِ يَنتَحي لِلعَضيضِ

يَجِمُّ عَلى الساقَينِ بَعدَ كَلالِهِ

جُمومَ عُيونِ الحِسيِ بَعدَ المَخيضِ

ذَعَرتُ بِها سِربًا نَقِيًّا جُلودُهُ
بعض الأحيان قد نجد صعوبة في فهم مفردات الشعر الجاهلي، لكنها لا تأتي منفردة كي يكون أمر استشفافها مستحيلًا، لذا على قاريء أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الغزل ألا يحرم نفسه من الاستمتاع بتلك القصائد.

حيث يحدث ذلك بخروجه للبحث عن معاني الكلمات في المعاجم، في حين قدرته على التعرف عليها من سياق الأبيات، لذا هيا بنا نستكمل مسيرتنا الشعرية من خلال القصائد القادمة.

اقرأ أيضًا:  خاتمة عن الشعر في العصر العباسي

2- قصيدة عوجوا فحيوا لنعم دمنة الدار

ما زلنا بصدد التعرف على أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الغزل، فها نحن على وشك تناول قصيدة من أجمل ما يكون، حيث كتبت بيد الشاعر النابغة الذبياني، وهو أحد الأفاضل في مجال الشعر في العصر الجاهلي.

فالقصيدة تحمل عنوان (عوجوا فحيوا) والتي من خلال قراءتها يمكنك أن تشعر أنك قد ذهبت إلى ذلك العصر حيث فخمة المفردات ورقيها ووصولها للحد الذي لا يمكن استيعابه في زماننا هذا، فهيا بنا نعود إلى تلك الحقبة الزمنية الرائعة من خلال قراءة أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الغزل، والتي تجسدت من خلال القصيدة التالية:
عَوجوا فَحَيّوا لِنُعمٍ دُمنَةَ الدارِ

ماذا تُحَيّونَ مِن نُؤيٍ وَأَحجارِ

أَقوى وَأَقفَرَ مِن نُعمٍ وَغَيَّرَهُ

هوجُ الرِياحِ بِهابي التُربِ مَوّارِ

وَقَفتُ فيها سَراةَ اليَومِ أَسأَلُها

عَن آلِ نُعمٍ أَمونًا عَبرَ أَسفارِ

فَاِستَعجَمَت دارُ نُعمٍ ما تُكَلِّمُنا

وَالدارُ لَو كَلَّمَتنا ذاتُ أَخبارِ

فَما وَجَدتُ بِها شَيئًا أَلوذُ بِهِ

إِلّا الثُمامَ وَإِلّا مَوقِدَ النارِ

وَقَد أَراني وَنُعمًا لاهِيَينِ بِها

وَالدَهرُ وَالعَيشُ لَم يَهمُم بِإِمرارِ

أَيامَ تُخبِرُني نُعمٌ وَأُخبِرُها

ما أَكتُمُ الناسَ مِن حاجي وَأَسراري

لَولا حَبائِلُ مِن نُعمٍ عَلِقتُ بِها

لَأَقصَرَ القَلبُ عَنها أَيَّ إِقصارِ

فَإِن أَفاقَ لَقَد طالَت عَمايَتُهُ

وَالمَرءُ يُخلِقُ طَورًا بَعدَ أَطوارِ

نُبِّئتُ نُعمًا عَلى الهِجرانِ عاتِبَةً

سَقيًا وَرَعيًا لِذاكَ العاتِبِ الزاري

رَأَيتُ نُعمًا وَأَصحابي عَلى عَجَلٍ

وَالعيسُ لِلبَينِ قَد شُدَّت بِأَكوارِ

فَريعَ قَلبي وَكانَت نَظرَةٌ عَرَضَت

حَينًا وَتَوفيقَ أَقدارٍ لِأَقدارِ

بَيضاءُ كَالشَمسِ وافَت يَومَ أَسعَدِها

لَم تُؤذِ أَهلًا وَلَم تُفحِش عَلى جارِ

تَلوثُ بَعدَ اِفتِضالِ البُردِ مِئزَرَها

لَوثًا عَلى مِثلِ دِعصِ الرَملَةِ الهاري

وَالطيبُ يَزدادُ طيبًا أَن يَكونَ بِها

في جيدِ واضِحَةِ الخَدَّينِ مِعطارِ

تَسقي الضَجيعَ إِذا اِستَسقى بِذي أَشَرٍ

عَذبِ المَذاقَةِ بَعدَ النَومِ مِخمارِ

كَأَنَّ مَشمولَةً صِرفًا بِريقَتِها

مِن بَعدِ رَقدَتِها أَو شَهدَ مُشتارِ

أَقولُ وَالنَجمُ قَد مالَت أَواخِرُهُ

إِلى المَغيبِ تَثَبَّت نَظرَةً حارِ

أَلَمحَةٌ مِن سَنا بَرقٍ رَأى بَصَري

أَم وَجهُ نُعمٍ بَدا لي أَم سَنا نارِ

بَل وَجهُ نُعمٍ بَدا وَاللَيلُ مُعتَكِرٌ

فَلاحَ مِن بَينِ أَثوابٍ وَأَستارِ

إِنَّ الحُمولَ الَّتي راحَت مُهَجِّرَةً

يَتبَعنَ كُلَّ سَفيهِ الرَأيِ مِغيارِ

نَواعِمٌ مِثلُ بَيضاتٍ بِمَحنِيَةٍ

يَحفِزنَ مِنهُ ظَليمًا في نَقًا هارِ

إِذا تَغَنّى الحَمامُ الوُرقُ هَيَّجَني

وَإِن تَغَرَّبتُ عَنها أُمِّ عَمّارِ

وَمَهمَهٍ نازِحٍ تَعوي الذِئابُ بِهِ

نائي المِياهِ عَنِ الوُرّادِ مِقفارِ

جاوَزتُهُ بِعَلَنداةٍ مُناقِلَةٍ

وَعرَ الطَريقِ عَلى الإِحزانِ مِضمارِ

تَجتابُ أَرضًا إِلى أَرضٍ بِذي زَجَلٍ

ماضٍ عَلى الهَولِ هادٍ غَيرِ مِحيارِ

إِذا الرِكابُ وَنَت عَنها رَكائِبُها

تَشَذَّرَت بِبَعيدِ الفَترِ خَطّارِ

كَأَنَّما الرَحلُ مِنها فَوقَ ذي جُدَدٍ

ذَبَّ الرِيادِ إِلى الأَشباحِ نَظّارِ

مُطَرَّدٌ أُفرِدَت عَنهُ حَلائِلُهُ

مِن وَحشِ وَجرَةَ أَو مِن وَحشِ ذي قارِ

مُجَرَّسٌ وَحَدٌ جَأبٌ أَطاعَ لَهُ

نَباتُ غَيثٍ مِنَ الوَسميِّ مِبكارِ

سَراتُهُ ما خَلا لَبانَهُ لَهِقٌ

وَفي القَوائِمِ مِثلُ الوَشمِ بِالقارِ

باتَت لَهُ لَيلَةٌ شَهباءُ تَسفَعُهُ

بِحاصِبٍ ذاتِ إِشعانٍ وَأَمطارِ

وَباتَ ضَيفًا لِأَرطاةٍ وَأَلجَأَهُ

مَعَ الظَلامِ إِلَيها وابِلٌ سارِ

حَتّى إِذا ما اِنجَلَت ظَلماءُ لَيلَتِهِ

وَأَسفَرَ الصُبحُ عَنهُ أَيَّ إِسفارِ

أَهوى لَهُ قانِصٌ يَسعى بِأَكلُبِهِ

عاري الأَشاجِعِ مِن قُنّاصِ أَنمارِ

مُحالِفُ الصَيدِ هَبّاشٌ لَهُ لَحمٌ

ما إِن عَلَيهِ ثِيابٌ غَيرُ أَطمارِ

يَسعى بِغُضفٍ بَراها فَهيَ طاوِيَةٌ

طولُ اِرتِحالٍ بِها مِنهُ وَتَسيارِ

حَتّى إِذا الثَورُ بَعدَ النَفرِ أَمكَنَهُ

أَشلى وَأَرسَلَ غُضفًا كُلَّها ضارِ
يحتوي الشعر الجاهلي على الكثير من الحكم الرائعة، فعلى الرغم من أن الأبيات الشعرية تنتمي إلى الغزل، إلا أنه من الممكن اقتباس الكثير من الحكم من خلالها، لذا هيا نتعرف على المزيد من أبيات شعر العصر الجاهلي من خلال السطور التالية.

3- قصيدة بين العقيق وبين برقة ثمهد

من منا لم يسمع بعنترة بن شداد؟ من منا لا يعرف قصة عنترة وعبلة؟ تلك لم تكن قصة حب اعتيادية على الإطلاق، بل يمكن أن نقول إنها قصة عشق، وأي عشق يمكنه أن يصف أولئك الشخصين الذين ما زال التاريخ يذكرهما في كل وقت وحين.

فحينما تتجمع المشاعر الصادقة في قلب رجلٍ ما، من شأن لسانه أن ينطق بأجمل أبيات الشعر الجاهلي في الغزل وحده دون أن يكون سابق الإعداد لذلك.

لعل عنترة بن شداد من أشهر شعراء ذلك العصر كون قصته ما زال صداها يتردد حتى الآن، لذا هيا بنا نتعرف على أبيات قصيدة (بين العقيق وبين برقة ثهمد) حيث أتت على النحو التالي:
بَينَ العَقيقِ وَبَينَ بُرقَةِ ثَهمَدِ

طَلَلٌ لِعَبلَة مُستَهِلُّ المَعهَدِ

يا مَسرَحَ الآرامِ في وادي الحِمى

هَل فيكَ ذو شَجَنٍ يَروحُ وَيَغتَدي

في أَيمَنِ العَلَمينِ دَرسُ مَعالِمٍ

أَوهى بِها جَلَدي وَبانَ تَجَلُّدي

مِن كُلِّ فاتِنَةٍ تَلَفَّتَ جيدُها

مَرَحًا كَسالِفَةِ الغَزالِ الأَغيَدِ

يا عَبلَ كَم يُشجى فُؤادي بِالنَوى

وَيَروعُني صَوتُ الغُرابِ الأَسوَدِ

كَيفَ السَلُوُّ وَما سَمِعتُ حَمائِمًا

يَندُبنَ إِلّا كُنتُ أَوَّلَ مُنشِدِ

وَلَقَد حَبَستُ الدَمعَ لا بُخلًا بِهِ

يَومَ الوَداعِ عَلى رُسومِ المَعهَدِ

وَسَأَلتُ طَيرَ الدَوحِ كَم مِثلي شَجا

بِأَنينِهِ وَحَنينِهِ المُتَرَدِّدِ

نادَيتُهُ وَمَدامِعي مُنهَلَّةٌ

أَينَ الخَلِيُّ مِنَ الشَجِيِّ المُكمَدِ

لَو كُنتَ مِثلي ما لَبِثتَ مَلاوَةٌ

وَهَتَفتَ في غُصنِ النَقا المُتَأَوِّدِ

رَفَعوا القِبابَ عَلى وُجوهٍ أَشرَقَت

فيها فَغَيَّبتِ السُها في الفَرقَدِ

وَاِستَوكَفوا ماءَ العُيونِ بِأَعيُنٍ

مَكحولَةٍ بِالسِحرِ لا بِالإِثمِدِ

وَالشَمسُ بَينَ مُضَرَّجٍ وَمُبَلَّجٍ

وَالغُصنُ بَينَ مُوَشَّحٍ وَمُقَلَّدِ

يَطلُعنَ بَينَ سَوالِفٍ وَمَعاطِفٍ

وَقَلائِدٍ مِن لُؤلُؤٍ وَزَبَرجَدِ

قالوا اللِقاءَ غَدًا بِمُنعَرَجِ اللِوى

وَأَطولَ شَوقِ المُستَهامِ إِلى غَدِ

وَتَخالُ أَنفاسي إِذا رَدَّدتُها

بَينَ الطُلولِ مَحَت نُقوشَ المِبرَدِ

وَتَنوفَةٍ مَجهولَةٍ قَد خُضتُها

بِسِنانِ رُمحٍ نارُهُ لَم تَخمُدِ

باكَرتُها في فِتيَةٍ عَبسِيَّةٍ

مِن كُلِّ أَروَعِ في الكَريهَةِ أَصيَدِ

وَتَرى بِها الراياتِ تَخفُقُ وَالقَنا

وَتَرى العَجاجَ كَمِثلِ بَحرٍ مُزبِدِ

فَهُناكَ تَنظُرُ آلُ عَبسٍ مَوقِفي

وَالخَيلُ تَعثَرُ بِالوَشيجِ الأَملَدِ

وَبَوارِقُ البيضِ الرِقاقِ لَوامِعٌ

في عارِضٍ مِثلِ الغَمامَ المُرعِدِ

وَذَوابِلُ السُمرُ الرِقاقِ كَأَنَّها

تَحتَ القَتامِ نُجومِ لَيلٍ أَسوَدِ

وَحَوافِرُ الخَيلِ العِناقِ عَلى الصَفا

مِثلُ الصَواعِقِ في قِفارِ الفَدفَدِ

باشَرتُ مَوكِبَها وَخُضتُ غُبارَها

أَطفَأتُ جَمرَ لَهيبِها المُتَوَقِّدِ

وَكَرَرتُ وَالأَبطالُ بَينَ تَصادُمٍ

وَتَهاجُمٍ وَتَحَزُّبٍ وَتَشَدُّدِ

وَفَوارِسُ الهَيجاءِ بَينَ مُمانِعٍ

وَمُدافِعٍ وَمُخادِعٍ وَمُعَربِدِ

وَالبيضُ تَلمَعُ وَالرِماحُ عَواسِلٌ

وَالقَومُ بَينَ مُجَدَّلٍ وَمُقَيَّدِ

وَمُوَسَّدٍ تَحتَ التُرابِ وَغَيرُهُ

فَوقَ التُرابِ يَئِنُّ غَيرَ مُوَسَّدِ

وَالجَوُّ أَقتَمُ وَالنُجومُ مُضيئَةٌ

وَالأُفقُ مُغبَرُّ العَنانِ الأَربَدِ

أَقحَمتُ مُهري تَحتَ ظِلِّ عَجاجَةٍ

بِسِنانِ رُمحٍ ذابِلٍ وَمُهَنَّدِ

وَرَغَمتُ أَنفَ الحاسِدينَ بِسَطوَتي

فَغَدَوا لَها مِن راكِعينَ وَسُجَّدِ
اقرأ أيضًا: خصائص الأدب في العصر العباسي

4- قصيدة وفي الحي بيضاء العوارض

علقمة الفحل أيضًا من الشعراء الذين ذاع صيتهم في العصر الجاهلي، ويرجع ذلك إلى كثرة دواوينه التي تعد من أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الغزل، فقصيدة (وفي الحي بيضاء) من القصائد الغزلية التي لم يكثر عدد أبياتها.

إلا أنها اندرجت تحت مسمى أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الغزل كونها احتوت على الكثير من المعاني الراقية التي من شأنها أن تدخل القلب دون استئذان، لذا لن أطيل عليكم الحديث ودعونا نستمتع بأمسية شعرية احتوت على أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الغزل حيث جاءت على النحو التالي:
وَفي الحَيِّ بَيضاءُ العَوارِضِ ثَوبُها

إِذا ما اِسبَكَرَّت لِلشَبابِ قَشيبُ

وَعيسٍ بَرَيناها كَأَنَّ عُيونَها

قَواريرُ في أَذهانِهِنَّ نُضوبُ

وَلَستَ لِإنسِيٍّ وَلَكِن لِمَلأَكٍ

تَنَزَّلَ مِن جَوِّ السَماءِ يَصوبُ

وَأَنتَ أَزَلتَ الخُنزُوانَةَ عَنهُمُ

بِضَربٍ لَهُ فَوقَ الشُؤونِ وَجيبُ

وَأَنتَ الَّذي آثارُهُ في عَدُوِّهِ

مِنَ البُؤسِ وَالنُعمى لَهُنَّ نُدوبُ

5- قصيدة جفون العذارى

قصيدة أخرى يطل بها علينا فارس المعارك ذو القلب الحاني عنترة بن شداد، وتعد أيضًا من أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الغزل، لكثرة المفردات التي تتغزل في المرأة وتشعرها أنها جميلة الجميلات، فالنساء كافة لا تحتاج سوى إلى بعض تلك العبارات التي تشعرها بأنوثتها.

ففي تلك الحالة يمكن للمرأة أن تلمس السحاب من فرط فرحتها، لذا على الرجل بين الحين والآخر ألا يبخل على نفسه بقراءة أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الغزل، ليعرف كيف كان الشعراء في سالف الزمان يمدحون المرأة ويعطونها قدرها.

لذا هيا بنا نستكمل التعرف على أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الغزل من خلال تلك القصيدة الرائعة بعنوان (جفون العذارى) حيث أتت أبياتها على النحو التالي:
جُفونُ العَذارى مِن خِلالِ البَراقِعِ

أَحَدُّ مِنَ البيضِ الرِقاقِ القَواطِعِ

إِذا جُرِّدَت ذَلَّ الشُجاعُ وَأَصبَحَت

مَحاجِرُهُ قَرحى بِفَيضِ المَدامِعِ

سَقى اللَهُ عَمّي مِن يَدِ المَوتِ جَرعَةً

وَشُلَّت يَداهُ بَعدَ قَطعِ الأَصابِعِ

كَما قادَ مِثلي بِالمُحالِ إِلى الرَدى

وَعَلَّقَ آمالي بِذَيلِ المَطامِعِ

لَقَد وَدَّعَتني عَبلَةٌ يَومَ بَينِها

وَداعَ يَقينٍ أَنَّني غَيرُ راجِعِ

وَناحَت وَقالَت كَيفَ تُصبِحُ بَعدَنا

إِذا غِبتَ عَنّا في القِفارِ الشَواسِعِ

وَحَقِّكَ لا حاوَلتُ في الدَهرِ سَلوَةً

وَلا غَيَّرَتني عَن هَواكَ مَطامِعي

فَكُن واثِقًا مِنّي بِحُسنِ مَوَدَّةٍ

وَعِش ناعِمًا في غِبطَةٍ غَيرِ جازِعِ

فَقُلتُ لَها يا عَبلَ إِنّي مُسافِرٌ

وَلَو عَرَضَت دوني حُدودُ القَواطِعِ

خُلِقنا لِهَذا الحُبَّ مِن قَبلِ يَومِنا

فَما يَدخُلُ التَفنيدُ فيهِ مَسامِعي

أَيا عَلَمَ السَعدِيِّ هَل أَنا راجِعٌ

وَأَنظُرُ في قُطرَيكَ زَهرَ الأَراجِعِ

وَتُبصِرُ عَيني الرَبوَتَينِ وَحاجِرًا

وَسُكّانَ ذاكَ الجِزعِ بَينَ المَراتِعِ

وَتَجمَعُنا أَرضُ الشَرَبَّةِ وَاللِوى

وَنَرتَعُ في أَكنافِ تِلكَ المَرابِعِ

فَيا نَسَماتِ البانِ بِاللَهِ خَبِّري

عُبَيلَةَ عَن رَحلي بِأَيِّ المَواضِعِ

وَيا بَرقُ بَلِّغها الغَداةَ تَحِيَّتي

وَحَيِّ دِياري في الحِمى وَمَضاجِعي

أَيا صادِحاتِ الأَيكِ إِن مُتُّ فَاِندُبي

عَلى تُربَتي بَينَ الطُيورِ السَواجِعِ

وَنوحي عَلى مَن ماتَ ظُلمًا وَلَم يَنَل

سِوى البُعدِ عَن أَحبابِهِ وَالفَجائِعِ

وَيا خَيلُ فَاِبكي فارِسًا كانَ يَلتَقي

صُدورَ المَنايا في غُبارِ المَعامِعِ

فَأَمسى بَعيدًا في غَرامٍ وَذِلَّةٍ

وَقَيدٍ ثَقيلٍ مِن قُيودِ التَوابِعِ

وَلَستُ بِباكٍ إِن أَتَتني مَنِيَّتي

وَلَكِنَّني أَهفو فَتَجري مَدامِعي

وَلَيسَ بِفَخرٍ وَصفُ بَأسي وَشِدَّتي

وَقَد شاعَ ذِكري في جَميعِ المَجامِعِ

بِحَقِّ الهَوى لا تَعذِلوني وَأَقصِروا

عَنِ اللَومِ إِنَّ اللَومَ لَيسَ بِنافِعِ

وَكَيفَ أُطيقُ الصَبرَ عَمَّن أُحِبُّهُ

وَقَد أُضرِمَت نارُ الهَوى في أَضالِعي
اقرأ أيضًا: الشعر العربي القديم والتعبير عن الذات

6- قصيدة برد نسيم الحجاز

لم يبخل علينا عنترة بن شداد بالكثير من القصائد الشعرية التي تعد من أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الغزل، فكما ذكرنا أنه كان متوقد المشاعر نحو محبوبته، فقد كانت بمثابة الملكة التي تربعت على عرش قلبه فاستحقت الكثير من كلمات الغزل.

فقلب الرجل خاصةً الشجاع عندما يهيم في حب امرأة ويجعلها تستوطن قلبه، لا يقدر على التحكم في مشاعره وعواطفه نحوها، ويشرع دائمًا في أن يقول لها أفضل كلمات كالتي جاءت في أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الغزل.

لذا دعونا نتعرف على قصيدة (برد نسيم الحجاز) حيث احتوت على الكثير من الكلمات الرائعة، فضلًا على كونها مستساغة الألفاظ، فقد أتت الأبيات على النحو التالي:
بَردُ نَسيمِ الحِجازِ في السَحَرِ

إِذا أَتاني بِريحِهِ العَطِرِ

أَلَذُّ عِندي مِمّا حَوَتهُ يَدي

مِنَ اللَآلي وَالمالِ وَالبِدَرِ

وَمُلكُ كِسرى لا أَشتَهيهِ إِذا

ما غابَ وَجهُ الحَبيبِ عَن نَظَري

سَقى الخِيامَ الَّتي نُصِبنَ عَلى

شَرَبَّةِ الأُنسِ وابِلُ المَطَرِ

مَنازِلٌ تَطلُعُ البُدورُ بِها

مُبَرقَعاتٍ بِظُلمَةِ الشَعَرِ

بيضٌ وَسُمرٌ تَحمي مَضارِبَها

أَسادُ غابٍ بِالبيضِ وَالسُمُرِ

صادَت فُؤادي مِنهُنَّ جارِيَةٌ

مَكحولَةُ المُقلَتَينِ بِالحَوَرِ

تُريكَ مِن ثَغرِها إِذا اِبتَسَمَت

كَأسَ مُدامٍ قَد حُفَّ بِالدُرَرِ

أَعارَتِ الظَبيَ سِحرَ مُقلَتِها

وَباتَ لَيثُ الشَرى عَلى حَذَرِ

خودٌ رَداحٌ هَيفاءُ فاتِنَةٌ

تُخجِلُ بِالحُسنِ بَهجَةَ القَمَرِ

يا عَبلَ نارُ الغَرامِ في كَبدي

تَرمي فُؤادي بِأَسهُمِ الشَرَرِ

يا عَبلَ لَولا الخَيالُ يَطرُقُني

قَضَيتُ لَيلي بِالنَوحِ وَالسَهَرِ

يا عَبلَ كَم فِتنَةٍ بُليتُ بِها

وَخُضتُها بِالمُهَنَّدِ الذَكَرِ

وَالخَيلُ سودُ الوُجوهِ كالِحَةٌ

تَخوضُ بَحرَ الهَلاكِ وَالخَطَرِ

أُدافِعُ الحادِثاتِ فيكِ وَلا

أُطيقُ دَفعَ القَضاءِ وَالقَدَرِ

7- قصيدة إذا الريح هبت من ربي

تلك القصيدة الرائعة التي لا تخلو من أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الغزل، والتي قالها أيضًا عنترة بن شداد، من شأنها أن تكون منهاجًا وحدها، لفرط المشاعر التي احتوت عليها، فهي لا تتحدث فقط عن الجمال كونه أساس الغزل.

بل إنها مزيج بين جمال الطبيعة والمرأة التي غرق فؤاد عنترة في حبها، فكلاهما من صنع البديع جل في علاه، لذا فإنه عندما نتحدث عن أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الغزل لا يجب مطلقًا أن نغفل عن قصيدة (إذا الريح هبت من ربي)، فهي من أفضل القصائد على الإطلاق، وقد أتت أبياتها على النحو التالي:
إِذا الريحُ هَبَّت مِن رُبى العَلَمَ السَعدي

طَفا بَردُها حَرَّ الصَبابَةِ وَالوَجدِ

وَذَكَّرَني قَومًا حَفِظتُ عُهودَهُم

فَما عَرِفوا قَدري وَلا حَفِظوا عَهدي

وَلَولا فَتاةٌ في الخِيامِ مُقيمَةٌ

لَما اِختَرتُ قُربَ الدارِ يَومًا عَلى البُعدِ

مُهَفهَفَةٌ وَالسِحرُ مِن لَحَظاتِها

إِذا كَلَّمَت مَيتًا يَقومُ مِنَ اللَحدِ

أَشارَت إِلَيها الشَمسُ عِندَ غُروبِها

تَقولُ إِذا اِسوَدَّ الدُجى فَاِطلِعي بَعدي

وَقالَ لَها البَدرُ المُنيرُ أَلا اِسفِري

فَإِنَّكِ مِثلي في الكَمالِ وَفي السَعدِ

فَوَلَّت حَياءً ثُمَّ أَرخَت لِثامَها

وَقَد نَثَرَت مِن خَدِّها رَطِبَ الوَردِ

وَسَلَّت حُسامًا مِن سَواجي جُفونِها

كَسَيفِ أَبيها القاطِعِ المُرهَفِ الحَدِّ

تُقاتِلُ عَيناها بِهِ وَهوَ مُغمَدٌ

وَمِن عَجَبٍ أَن يَقطَعَ السيفُ في الغِمدِ

مُرَنَّحَةُ الأَعطافِ مَهضومَةُ الحَشا

مُنَعَّمَةُ الأَطرافِ مائِسَةُ القَدِّ

يَبيتُ فُتاتُ المِسكِ تَحتَ لِثامِها

فَيَزدادُ مِن أَنفاسِها أَرَجُ النَدِّ

وَيَطلَعُ ضَوءُ الصُبحِ تَحتَ جَبينِها

فَيَغشاهُ لَيلٌ مِن دُجى شَعرِها الجَعدِ

وَبَينَ ثَناياها إِذا ما تَبَسَّمَت

مُديرُ مُدامٍ يَمزُجُ الراحَ بِالشَهدِ

شَكا نَحرُها مِن عَقدِها مُتَظَلِّمًا

فَواحَرَبا مِن ذَلِكَ النَحرِ وَالعِقدِ

فَهَل تَسمَحُ الأَيّامُ يا اِبنَةَ مالِكٍ

بِوَصلٍ يُداوي القَلبَ مِن أَلَمِ الصَدِّ

سَأَحلُمُ عَن قَومي وَلَو سَفَكوا دَمي

وَأَجرَعُ فيكِ الصَبرَ دونَ المَلا وَحدي

وَحَقِّكِ أَشجاني التَباعُدُ بَعدَكُم

فَهَل أَنتُمُ أَشجاكُمُ البُعدُ مِن بَعدي

حَذِرتُ مِنَ البَينِ المُفَرِّقِ بَينَنا

وَقَد كانَ ظَنّي لا أُفارِقُكُم جَهدي

فَإِن عايَنَت عَيني المَطايا وَرَكبُها

فَرَشتُ لَدى أَخفافِها صَفحَةَ الخَدِّ
اقرأ أيضًا: التجديد في الشعر العربي في القرن الثاني للهجرة

8- قصيدة رمت الفؤاد

(رمت الفؤاد) تلك القصيدة عندما يأتي ذكرها كونها من أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الغزل، لا يسعنا سوى أن نقول وهل يخفى القمر؟ فهي التي كتبها عنترة بن شداد، قصيدة رائعة احتوت على الكثير من مواطن الجمال التي تكمن في لغتنا العربية.

فبالتنقل بين المرادفات والمعاني الجياشة نجد أن تلك القصيدة لا تتكون من شطور فحسب، بل ستشعر أنك بصدد مشهد مصور ولا أروع من ذلك، حين يلمس الشاعر قلب المستمع ويصل إلى مخيلته، فيبدأ حينها التناغم وإيقاظ لهيب المشاعر النائمة.

لذا دعونا نتعرف على الكلمات الرائعة التي تونت من خلالها قصيدة لا تعد فقط من أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الغزل، بل هي الأفضل على الإطلاق على الرغم من قلة عدد أبياتها، والتي أتت على النحو التالي:
رَمَتِ الفُؤَادَ مَليحَةٌ عَذراءُ

بِسِهامِ لَحظٍ ما لَهُنَّ دَواءُ

مَرَّت أَوانَ العيدِ بَينَ نَواهِدٍ

مِثلِ الشُموسِ لِحاظُهُنَّ ظُباءُ

فَاِغتالَني سَقَمي الَّذي في باطِني

أَخفَيتُهُ فَأَذاعَهُ الإِخفاءُ

خَطَرَت فَقُلتُ قَضيبُ بانٍ حَرَّكَت

أَعطافَهُ بَعدَ الجَنوبِ صَباءُ

وَرَنَت فَقُلتُ غَزالَةٌ مَذعورَةٌ

قَد راعَها وَسطَ الفَلاةِ بَلاءُ

وَبَدَت فَقُلتُ البَدرُ لَيلَةَ تِمِّهِ

قَد قَلَّدَتهُ نُجومَها الجَوزاءُ

بَسَمَت فَلاحَ ضِياءُ لُؤلُؤِ ثَغرِها

فيهِ لِداءِ العاشِقينَ شِفاءُ

سَجَدَت تُعَظِّمُ رَبَّها فَتَمايَلَت

لِجَلالِها أَربابُنا العُظَماءُ

يا عَبلَ مِثلُ هَواكِ أَو أَضعافُهُ

عِندي إِذا وَقَعَ الإِياسُ رَجاءُ

إِن كانَ يُسعِدُني الزَمانُ فَإِنَّني

في هِمَّتي بِصُروفِهِ إِزراءُ

9- قصيدة أتعرف رسم الدار

طرفة بن العبد من أهم شعراء العصر الجاهلي، والذي لا زالت قصائده تتردد على مسامعنا بين الحين والآخر، فعلى الرغم من مرور الكثير من السنوات، إلا أن أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الغزل من شأنها ألا تنسى أمد الدهر.

ذلك لأنها احتوت على الكثير من المعاني الدافئة، فهي لم تكن تعني بالضرورة حب الرجل لملامح المرأة، سواء الجسدية أو الوجهية، وإنما حملت بين طياتها الكثير.

فالجمال من وجهة نظر ذلك الشاعر من شأنه أن ينبع من عين الرائي لينعكس على ما يتغزل به، ولهذا السبب أصبحت قصائده الغزلية من أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الغزل، لذا دعونا نتعرف على شطور قصيدة (أتعرف رسم الدار) والتي أتت على النحو التالي:
أَتَعرِفُ رَسمَ الدارِ قَفرًا مَنازِلُه

كَجَفنِ اليَمانِ زَخرَفَ الوَشيَ ماثِلُه

بِتَثليثَ أَو نَجرانَ أَو حَيثُ تَلتَقي

مِنَ النَجدِ في قَيعانِ جَأشٍ مَسائِلُه

دِيارٌ لِسَلمى إِذ تَصيدُكَ بِالمُنى

وَإِذ حَبلُ سَلمى مِنكَ دانٍ تُواصُلُه

وَإِذ هِيَ مِثلُ الرَئمِ صيدَ غَزالُها

لَها نَظَرٌ ساجٍ إِلَيكَ تُواغِلُه

غَنينا وَما نَخشى التَفَرُّقَ حِقبَةً

كِلانا غَريرٌ ناعِمُ العَيشِ باجِلُه

لَيالِيَ أَقتادُ الصِبا وَيَقودُني

يَجولُ بِنا رَيعانُهُ وَيُحاوِلُه

سَما لَكَ مِن سَلمى خَيالٌ وَدونَها

سَوادُ كَثيبٍ عَرضُهُ فَأَمايِلُه

فَذو النيرِ فَالأَعلامُ مِن جانِبِ الحِمى

وَقُفٌّ كَظَهرِ التُرسِ تَجري أَساجِلُه

وَأَنّى اِهتَدَت سَلمى وَسائِلَ بَينَنا

بَشاشَةُ حُبٍّ باشَرَ القَلبَ داخِلُه

وَكَم دونَ سَلمى مِن عَدوٍّ وَبَلدَةٍ

يَحارُ بِها الهادي الخَفيفُ ذَلاذِلُه

يَظَلُّ بِها عَيرُ الفَلاةِ كَأَنَّهُ

رَقيبٌ يُخافي شَخصَهُ وَيُضائِلُه

وَما خِلتُ سَلمى قَبلَها ذاتَ رِجلَةٍ

إِذا قَسوَريُّ اللَيلِ جيبَت سَرابِلُه

وَقَد ذَهَبَت سَلمى بِعَقلِكَ كُلِّهِ

فَهَل غَيرُ صَيدٍ أَحرَزَتهُ حَبائِلُه
اقرأ أيضًا: بحث مختصر عن العصر العباسي

10- قصيدة هل غادر الشعراء؟

عودة من جديد مع أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الغزل التي يطل بها علينا مجددًا عنترة بن شداد، فقد كان مفرط العشق لعبلة، فكان يرى أنه لا امرأة في هذه الدنيا من شأنها أن تنافسها في جمالها، على الرغم من أنها كانت عادية الملامح لا تمتلك الفاتن منها.

إلا أنه عندما يهوى القلب ويقع أسيرًا لمحبوبه، فإنه يرى أن ذلك الشخص هو العالم أجمع بمفاتنه وجماله وحسنه وطيب خلقه، وحينها نجد أن كلمات الغزل تخرج من الألسنة بشكل تلقائي دون أن يكون هناك تحضير مسبق لها.

لذا دعونا نتعرف على تلك القصيدة الرائعة التي تحمل عنوان (هل غادر الشعراء) كونها تعد من أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الغزل، حيث أتت شطورها على النحو التالي:
هَل غادَرَ الشُعَراءُ مِن مُتَرَدَّمِ

أَم هَل عَرَفتَ الدارَ بَعدَ تَوَهُّمِ

يا دارَ عَبلَةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمي

وَعَمي صَباحًا دارَ عَبلَةَ وَاِسلَمي

فَوَقَفتُ فيها ناقَتي وَكَأَنَّها

فَدَنٌ لِأَقضِيَ حاجَةَ المُتَلَوِّمِ

وَتَحُلُّ عَبلَةُ بِالجَواءِ وَأَهلُنا

بِالحَزنِ فَالصَمّانِ فَالمُتَثَلَّمِ

حُيِّيتَ مِن طَلَلٍ تَقادَمَ عَهدُهُ

أَقوى وَأَقفَرَ بَعدَ أُمِّ الهَيثَمِ

حَلَّت بِأَرضِ الزائِرينَ فَأَصبَحَت

عَسِرًا عَلَيَّ طِلابُكِ اِبنَةَ مَخرَمِ

عُلِّقتُها عَرَضًا وَأَقتُلُ قَومَها

زَعمًا لَعَمرُ أَبيكَ لَيسَ بِمَزعَمِ

وَلَقَد نَزَلتِ فَلا تَظُنّي غَيرَهُ

مِنّي بِمَنزِلَةِ المُحَبِّ المُكرَمِ

كَيفَ المَزارُ وَقَد تَرَبَّعَ أَهلُها

بِعُنَيزَتَينِ وَأَهلُنا بِالغَيلَمِ

إِن كُنتِ أَزمَعتِ الفِراقَ فَإِنَّماْ

زُمَّت رِكابُكُمُ بِلَيلٍ مُظلِمِ

ما راعَني إِلّا حَمولَةُ أَهلِها

وَسطَ الدِيارِ تَسَفُّ حَبَّ الخِمخِمِ

فيها اِثنَتانِ وَأَربَعونَ حَلوبَةً

سودًا كَخافِيَةِ الغُرابِ الأَسحَمِ

إِذ تَستَبيكَ بِذي غُروبٍ واضِحٍ

عَذبٍ مُقَبَّلُهُ لَذيذِ المَطعَمِ

وَكَأَنَّ فارَةَ تاجِرٍ بِقَسيمَةٍ

سَبَقَت عَوارِضَها إِلَيكَ مِنَ الفَمِ

أَو رَوضَةً أُنُفًا تَضَمَّنَ نَبتَها

غَيثٌ قَليلُ الدِمنِ لَيسَ بِمَعلَمِ

جادَت عَليهِ كُلُّ بِكرٍ حُرَّةٍ

فَتَرَكنَ كُلَّ قَرارَةٍ كَالدِرهَمِ

سَحًّا وَتَسكابًا فَكُلَّ عَشِيَّةٍ

يَجري عَلَيها الماءُ لَم يَتَصَرَّمِ

وَخَلا الذُبابُ بِها فَلَيسَ بِبارِحٍ

غَرِدًا كَفِعلِ الشارِبِ المُتَرَنِّمِ

هَزِجًا يَحُكُّ ذِراعَهُ بِذِراعِهِ

قَدحَ المُكِبِّ عَلى الزِنادِ الأَجذَمِ

تُمسي وَتُصبِحُ فَوقَ ظَهرِ حَشِيَّةٍ

وَأَبيتُ فَوقَ سَراةِ أَدهَمَ مُلجَمِ

وَحَشِيَّتي سَرجٌ عَلى عَبلِ الشَوى

نَهدٍ مَراكِلُهُ نَبيلِ المَحزِمِ

هَل تُبلِغَنّي دارَها شَدَنِيَّةٌ

لُعِنَت بِمَحرومِ الشَرابِ مُصَرَّمِ

خَطّارَةٌ غِبَّ السُرى زَيّافَةٌ

تَطِسُ الإِكامَ بِوَخذِ خُفٍّ ميثَمِ

وَكَأَنَّما تَطِسُ الإِكامَ عَشِيَّةً

بِقَريبِ بَينَ المَنسِمَينِ مُصَلَّمِ

تَأوي لَهُ قُلُصُ النَعامِ كَما أَوَت

حِزَقٌ يَمانِيَةٌ لِأَعجَمَ طِمطِمِ

يَتبَعنَ قُلَّةَ رَأسِهِ وَكَأَنَّهُ

حِدجٌ عَلى نَعشٍ لَهُنَّ مُخَيَّمِ

صَعلٍ يَعودُ بِذي العُشَيرَةِ بَيضَهُ

كَالعَبدِ ذي الفَروِ الطَويلِ الأَصلَمِ

شَرِبَت بِماءِ الدُحرُضَينِ فَأَصبَحَت

زَوراءَ تَنفِرُ عَن حِياضِ الدَيلَمِ

وَكَأَنَّما تَنأى بِجانِبِ دَفَّها ال

وَحشِيِّ مِن هَزِجِ العَشِيِّ مُؤَوَّمِ

هِرٍ جَنيبٍ كُلَّما عَطَفَت لَهُ

غَضَبى اِتَّقاها بِاليَدَينِ وَبِالفَمِ

بَرَكَت عَلى جَنبِ الرِداعِ كَأَنَّم

بَرَكَت عَلى قَصَبٍ أَجَشَّ مُهَضَّمِ

وَكأَنَّ رُبًّا أَو كُحَيلًا مُعقَد

حَشَّ الوَقودُ بِهِ جَوانِبَ قُمقُمِ

يَنباعُ مِن ذِفرى غَضوبٍ جَسرَةٍ

زَيّافَةٍ مِثلَ الفَنيقِ المُكدَمِ

إِن تُغدِفي دوني القِناعَ فَإِنَّني

طَبٌّ بِأَخذِ الفارِسِ المُستَلئِمِ

أَثني عَلَيَّ بِما عَلِمتِ فَإِنَّني

سَمحٌ مُخالَقَتي إِذا لَم أُظلَمِ

وَإِذا ظُلِمتُ فَإِنَّ ظُلمِيَ باسِلٌ

مُرٌّ مَذاقَتَهُ كَطَعمِ العَلقَمِ

وَلَقَد شَرِبتُ مِنَ المُدامَةِ بَعدَما

رَكَدَ الهَواجِرُ بِالمَشوفِ المُعلَمِ

بِزُجاجَةٍ صَفراءَ ذاتِ أَسِرَّةٍ

قُرِنَت بِأَزهَرَ في الشَمالِ مُفَدَّمِ

فَإِذا شَرِبتُ فَإِنَّني مُستَهلِكٌ

مالي وَعِرضي وافِرٌ لَم يُكلَمِ

وَإِذا صَحَوتُ فَما أُقَصِّرُ عَن نَدىً

وَكَما عَلِمتِ شَمائِلي وَتَكَرُّمي

وَحَليلِ غانِيَةٍ تَرَكتُ مُجَدَّل

تَمكو فَريصَتُهُ كَشَدقِ الأَعلَمِ

سَبَقَت يَدايَ لَهُ بِعاجِلِ طَعنَةٍ

وَرَشاشِ نافِذَةٍ كَلَونِ العَندَمِ

هَلّا سَأَلتِ الخَيلَ يا اِبنَةَ مالِكٍ

إِن كُنتِ جاهِلَةً بِما لَم تَعلَمي

إِذ لا أَزالُ عَلى رِحالَةِ سابِحٍ

نَهدٍ تَعاوَرُهُ الكُماةُ مُكَلَّمِ

طَورًا يُجَرَّدُ لِلطِعانِ وَتارَةً

يَأوي إِلى حَصدِ القَسِيِّ عَرَمرَمِ

يُخبِركِ مَن شَهِدَ الوَقيعَةَ أَنَّني

أَغشى الوَغى وَأَعِفُّ عِندَ المَغنَمِ

وَمُدَجَّجٍ كَرِهَ الكُماةُ نِزالَهُ

لا مُمعِنٍ هَرَبًا وَلا مُستَسلِمِ

جادَت لَهُ كَفّي بِعاجِلِ طَعنَةٍ

بِمُثَقَّفٍ صَدقِ الكُعوبِ مُقَوَّمِ

فَشَكَكتُ بِالرُمحِ الأَصَمِّ ثِيابَهُ

لَيسَ الكَريمُ عَلى القَنا بِمُحَرَّمِ

فَتَرَكتُهُ جَزَرَ السِباعِ يَنُشنَهُ

يَقضِمنَ حُسنَ بِنانِهِ وَالمِعصَمِ
 أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الغزل من شأنها أن تكون قد جعلت من قارئها هائمًا في حالة من الشجن، ليس فقط لفرط المشاعر الحانية التي احتوت عليها، لكن لعظم مفردات اللغة العربية الرائعة.

قد يعجبك أيضًا