سيرة السيدة عائشة رضي الله عنها كاملة

لا شك في كون سيرة السيدة عائشة رضي الله عنها كاملة من أجمل وأبرز ما يُحب المرء المُسلم قراءته على الإطلاق فيما يخص قصص السلف الصالح وما يرد عن آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونظرًا لمكانتها العظيمة سنسعى جاهدين عبر موقع جربها لتعريفكم لتناول جوانب حياة هذه السيدة الكريمة.

سيرة السيدة عائشة رضي الله عنها كاملة

لا شك في كون السيدة عائشة من السيدات اللاتي خلدهُن التاريخ بين طياته وحفر أسمائهُن بحروفٍ من ذهب في كافة أرجاء التُراث العربي، الإسلامي وحتى العالمي، ومن أبرز المعلومات التي تُعرف عن هذه السيدة الكريمة كونها من زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم.

لذا تُعرف السيدة عائشة بلقب أُم المؤمنين كما هو الحال مع غيرها من زوجات الهادي البشير عليه أفضل صلوات الله وأتم تسليمه، وللتعريف بسيرة السيدة عائشة رضي الله عنها كاملة لا بُد وأن نتطرق إلى بدايتها، فأين ومتى وُلدت؟ وما هو نسبها؟ وما هي أشهر القصص الخاصة بها؟

هي عائشة بنت أبي بكر الصديق عبد الله بن أبي قحافة عُثمان بن عامر بن عُمرو بن كعب بن تيم بن مُرة بن كعب، ما يعني أنها تنتمي إلى قبيلة بني تيم، والتي تُعد بدورها من بطون قبيلة قُريش أكبر قبائل شبه الجزيرة العربية.

مع العلم أن نسب والدها خليل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأول من آمن به وما أُنزل عليه من الرجال يلتقي مع الهادي البشير في جده السادس مُرة بن كعب، وكما هو الحال مع غيرها من أبناء قبيلة قُريش نشأت السيدة الكريمة حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تِهامة.

تِهامة هي منطقة ساحلية تقع في شبه الجزيرة العربية وتضُم مكة وغيرها من المُدن، وعلى الرغم من ذلك يُجهل إلى يومنا هذا حقيقة تاريخ ميلاد السيدة عائشة، فيُقال إن أُم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها وُلدت في العام التاسع عشر قبل الهجرة.

هذا ما يُعادل في التاريخ الميلادي وفقًا للمصادر التاريخية عام 604م، ووفقًا لمصادر أُخرى جاء أن ميلادها كان في العام السابع قبل الهجرة.

اقرأ أيضًا: صفات السيدة عائشة رضي الله عنها

خطبة رسول الله لأُم المؤمنين عائشة

لعل أكثر ما يتم البحث عنه في سيرة السيدة عائشة رضي الله عنها كاملة هي قصة زواج رسول الله صلى الله عليه وسلم بها، فترجع القصة في مهدها إلى العام الثاني قبل الهجرة.

هذه هي الفترة التي فقد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى زوجاته والأُم الأولى للمؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وأرضاها، وقد حزِن الهادي البشير على خسارتها حُزنًا جمًا، وفي يومٍ من الأيام جاءته السيدة والصحابية خولة بنت حكيم تسأله أن يتزوج.

قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: “ومن؟”، فأجابته: “إن شِئتَّ بِكرًا، وإن شِئتَّ ثيبًا“، وبسؤاله لها عن البكر والثيب “السيدة التي تزوجت من قبل” علِم أن العزباء والبكر هي عائشة بنت أبا بكر، وأما الثيب فهي سودة بنت زمعة بن قيس العامرية القُرشية.

قال لها رسول الله خُذي رأيهما، وعند حديث خولة مع أم رومان والدة عائشة رضي الله عنهُما أجابتها بانتظار أبي بكرٍ الصديق، وقد كان المطعم بن عُدي قد طلب عائشة للزواج من ابنه، لذا سأل أبو بكر المُطعم، فقال له: “لعل زواج ابني من ابنتك يُدخله في دينك الذي أنت عليه“، فلم يكُن المُطعم بن عُدي مُسلمًا.

رأى أبو بكر في ذلك تبرئةً لذمته فيما كان بينه وبين المُطعم من اتفاق حول خطبة عائشة لجُبير بن مطعم رضي الله عنهُما وأرضاهُما، فأذِنَّ لرسول الله بالمجيء، وقد خطب على إثر ذلك عائشة.

عائشة في بيت رسول الله

على الرغم من خِطبة النبي مُحمد للسيدة عائشة بنت أبي بكر في العام الثاني قبل الهجرة إلا أنها لم تكُن السيدة التي تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاة خديجة بنت خويلد.

فعائشة هي ثالث زوجات الرسول الكريم مُحمد بن عبد الله، مع العلم أنها السيدة الوحيدة التي تزوج بها النبي العدنان وهي بِكر، فلم يتزوج بِكرًا غيرها، وقد تزوج قبلها أُم المؤمنين سودة بنت زمعة رضي الله عنها وأرضاها.

هاجرت السيدة عائشة إلى المدينة رفقة طلحة بن عبيد الله، عبد الله بن أبو بكر، أم رومان، أسماء بنت أبو بكر، أم أيمن حاضنة النبي ومُربيته وابنها أُسامة بن زيد بن حارثة، سودة بنت زمعة بالإضافة إلى ابنتي النبي فاطمة الزهراء وأُم كلثوم رضي الله عنهُم وأرضاهُم أجمعين، وذلك بعد هجرة رسول الله.

تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعائشة رضي الله عنها بعد انتهاء غزوة بدر، وتحديدًا في شهر شوال من العام الثاني للهجرة، وقد قالت أُم المؤمنين حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك كما ورد في صحيح مُسلم بتحديثه:
تَزَوَّجَنِي رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في شَوَّالٍ، وَبَنَى بي في شَوَّالٍ، فأيُّ نِسَاءِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ كانَ أَحْظَى عِنْدَهُ مِنِّي؟” [صحيح المسند].
اقرأ أيضًا: كم كان عمر الرسول عندما تزوج عائشة

حُب رسول الله لعائشة

وفقًا للعديد من المصادر التاريخية والإسلامية أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها أكثر من باقي نسائه الذين تزوجهم بعد وفاة أم المؤمنين الأولى خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وأرضاها.

كان ذلك السبب الرئيسي في إطلاق لقب حبيبة رسول الله عليها، ونظرًا لإدراك المُسلمين هذا الأمر كانوا يقومون بتأخير الهدايا التي يعملون على إرسالها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يكون في بيت عائشة.

أدى استمرار هذا الفعل إلى انزعاج أُمهات المؤمنين، وقُمن جميعُهن باختيار أم سلمة وهي السيدة هند بنت أبي أُمية رضي الله عنها وأرضاها لتتحدث مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقُلن لها كما ورد في صحيح البُخاري بتحديثه:
كَلِّمِي رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُكَلِّمُ النَّاسَ، فيَقولُ: مَن أرَادَ أنْ يُهْدِيَ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هَدِيَّةً، فَلْيُهْدِهِ إلَيْهِ حَيْثُ كانَ مِن بُيُوتِ نِسَائِهِ، فَكَلَّمَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ بما قُلْنَ، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شيئًا” [صحيح المسند].
لم يقُل الهادي البشير شيئًا لأم سلمة، فعادت له مرة أُخرى تطلب منه نفس الطلب، فقال لها:
لا تُؤْذِينِي في عَائِشَةَ فإنَّ الوَحْيَ لَمْ يَأْتِنِي وأَنَا في ثَوْبِ امْرَأَةٍ، إلَّا عَائِشَةَ، قالَتْ: فَقالَتْ: أتُوبُ إلى اللَّهِ مِن أذَاكَ يا رَسولَ اللَّهِ” [صحيح المسند]، فقد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي الأمين سيدنا جبريل عليه السلام بقول السيدة عائشة في سُنن الترمذي:

أنَّ جبريلَ جاء بِصُورَتِها في خِرْقَةِ حَرِيرٍ خَضْرَاءَ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال هذه زَوْجَتُكَ في الدنيا والآخرةِ” [حسن المسند].
على الرغم من رفض رسول الله وامتناعه عن طلب ما رغبن الناس، توالت الطلبات حتى أن فاطمة الزهراء بنت رسول الله طلبت منه ذلك، ولم يُجب أيضًا، فأرسلن إليه زينب بنت جحش، ولكن رده كان ثابتًا “إنها بنت أبي بكر“.

اقرأ أيضًا: ما معنى اسم عائشة وصفات حامل هذا الاسم

غيرة أُم المؤمنين عائشة على الهادي البشير

من أبرز ما ورد من نصوص فيما يخص سيرة السيدة عائشة رضي الله عنها كاملة هو كونها تغار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بشكلٍ لم يعهده وإلى حدٍ كان يصل في بعض الأحيان إلى المُغالاة والمُبالغة غير المُبررة، ولكنها لم تكُن إلا بدافع الحُب المُطلق.

بالاطلاع على عشرات المصادر التي تطرقت إلى فكرة غيرة السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها على الهادي البشير نجد قصصًا تكادُ لا تُصدق.

من أبرز هذه القصص ما دار بين رسول الله والسيدة عائشة عندما زارتهُما هالة بنت خويلد شقيقة السيدة خديجة أُم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، وتقول السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها في ذلك حسبما ورد في صحيح مُسلم بتحديثه:
اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بنْتُ خُوَيْلِدٍ أُخْتُ خَدِيجَةَ علَى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَعَرَفَ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ فَارْتَاحَ لِذلكَ فَقالَ: اللَّهُمَّ هَالَةُ بنْتُ خُوَيْلِدٍ فَغِرْتُ فَقُلتُ: وَما تَذْكُرُ مِن عَجُوزٍ مِن عَجَائِزِ قُرَيْشٍ، حَمْرَاءِ الشِّدْقَيْنِ، هَلَكَتْ في الدَّهْرِ فأبْدَلَكَ اللَّهُ خَيْرًا منها” [صحيح المسند].
في هذا الحديث الشريف تعبير واضح عن مدى غيرة حبيبة رسول الله عليه من كافة النساء، ورد عليها رسول الله بقوله الذي ورد في تخريج المسند بتحديث شُعيب الأرناؤوط والذي جاء فيه أنه قال:
ما أبدَلَني اللهُ عزَّ وجلَّ خَيرًا منها، قد آمَنَتْ بي إذ كفَرَ بي الناسُ، وصدَّقَتْني إذ كذَّبَني الناسُ، وواسَتْني بمالِها إذ حرَمَني الناسُ، ورزَقَني اللهُ عزَّ وجلَّ ولَدَها إذ حرَمَني أولادَ النِّساءِ” [صحيح المسند].
هذا يُعبر عن شِدة حُبه للسيدة خديجة وتقديره لما قامت به معه حتى وإن لم تعُد على قيد الحياة، ولا خير في نساء الدُنيا في عين الهادي البشير كخير بنت خويلد رضي الله عنها، كما قد ورد فيما يخص سيرة السيدة عائشة رضي الله عنها كاملة أنها قد كسرت طبقًا من الطعام كان مُقدمًا لرسول الله من قِبَلِّ صفية بنت حُيي لغيرتها.

اقرأ أيضًا: اول من اسلم من النساء

حادثة الإفك

لعل أكثر اللحظات صعوبة في سيرة السيدة عائشة رضي الله عنها كاملة هو ما يُعرف بحادثة الإفك، ويظهر من اسمها كونها من صور الحوادث المكذوبة، فقد افتعلها المُنافقون في سبيل الإساءة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

بدأت القصة عندما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم باصطحاب عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها وأرضاها إلى غزوةٍ معه، وقد كان من عادته أن يقوم باصطحاب واحدةٍ أُمهات المؤمنين معه إلى الغزوات، ويتم ذلك عن طريق قُرعة، ومن يخرُج سهمها في القُرعة تأتي معه، وقد كان سهم بنت أبي بكر.

كانت هذه الغزوة على إثر ما وصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أخبار ارتبطت بقيام الحارث بن أبي ضرار بتجهيز جيش في سبيل غزو المدينة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأس المُسلمين نحو بني المُصطلق وتواجه الجيشان في معركةٍ انتهت سريعًا بخسارة المُشركين وانتصار جيش المُسلمين.

بعد انتهاء الغزوة وأخذ الجيش قسطًا من الراحة قامت السيدة عائشة بتحسُس عقدها فلم تجده، فقامت بالخروج من هودجها للبحث عن عقدها، وأثناء بحثها قام الجيش بالتحرك ولم يلحظوا خفة الهودج الخاصة بأُم المؤمنين نظرًا لكونها خفيفة الوزن وصغيرة الحجم.

أكمل الجيش المسير دون مُلاحظة فقدان عائشة، وحينما وجدت السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها عقدها لم تجد الجيش، فلبثت في مكانها لظنها أنهُم سيُلاحظون غيابها ويرجعون لأخذها.

فأمسى عليها الليل ورآها صفوان بن المُعطل الذي كانت مُهمته أن يلبث في مكانه حتى صباح يوم الغزوة لتفقد الطريق بعدهم، وعند رؤية المُشركين عائشة مع صفوان في الليل وحدهما اتهموهُما بالفاحشة ورموها في عرضها بما ليس فيها من شيء.

انتشار شائعة الإفك في كُل حدبٍ وصوب

قال الله تبارك وتعالى في كتابه الحكيم وقوله الكريم: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [سورة الشرح: الآيات 5، 6]، وقسم الله ووعده عظيم، فحاشا له أن يخلف، ولا شك في كون هذه المرحلة من مراحل سيرة السيدة عائشة رضي الله عنها كاملة كانت أكثر الفترات احتياجًا لليُسر.

وفقًا للمصادر التاريخية يُعد المُنافق عبد الله بن أبي سلول هو القائم الأول على حادثة الإفك، وهو من أثارها ونشرها بين الناس، ولكنه كان جبانًا فلم يكُن يُريد أن يظُن الناس به كونه السبب، فكان ينشر الشائعة بقوله: “أما سمعتم ما قيل في عائشة؟ لقد قيل كذا وكذا“، وقد وصلت الأخبار إلى المدينة، مع العلم أن عائشة عادت إلى بيتها ولم تعلم شيئًا عما قيل فيها إلا أن خرجت رفقة أم مُسطح لقضاء حاجتها.

في الطريق تعثرت أُم مُسطح فقالت تعس مُسطح، فما كان من عائشة رضي الله عنها إلا أن نهرتها وقالت لها: “كيف تقولين ذلك لشخصٍ قد شهد بدر؟!”، حينها علمت أُم مُسطح أن عائشة لا تعلم ما يُقال فيها من قِبل المُشركين، فأخبرتها.

صدمة عائشة وتبرئة الله لها

عادت عائشة رضي الله عنها وأرضاها إلى بيتها، وعندما تيقنت من صحة ما يُقال توجهت إلى بيت أُمها، وحينها سمعت الرواية المكذوبة كاملة، فأُغشي عليها من شِدة صدمتها، ومرضت على إثر ذلك مرضًا شديدًا، كما بكت حتى جفت دُموعها.

على الرغم من حُزن رسول الله صلى الله عليه وسلم لسماعه ما يُقال في حقه وحق امرأته إلا أنه مال إلى السُكوت انتظارًا لنزول الوحي، وقد فكر في تطليقها، ولكنه كُلما حدث أحدًا عنها واستشاره مدحها.

فذهب الرسول إلى عائشة وقد كان الشك قد بدأ في التملُك منه، وقال لها إن فعلتِ شيئًا فقولي واستغفري، وما كان من عائشة إلا قامت بالدُعاء وفقًا لما كان يقوله أيوب والد يوسف عليهما السلام:
{فَصَبرٌ جَميلٌ وَاللَّـهُ المُستَعانُ عَلى ما تَصِفونَ} [سورة يوسُف: آية 18]
لم يلبث الوضع على ما هو عليه طويلًا حتى أنزل الله تبارك وتعالى قوله الكريم بواسطة الوحي الأمين سيدنا جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، في لحظةٍ هي الأكثر سعادة في سيرة السيدة عائشة رضي الله عنها كاملة من بدايتها إلى نهايتها، وقد جاء في ذلك:
{إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ۚ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11) لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَٰذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ (12) لَّوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ۚ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَٰئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (13)….} [سورة النور: الآيات من 11 – 20].
قالت عائشةٌ وهي فرحة: “وأعلم أن الله مبرئي ببراءتي، ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحيًا يتلى“.

اقرأ أيضًا: حديث الرسول عن اختيار الزوجة

وفاة رسول الله وما بعدها

في الأيام الأخيرة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندما اشتد عليه مرضه كانت الرغبة الأولى له أن يمرض في بيت عائشة، وقد أذنت لهُّ زوجاته بذلك بالفعل، ولم يكُن هُناك أكثر حُزنًا وحُسنًا في التعامُل مع رسول الله في هذه الأيام أكثر من عائشة.

في فترةِ مرضه جاءه بلال لمعرفة من سيُصلي بالناس، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ”، وحينها قال له بلال رضي الله عنه وأرضاه:
يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ(2) وَمَتَى مَا يَقُومُ مَقَامَكَ يَبْكِي فَلا يَسْتَطِيعُ فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ“.
شدد رسول الله صلى الله عليه وسلم على طلبه وقال له: “مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ، فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبَاتُ يُوسُفَ“، وكانت هذه اللحظة أكثر اللحظات الصعبة التي مرت بها السيدة عائشة.

في يوم وفاة الحبيب المُصطفى دخل به عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنهُما وأرضاهُما وبيده السواك، وقد نظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلمت عائشة أنه يُريده، وعندما أعطته إياه كان شديدًا عليه، فلينته لها بأسنانها، وبعدها تُوفى الهادي البشير، وقالت عائشة عنه هذه اللحظة:

فَماتَ في اليَومِ الذي كانَ يَدُورُ عَلَيَّ فيه في بَيْتِي، فَقَبَضَهُ اللَّهُ وإنَّ رَأْسَهُ لَبيْنَ نَحْرِي وسَحْرِي، وخالَطَ رِيقُهُ رِيقِي” [صحيح المسند].

تولى بعدها أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه الخلافة، ولزمت عائشة حُجرتها، وكرست على إثر ذلك حياتها لنشر الدين الإسلامي إلى أن توفاها الله بعد موقعة الجمل.

وقع ذلك بالتحديد في السابع عشر من شهر رمضان في أحد أعوام 57، 58 أو 59 من الهجرة، دُفنت في البقيع بعدما دُفن النبي مُحمد وأبو بكرٍ الصديق وعُمر بن الخطاب في حُجرتها.

من أبرز المعلومات التي وردت عن السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها كونها امتنعت عن المُطالبة بميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلما قُمن غيرها من أُمهات المؤمنين، وقالت في ذلك: “أَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ“.

قد يعجبك أيضًا