قصص عن الصبر من حياة الصحابة

قصص عن الصبر من حياة الصحابة لها العديد من الأمثلة، فالصبر من أهم القيم التي حثنا عليها ديننا الحنيف، فالمسلم الحق يجب أن يتحلى بالصبر على كل ما يواجهه في حياته من مشكلات وأزمات وابتلاءات، فما هي في النهاية سوى اختبار من الله تعالى صبر عباده وقوة إيمانهم، لذا سنسرد من خلال موقع جربها بعض الأمثلة عن الصبر من الصحابة.

قصص عن الصبر من حياة الصحابة

قبل التعرف على قصص عن الصبر من حياة الصحابة سنتحدث أولًا عن الصبر، حيث تم تعريف مصطلح الصبر في لغتنا العربية على أنه التحمل والامتناع، ولكي يقال على الشخص أنه يتمتع بالصبر يجب أن يرافق هذا الامتناع رضا وعدم الإكثار من الشكوى.

كمتا أنه أحد أهم القيم التي دعانا لها الدين الإسلامي وأمر الله تعالى ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ المؤمنين بالتحلي بالصبر، فمنذ بداية انتشار هذا الدين وإلى الآن كان ديننا يحتاج الصبر، أي أنه يجب على المسلم أن يصبر على القيام بالطاعة واجتناب المحرمات.

كما قد خص الله تعالى المسلمين بصبرهم على المحن والابتلاءات، ويعني الصبر في الاصطلاح هو ثبات العبد على إقامة عباداته التي شرعها الدين والصبر على صعوبة منع النفس من ارتكاب المحرمات، ولكن ليس المقصود به هو الصبر في الدين فقط، بل يجب على المسلم أن يتحلى بالصبر في كافة أمور حياته.

على هذا الأساس أخذ الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعلم أصحابه الصبر على المحن والشدائد التي كانت تقابلهم، فكان الكثير من الصحابة خير مثال في الصبر على إيذاء الكفار لهم والصبر على التضحية بكل ما يملكون في سبيل الإسلام والدعوة إليه والصبر على الهزيمة والصبر على فقدهم أعز ما يملكون في سبيل انتشار الدين الإسلامي في كافة بقاع الأرض ورفع رايته.

عند إلقاء نظرة على السيرة النبوية وقصص الصحابة الكرام ـ رضوان الله عليهم ورحمته ـ نجد أن لهم الكثير من القصص الرائعة حول كيفية صبرهم على البلاء وكيف أنهم صمدوا وباعوا أنفسهم وأهلهم وأموالهم في سبيل الإسلام ونيل رضا الله تعالى، فكانوا هم الفائزون في الدنيا والآخرة، لذا ومن خلال الفقرات التالية سنتوجه إلى سرد مجموعة من أبرز قصص عن الصبر من حياة الصحابة.

قصة صبر قوم آل ياسر

من أول القصص التي سنعرضها ضمن قصص عن الصبر من حياة الصحابة هي قصة آل ياسر، وآل ياسر يعدون من أوائل الأقوام الذين أعلنوا إسلامهم من أهل قريش، ولكنهم كانوا يخافون إخبار باقي أهل قريش مما جعلهم يخفون هذا الدين عن قومهم لمدة أربع سنوات، إلى أن حدث أن انكشف أمرهم وعلم أسياد قوم بني مخزوم بإسلام آل ياسر، فغضبوا من ذلك غضبًا شديدًا وقاموا بتعذيب آل ياسر بأشد طرق العذاب.

فقد كان قوم بني مخزوم ينتظرون الوقت الذي تكون فيه الحرارة عالية وأشعة الشمس تحرق الوجوه، فيحضرون كلٍ من عمار بن ياسر وأبيه وأمه إلى الساحة بمكة على الرمال ذات درجة الحرارة المرتفعة ويتركونهم أو يبدأون في تعذيبهم، ولم يكتفوا بتلك الأشعة الحارقة من الشمس، بل كانوا يأتون بالنار ويحرقون بها عمار بن ياسر ويضعون الصخر الملتهب على جسده.

كما أن الأب قد عذب إلى أن مات إثر التعذيب، أما الأم فقد كانت خير مثال على الصبر والتحمل والثبات على كلمة الحق، فقد وقفت أمام أبي جهلٍ وغلظت قولها له إلى أن اشتد غضبه بسبب ما قالته فقام بطعنها طعنةً قوية في قلبها أدت إلى وفاتها، فتكون هي أول شهيدة في الإسلام وهي سمية بنت الخياط.

هنا يأتي تفسير قول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومواساته لهم حيث روى الحاكم في المستدرك عن بن إسحاق أنه قال: “كان عمار بن ياسر وأبوه وأمه أهل بيت إسلام، وكان بنو مخزوم يعذبونهم فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: صبرًا يا آل ياسر، فإن موعدكم الجنة فأصبح آل ياسر أول الأقوام المسلمة التي يضرب بها المثل في الصبر إلى يومنا هذا، وأصبح قول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ عنهم هو الأشهر.

اقرأ أيضًا: قصص من حياة الصحابة

قصة صبر الصحابي بلال بن رباح

أما ثاني قصص عن الصبر من حياة الصحابة هو بلال بن رباح الذي كان أول من أسلم من العبيد، وهو أشهر أسماء الصحابة التي تتردد عند الحديث عن الصبر.

فقد كان بلال بن رباح مؤذن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو أول من أذن في الإسلام وعند فتح مكة بعد مرور ثمانِ سنوات من هجرة النبي إلى المدينة المنورة أمره الرسول أن يقوم بإقامة الأذان على ظهر الكعبة، وكانت له الكثير من المواقف في الجهاد مع النبي ومع الخلفاء من بعده.

قد أتى أمر صبر بلال بن رباح في البداية عن إعلانه الإسلام، فأخذ المشركون يعذبونه لأنه كان عبدًا لدى أمية بن خلف، فقد كان أمية يقوم بربط حبل في عنق سيدنا بلال ـ رضي الله عنه ـ ويعطيه للأطفال ليجرونه ويلعبون به، ولم يكتفِ بذلك، بل كان ينتظر أن يأتي وقت الظهيرة وتكون الشمس متعامدة على الأرض.

فكان يأخذه إلى الخارج ويلقيه على ظهره على رمال الصحراء الحارقة ويضع فوق صدره صخرة كبيرة ويهدده أنه ينوي إبقاءه على هذا الوضع حتى يرجع عن الإسلام ويعود لعبادة أصنامهم.

ما كان لبلال في هذه المواقف إلى أن يرد على قول أمية بن خلف قائلًا: “أحدٌ أحد” فيرد عليه أمية بالمبالغة في العذاب حتى يعود عن الإسلام، كما كان أبو جهل من المشركين الذين شاركوا في تعذيب بلال، فقد كان يأخذه مكان وجود الشمس ويضع عليه الرحا حتى تقوم أشعة الشمس بإذابته.

فيردد “أحدٌ أحد”، ويقول: “لو أعلمُ كلمةً تغيظهم أكثر منها لقُلتها لهم”، كما كانوا مشركوا قريش يمدونه في الزبل، ويقولون له ربك اللات والعزى، وهما من أسماء الأصنام التي كانوا يعبدونها فيأبى أن يجاريهم وتمسك بإسلامه.

فتم إدراج اسم بلال بن رباح أنه من أوائل الصحابة الذي تعرضوا لعذاب لا يمكن تحمله من مشركو قريش، وعلى الرغم من شدة العذاب إلا أنه لم يقبل قولهم وتمسك برفضه الارتداد عن الدين الإسلامي، وظل يتعرض للتعذيب إلى أن قام أبو بكر الصديق بشرائه من أمية بن خلف وأعتق رقبته ليخلصه من هذا العذاب.

اقرأ أيضًا:من هو الصحابي الذي أخرج زكاة الفطر نقدا

قصة صبر عبد الله بن حذافة

ورد في أحد الكتب الإسلامية التي تتحدث عن سيرة الصحابة وتروي قصص عن الصبر من حياة الصحابة أن سيدنا عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ كان قد قام بإرسال جيش من المسلمين لمحاربة الروم، وكان من ضمن هذا الجيش هو أحد الصحابة وهو عبد الله بن حذافة ـ رضي الله عنه ـ وذكر أن الحرب التي كانت قائمة بين جيش المسلمين وجيش الروم قد طالت.

فتعجب ملك الروم من مدى قوة وثبات المسلمين أمام جيشه، وأمر جنوده أن يقوموا بإحضار أحد الأسرى من جيش المسلمين، وقد كان هذا الأسير هو عبد الله بن حذافة.

فعندما ذهب له عبد الله وأيده وقدمه مكبلة بالقيود فوقف أمام الملك، وعندما تحدث إليه القيصر ملك الروم وجد أنه يتمتع بقدر كبير من الذكاء والفطنة، فأمره أن يعود عن الإسلام ويتنصر وفي المقابل سيقوم بإطلاق سراحه، فلم يقبل عبد الله بذلك، فقال له الملك إذا تنصر وفي المقابل سيعطيه من المال والملك نصف ما يملك، فرفض عبد الله بن حذافة.

فحاول الملك المفاوضة معه وأمره أن يصبح نصرانيًا وفي المقابل سيعطيه كل ما يملك وسيجعله شريكًا له في حكم البلاد، فرد عليه عبد الله بن حذافة قائلًا: “والله لو أعطيتني ملكك وملك آبائك وملك العرب والعجم علي أن أرجع عن ديني طرفة عين ما فعلت” فكان قادرًا على الصبر والثبات على دينه مقابل كل هذه المغريات التي قدمها له الملك من الحرية والحصول على ثروة كبيرة والملك.

أصاب الملك الغضب الشديد من رد صحابينا الجليل عليه، وتوعد له بأنه سيعذبه عذابًا أليمًا إلى أن يقتله، فلم تهتز شعرة لعبد الله ولم يظهر الخوف من قول الملك فأمر الملك أن يتم وضعه على خشبة وهو قائم، وأمر الرماة أن يستمروا في إلقاء السهام عليه ونحوه ولكن دون إصابته بالأذى، وفي هذه الأثناء كان يطلب منه العودة عن الإسلام، لكن ظل عبد الله ثابتًا على موقفه وكلمته وكان يقف منتظرًا الموت وقد أودع حياته في سبيل الله والدين الإسلامي.

فلما وجد الملك أن رفضه قد طال وأنه لن يغير رأيه أمر خدمه أن يقوموا بإلقائه في السجن دون أي طعام أو شراب إلى أن يكون على حافة الموت من كثرة الجوع والعطش، وهنا قاموا بتقديم البعض من لحم الخنزير والخمر له ليأكل، فعلى الرغم من شعوره بالعطش الشديد إلا أنه صمد وما كان له إلا أن قال: والله إني أعلم أني مضطر وأن ذلك يحل لي الآن في ديني ولكني لا أريد أن يشمت بي”

هكذا لم يضع عبد الله بن حذيفة ـ رضي الله عنه ـ هذا الطعام في فمه، فحاول القيصر مرةً أخرى إغواؤه، فقام بإرسال امرأة شديدة الجمال له لتعرض عليه نفسها وتأمره بفعل الفاحشة، فظل يعرض عنها ويغض البصر عنها، إلى أن يئست المرأة وخرجت من عنده والغضب يملؤها وأخذت تقول للملك: لقد أدخلتموني على رجل لا أدري أهو بشر أم حجر وهو والله لا يدري عني أأنا أنثى أم ذكر”.

على الرغم من كل هذه المحاولات لم يصب القيصر ملك الروم اليأس، فقام بإحضار قدرًا كبيرًا ووضع به الزيت المغلي وأمر أن يتم إلقاؤه ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ في هذا القدر، فلما اقترب جسده من القدر وشعر بحرارة الزيت والنار الخارجة منها بكى ورأى القيصر بكاءه ففرح كثيرًا، وقال له أن يترك الإسلام ويعتنق النصارنية وسيعفو عنه ولن يقتله ويعطيه ما يرغب من المال والملك.

فكان رد عبد الله بن حذيفة كما كان وهو رفض كل ما يقدمه ملك الروم، فتعجب الملك وسأله عن سبب بكائه، فرد عبد الله عليه قائلًا: “أبكي والله لأن لي نفس واحدة تلقي في القدر فتموت ولقد وددت لو أن لي بعدد شعر رأسي نفوس تموت كلها في سبيل مرضاة الله عز وجل مثل هذه الموتة”.

فقال له القيصر إذًا قبِّل رأسي ويأفرج عنك، فلم يوافق عبد الله بن حذيفة إلا بشرط أن يعده الملك بإخلاء سبيل كافة أسرى المسلمين في المقابل، فوافق الملك على هذ الشرط وبالفعل قبل ـ رضي الله عنه ـ رأس ملك الروم ومن ثم خرج مع الأسرى.

هنا تتجلى المعاني الحقيقية للصبر على البلاء والدين وتظهر الموعظة الحقيقية من قصص عن الصبر من حياة الصحابة، فانظر كيف كانت محاولات قيصر ملك الروم مستميته ليرتد الصحابي الجليل عن دينه، ولكنه بقوة صبره وتحمله تمكن من مقاومة كافة هذه الملذات والصبر على ما تلقى من عذابٍ شديد.

اقرأ أيضًا: اخر من توفي من الصحابة

قصة صبر عروة بن الزبير على البلاء

عروة بن الزبير هو أحد الأشراف التابعين الذين وردت قصتهم ضمن قصص عن الصبر من حياة الصحابة، وهو ابن الصحابي الجليل الزبير بن العوام ـ رضي الله عنهما ـ وأمه هي السيدة أسماء بنت أبي بكرٍ ـ رضي الله عنها ـ وفي أحد الأيام طلب الخليفة الوليد بن عبد الملك من عروة أن يقوم بزيارته في دمشق في مقر الخلافة الأموية.

فتأهب عروة للسفر وقرر أن يأخذ أحد أبنائه معه، فأخذ أحبهم إلى قلبه وتوجها معًا إلى الشام، وفي الطريق أصيب عروة بمرضٍ شديد وبالكاد تمكن من بلوغ دمشق وعندها لم يكن قادرًا على السير.

عندما رآهم الخليفة جمع له أمر الأطباء الذين شخصوا حالته بأنه قد أصيب بالأكلة وهي ما يعرف في الطب حاليًا بالغرغرينا، أن حالته تستلزم أن يتم بتر قدمه، وعندما أخبره الملك بقرار الأطباء ما كان منه إلا أن قال: “اللهم لك الحمد”.

وعندما أتى الأطباء قالوا له: “اشرب المرقد” فلم يرد فعل ذلك لأنه لم يرغب في فقد جزء من جسده دون أن يشعر، وقالوا له: “إذًا اشرب كأسًا من الخمر حتى يفقدك شعورك” فاستنكر عروة قولهم قائلًا: “كيف أشربها وقد حرمها الله في كتابه”

فاستعجب الأطباء وقالوا له: “فكيف نفعل ذلك بك” فما كان منه إلا أن قال لهم: “دعوني أصلي فإذا أنا قمت للصلاة فشأنكم وما تريدون” وبالفعل كان قد عرف عن عروة بن الزبير أنه إذا دخل إلى صلاته فقد شعوره بكل ما يحيط به من كثرة خشوعه في الصلاة، وأثناء صلاته انتظر الأطباء إلى أن سجد عروة وبالفعل بدأوا في بتر قدمه.

فأخذوا يقطعون لحمه وصولًا إلى العظام، وأحضروا بعد ذلك منشارهم وقاموا بفصل العظام عن جسده، وأثناء سجوده لم يحرك عروة ساكنًا، حتى أن قدمه كانت تنزف الكثير من الدماء بعد أن فصل جزءًا منها عن جسده، فقاموا بإحضار الزيت المغلي وأغرقوا قدمه به ليلتئم الجرح ويتوقف نزيف الدم وهنا فقد لم يستطع تحمل حرارة الزيت المغلي فأغمي عليه.

في ظل هذه الأثناء وبعد أن أفاق عروة بن الزبير من إغمائه أتى للخليفة خبرًا من خارج القصر أن صاحب عروة في الرحلة وابنه الأقرب إلى قلبه كان يشاهد خيول الخليفة ويلهو معهم فقام أحد الخيول برفسه وأدى هذا إلى وفاته في الحال، شعر الخليفة بالضيق الشديد من كثرة الأحداث السيئة المتتالية التي تصيب ضيفه ولم يكن يعرف كيف سيتمكن من إخباره بمثل هذه الأخبار، وأن أحب أبناءه قد مات.

فقرر الخليفة تركه إلى أن يستفيق من مرضه وبعدها ذهب إليه واقترب منه قائلًا: “أحسن الله تعالى عزاءك في رجلك” فرد عليه عروة بن الزبير قائلًا: “اللهم لك الحمد وإنا لله وإنا إليه راجعون” فرد عليه الخليفة: ” وأحسن الله تعالى عزاءك في ابنك”، فقال عروة بنفس ثباته وصبره قائلًا: اللهم لك الحمد وإنّا لله وإنّا إليه راجعون، أعطاني سبعة وأخذ واحداً، وأعطاني أربعة أطراف وأخذ واحداً، إن ابتلى فطالما عافا، وإن أخذ فطالما أعطى، وإني أسأل الله أن يجمعني بهما في الجنة”

كذلك حين قدموا له رجله المبتورة فما كان منه إلا أن نظر إليها وقال: إن الله يعلم أني ما مشيت بك إلى معصية قط وأنا أعلم” وفي هذه القصة من قصص عن الصبر من حياة الصحابة يتجلى معنى الصبر على البلاء وحمد الله تعالى في السراء والضراء، وهنا نجد المعنى الحقيقي للصبر الذي يصاحبه الرضا التام بأي شيء يكتبه الله تعالى.

اقرأ أيضًا: من أشهر المفسرين في عهد الصحابة

قصة صبر طلحة بن عبيد الله

ضمن القصص التي سنعرضها في إطار الحديث عن قصص عن الصبر من حياة الصحابة هي قصة صبر الصحابي الجليل طلحة بن عبيد الله ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ فقد كان هذا الصحابي من الصحابة الذين عرفوا بالثبات والصبر والتضحية في سبيل الله، وكان أحد الصحابة الذين صبروا واحتسبوا على الرغم من تعرضهم للأذى والعذاب الشديد من قبل بني قريش والمشركين.

كما عرف عنه أن إيمانه كان راسخًا في نفسه رسوخ الجبال في الأرض، وعندما اعتنق الدين الإسلامي قام أهله وقبيلته بربطه من يديه وعنقه وأخذوا يسبونه يشتمونه على مرأى من الناس ليرتد عن دينه ويعود إلى عبادة الأصنام، لكنه ظل ثابتًا على كلمة الحق ورفض الرجوع عن الإسلام، فقام نوفل بن خويلد الذي لقب قديمًا بأسد قريش بتقييده مع أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ بحبلٍ واحد وكان يعذبهما ويسلط عليهما السفهاء.

على الرغم من شدة العذاب إلا أن كلاهما لم يغير دينه أو رأيه، وظل طلحة بن عبيد الله متمسكًا بدينه، وبعد التعرض لهذه الحادثة أطلق على أبي بكر الصديق وطلحة بن عبيد الله اسم القرينين.

اقرأ أيضًا: من الصحابي الذي نزلت فيه سورة عبس 

أمثلة من صبر الصحابيات الجليلات

بعد التعرف على قصص عن الصبر من حياة الصحابة يكون من الجدير بالذكر أن أمر الصبر لم يكن لدى الصحابة فقط، بل كان من الصحابيات الجليلات الكثير من الأمثلة في الصبر والتضحية، فمنهن من ضحت بأبنائها في سبيل رفع راية الإسلام ومنهن من ضحت بزوجها أو بنفسها.

منهم الربيع بنت النضر أم حارثة بن سراقة أحد شهداء معركة بدر، والتي ذهبت إلى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقال: ” يا رسول الله، أخبرني عن حارثة فإن كان في الجنة صبرت واحتسبت، وإن كان غير ذلك اجتهدت في البكاء، فقال: إنها جنات، وإنه أصاب الفردوس الأعلى”

كذلك كانت صفية بنت عبد المطلب عمة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ التي كانت تنتظر أخيها حمزة بعد الحرب، فوجدته وكان بطنه مفتوحًا وقد أخرجت كبده وكسر أنفه وقطعت أذناه وأصبح وجهه مشوهًا، فما كان منها إلا أن استغفرت له وجعلت تقول: “ذلك في الله فما أرضانا بما كان من ذلك، لأحتسبن ولأصبرن إن شاء الله فهذه القصص كذلك تستحق أن تروى ضمن قصص عن الصبر من حياة الصحابة.

هناك العديد والعديد من الأمثلة الأخرى من الصحابة الذين يجب أن تُروى قصصهم ضمن قصص عن الصبر من حياة الصحابة، ومن ضمنهم الخلفاء الراشدين وغيرهم، فقد كان لكلٍ منهم صبرًا في شكلٍ مختلف، وهذه هي القصص التي يجب أن نتعلم منها جميعًا المعنى الحقيقي للصبر.

قد يعجبك أيضًا