قصص عن الصدق في عهد الرسول

قصص عن الصدق في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- نأخذ منها العبر، والعظات، فقد أوصانا النبي -صلى الله عليه وسلم- بالصدق فهو سبب دخول الجنة، والله -جل وعلا- يحب الصادقين، وهذه القصص خير دليل لنا في حياتنا، فهي التي تجعل الإنسان متمسكًا بصدقه رغم كذب من حوله، ومن خلال موقع جربها سوف نعرض لكم قصص عن الصدق في عهد الرسول.

قصص عن الصدق في عهد الرسول

النبي -صلى الله عليه وسلم- هو خير معلم للناس الخير، وهو من لقب بالصادق الأمين حتى قبل أن ينزل الوحي عليه، فلم تكن قريش تكذب قولًا قاله أبدًا، وكان الناس يأخذون برأيه في أمور حياتهم، وفي حل مشاكلهم.

كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حريصًا على الصدق في القول، والعمل، وقد أوصى أمته وألزمهم بالصدق، فهو خير منجٍ من عذاب يوم القيامة، وروى عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص وابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال (أربعٌ إذا كنَّ فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا، صدْقُ الحديثِ، وحفْظُ الأمانةِ، وحُسْنُ الخُلقِ، وعفَّةُ مَطْعَمٍ) حديث صحيح، مصدره صحيح الجامع.

كما أن الصدق هو طريق إلى الجنة، والكذب يجر العبد إلى النار، وهذا ما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- (علَيْكُم بالصِّدْقِ، فإنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إلى البِرِّ، وإنَّ البِرَّ يَهْدِي إلى الجَنَّةِ، وما يَزالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ ويَتَحَرَّى الصِّدْقَ حتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا، وإيَّاكُمْ والْكَذِبَ، فإنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إلى الفُجُورِ، وإنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إلى النَّارِ، وما يَزالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ ويَتَحَرَّى الكَذِبَ حتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذّابًا) حديث صحيح، رواه عبد الله بن مسعود، مصدره صحيح مسلم.

سوف نعرض لكم في الأسطر القادمة قصص عن الصدق في عهد حتى نستخلص منها العبر، والعظات في حياتنا.

اقرأ أيضًا: بحث عن حياة الرسول منذ مولده حتى وفاته ورحلة نشره الإسلام

1- قصة الصحابي كعب بن مالك

من أشهر القصص التي نأخذ منها عبرة الصدق هي قصة الصحابة الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك ومن هؤلاء الصحابي الشهير كعب بن مالك، وسوف نعرض لكم أحداث القصة فيما يلي في إطار موضوع مقالنا قصص عن الصدق في عهد الرسول.

يروي القصة كعب بن مالك رضي الله عنه فيحكي حينما بدأ الجيش يحضر لغزوة تبوك مع رسول الله كان قد تأخر عليهم كعب بن مالك، فقال في نفسه أنه سيحضر عدته ويلحق بهم في الغد، وفي اليوم التالي لم يحضر كعب عدته للخروج في الغزوة، وظل هكذا لثلاثة أيام ثم خشي أن يخرج من بيته فيتأخر عليهم في الغزوة، أو ينظر الناس إليه نظرة الضعيف.

كان المنافقون معروفون بنفاقهم فلم يخرجوا في الغزوة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم يرد كعب أن يخرج من بيته حتى لا يراه الناس من المنافقين، أو الضعفاء المعذورون من الخروج، وبلغه بعدها برجوع الجيش منتصرًا من الغزوة، ففزع كعب بن مالك، وظل يذكر أن يكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بشأن تخلفه حتى يخرج من سخطه.

ظل كعب يفكر في الكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى أن علم بوصول النبي من الغزوة حينها زال عنه الباطل، وعلم ألن ينجيه من هذا سوى الصدق مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

حينما وصل النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة جاءه الناس يعتذرون له من تخلفهم عن الغزوة، وظلوا يرفقون أسبابًا، واعتذارات، وكانوا بضعًا وثمانين رجلًا، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يسأل عن كعب بن مالك في الغزوة، فلما جاء دور كعب في الدخول إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال (يا رسول الله والله لو جلست إلى غيرك من أهل الدنيا، لخرجت من سخطه بعذر ولقد أعطيت جدلاً، والله ما كان لي عذر حين تخلفت عنك) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما هذا فقد صدق، فأذن له أن يقوم وينتظر أمر الله -جل وعلا-.

بعد أن خرج كعب من عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ظل أهله يلومونه على ما فعل، فكان عليه أن يذكر له سببًا ويكذب عليه، وسأل كعب بن مالك هل صدق أحد غيره وقال مثلما قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فوجد رجلين مثله وهما مرارة بن الربيع، وهلال بن أبي أمية وكانوا أسوة حسنة له.

بعد ذلك أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- ألا يكلم هؤلاء الثلاثة أحد وهم كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع، وهلال بن أبي أمية، وظل كعب يسلم على الناس ولا يسلم عليه أحد حتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حتى إن امرأته اعتزلته، وكذلك كان صاحبيه.

ظلوا هكذا إلى أن جاء الفرج من الله -جل وعلا- وتاب عليهم لصدقهم، وأنزل فيهم قوله (وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لاملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم * يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) (سورة التوبة: 118، 119).

اقرأ أيضًا: قصص واقعية عن الاستغفار جديدة

2- قصة عن الصدق في حياة رسول الله

النبي -صلى الله عليه وسلم- خير قدوة لنا في صدقه وخلقه، قبل أن يوحي الله إليه وبعد أن أوحى، فكان الناس يستدعوه في كل حوائجهم، ولقبوه بالصادق الأمين، ولما أنزل الله -جل وعلا- عليه وحيه ورسالته أظهرت له قبيلته العداوة والبغضاء، وظلوا يهينوه، ويدعون أنه ساحر رغم أنهم يعلمون صدقه، وأمانته.

حينما بعثه الله ليكون للعالمين نذيرًا صعد على جبل الصفا ليخطب في الناس فقال لهم (أرَأَيْتَكُمْ لو أخْبَرْتُكُمْ أنَّ خَيْلًا بالوَادِي تُرِيدُ أنْ تُغِيرَ علَيْكُم؛ أكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟ قالوا: نَعَمْ، ما جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إلَّا صِدْقًا)، فهكذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صادقًا أمينًا لا يكذبه أحد، إلا أن بعضهم من آمن به، رغم أن جميعهم يعلمون بصدقه.

هذا هو جزاء الصادقين تصديقهم في كل ما يقولوا، وقد شهد بصدق النبي -صلى الله عليه وسلم- أشد الناس عداوة له، وهو النضر بن الحارث، حيث قال لسادة قريش (يا معشر قريشٍ، إنه والله قد نَزَلَ بكم أمرٌ ما أَتَيْتُم له بحيلة بَعْدُ، قد كان محمدٌ فيكم غلامًا حدثًا، أرضاكم فيكم، وأصدقكم حديثًا، وأعظمكم أمانةً، حتى إذا رأيتم في صُدْغَيْهِ الشيب وجاءكم بما جاءكم به، قلتم: ساحر. لا والله ما هو بساحر؛ لقد رأينا السَّحَرَة ونَفْثَهُم وعقدهم، وقلتم: كاهن. لا والله ما هو بكاهن؛ قد رأينا الكهنة وتَخَالجُهم، وسمعنا سجعهم، وقلتم: شاعر. لا والله ما هو بشاعر؛ قد رأينا الشعر، وسمعنا أصنافه كلها؛ هزجه ورجزه، وقلتم: مجنون. لا والله ما هو بمجنون… فانظروا في شأنكم فإنه والله لقد نزل بكم أمرٌ عظيمٌ).

كان الكفار يعلمون بصدقه رغم أنهم كذبوه، ولكن الله -جل وعلا- طبع في قلوبهم الكفر فكفروا به، ولم يتبعوا الرسول -صلى الله عليه وسلم-.

اقرأ أيضًا: أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم وأشهر صفاته وتسميته بالصادق الأمين

3- قصة الحجر الأسود

قصة الحجر الأسود عند باب الكعبة من القصص الشهيرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وبها نرى فوائد الصدق في الدنيا، وسوف نعقص عليكم القصة بالتفصيل فيما يلي استكمالًا لموضوع مقالنا قصص عن الصدق في عهد الرسول.

كان هناك خلاف كبير بين القبائل العربية عند الكعبة في وضع الحجر الأسود مكانه، وكانت كل قبيلة تريد أن تضعه هي دون الأخرى وظل الخلاف ناشبًا قرابة أربعة أيام وظلت القبائل معتكفة عند الكعبة، واقترحت أن أول شخص يمر من بينهم سيأخذون أمره في نقل الحجر الأسود.

كان أول من بر بالكعبة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأوقفته القبائل ليقضي بينهم بالحق، وقالوا جميعًا هذا هو الصادق الأمين الذي سيحكم بيننا في أمرنا فقد، وقد أتانا خير الناس، ورضينا به حكمًا بيننا.

أخبروا النبي -صلى الله عليه وسلم- بالصراع، والخلاف بينهم على الحجر الأسود، وأرادوا أن يقضي في ذلك فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- (هلمَّ إلىَّ ثوبًا، فأُتِي به، فأخذ الركن، فوضعه فيه بيده، ثمَّ قال: لتأخذ كلُّ قبيلة بناحية مِن الثَّوب، ثمَّ ارفعوه جميعًا، ففعلوا، حتى إذا بلغوا به موضعه، وضعه هو بيده، ثمَّ بنى عليه).

بهذا نعلم أن الصدق يرفع من قدر الشخص بين الناس، فحينما رأت قبائل العرب النبي -صلى الله عليه وسلم- فرحوا به لأنه معروف بينهم بالصادق الأمين الذي لا يكذب أبدًا، وهذه القصة التي رويناها لكم من أعظم القصص عن الصدق في عهد الرسول التي تبين جزاء الصادقين في الدنيا.
القصص القرآنية، والقصص النبوية تحمل عبرًا للقارئ في دنياه، وكذلك تعلمنا أن صدق المرء خير له في الدنيا، ويوم القيامة يكون سببًا في دخوله الجنة، والله -جل وعلا- يحب الصادقين.

قد يعجبك أيضًا