حكم ترك الأضحية مع القدرة

ما حكم ترك الأضحية مع القدر؟ وما حكم الأضحية عن المتوفى؟ إن الأضحية من الأفعال المستحسنة للقضاء على الطبقية بين أفراد المجتمع المسلم، فهي للمساواة بينهم، ولإشعار كل الفئات في المجتمع الإسلامي بالقدرة على تناول المتاع الحلال من هذه اللحوم، والأخذ بالأسباب من سبب مشروعية الأضحية في الشريعة، ويوضح موقع جربها حكم ترك الأضحية مع القدرة وتفاصيله.

حكم ترك الأضحية مع القدرة

توجد العديد من الأدلة التي توضح حكم ترك الأضحية مع القدرة أو في حالة عدم القدرة عليها، ووضع لها ضوابط من قِبل المشرع لعدم الحيد عن طريقها، فجاء الدليل النقلي من الكتاب بذكر قوله تعالى:
فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ”(الكوثر- الآية:2)
، أما عن الدليل النقلي من السنة هو ما ورد عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في قوله: “الصلاة: المَكتوبة، والنحر: النُّسُك والذبحُ يومَ الأضحى“.

كما ورد عَنْ أَنَسٍ ابن مالك -رضي الله عنه-  قَالَ: “ضَحَّى النَّبِيُّ – صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا. أخرجه مسلم في صحيحه، وما ورد عن السيدة عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: “ما عمل آدمي مِن عملٍ يوم النحر أحبُّ إلى الله من إهراق الدم، إنها لتأتي يوم القيامة بقُرونها وأشعارها وأظلافها، وإن الدم ليقَع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض، فطِيبوا بها نفسًا”.

اقرأ أيضًا: حكم نزول الدم بعد سن الخمسين

حكم الأضحية عند الفقهاء

للتعرف على تفصيل حكم ترك الأضحية مع القدرة، يكون حكم الأضحية عند جموع الفقهاء ما بين الوجوب والسنة المؤكدة وهم على فريقين يرى أحدهما أنها سنة مؤكده، ويرى الآخر أنها واجبة، وتفصيل ذلك في الآتي:

  • الفريق الأول: يرى أن حكم الأضحية واجبة على المستطيع المبسوط له في الرزق، ويقول بذلك أبو حنيفة وأحد روايتي أبو يوسف ومحمد وربيعة وزفر والأوزاعي وأحد روايتي مالك والليث بن سعد والثوري.
  • الفريق الثاني: يرى أن حكم الأضحية سنة مؤكدة على المستطيع، استنادًا على فعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- لها، وبهذا قال الشافعية والحنابلة وأرجح رأي مالك، ورواية عن أبي يوسف والسود وابن المنذر وأبي ثور وإسحاق وعلقمة وعطاء وسويد وسعيد ابن المسيب وأبي مسعود البدري وأبي بكر وعمر وبلال.
  • القول الثالث: يرى بعد أن استدلوا بقوله -صلى الله عليه وسلم: “يا أيُّها الناسُ إنَّ على أهلِ كلِّ بيتٍ في كلِّ علم أُضحِيةٌ وعتيرَةٌ”، فالأضحية سنة مؤكدة لورود النصوص الصريحة في السنة النبوية على تأكيدها، لأن حالة الوجوب ليست صريحة ولأن العتيرة عند كل من أوجب ليست واجبة كالأضحية نفسها، فيختلف الحكم فيها، في متعاقبان في الحديث من المفترض أن يأخذوا نفس الحكم.

فصل القول في الحكم المفتى به أن الأضحية سنة مؤكدة على المستطيع يأثم تاركها عمدًا عند الاستطاعة، وتكون واجبة في حالة إلزام نفسه بها عند النذر، واستدلوا في ذلك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلّم: “مَنْ وَجَد سَعَةً فلم يُضَحِّ فلا يَقْرَبَنَّ مُصَلاَّنا”.

مفهوم القدرة على تقديم أضحية

بعد معرفة حكم ترك الأضحية مع الاستطاعة نتطرق لمعرفة اختلاف الفقهاء في تفسير مفهوم القدرة أو الاستطاعة على تقديم الأضحية لِما في ذلك من معانٍ مختلفة في التفريق في المعنى من قِبل العلماء على النحو التالي:

  • رأي الحنابلة: كل من يستطيع توفير ثمنها ولو عن طريق الدين فهو مقتدر عليها.
  • رأي الحنفية: القدرة تكون الوصول لنصاب الزكاة أي كل من يملك مائتي درهم أو قيمتها فهو قادر على الأضحية.
  • رأي الشافعية: امتلاك مال فائض عن الحاجة في نفسه وفي أهله.
  • رأي المالكية: زيادة المال عن الضروريات، أو استطاعة التداين بمبلغها وسهول تسديده.

حكم الأضحية عن المتوفى

بعد شرح حكم ترك الأضحية مع القدرة، نتطرق لمعرفة حكم الأضحية عن المتوفى، ويوجد اختلاف ما بين الفقهاء على هذا الحكم، ويكون الفصل في الحكم كالآتي:

  • يرى الشافعية: أن الأضحية عن الميت تكون جائزة حتى في حالة عدم وجودها كوصية من الميت، استدلالًا بحديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- حين قال: “إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له”.
  • يرى المالكية: أن الأضحية عن الميت جائزة مع الكراهة، لكون الحي أفضل أن يضحي بها لتحقق ثوابها للحي دون الميت.
  • يرى الحنابلة: جواز الأضحية عن الميت لانقطاع عمله الدنيوي، ولأنه الأكثر احتياجًا عن الحي للثواب.
  • يرى جمع من العلماء: أن مجمل الصدقات التي تدفع عن الميت يصل ثوابها له بإذن الله، وأن الأضحية تعتبر من أحد هذه الصدقات.

الوقت الشرعي لذبح الأضحية

بعد معرفة حكم ترك الأضحية مع القدرة، نتطرق لمعرفة موعد الأضحية والذي تم تحديده في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: “مَن ذبَحَ قبل الصَّلاةِ فإنَّما يذبحُ لنَفْسِه، ومَن ذَبَحَ بعد الصَّلاةِ فقد تَمَّ نسُكُه وأصاب سُنَّةَ المُسْلمينَ”، لِذا فإن موعد الذبح يبدأ من بعد صلاة عيد الأضحى امتدادًا إلى مغرب آخر أيام التشريق.

يجب على المضحي أن يقوم بالذبح قبل بدء الصلاة حتى غروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق “قبل صلاة العيد 10، 13 مغرب هذا اليوم” من شهر ذي الحجة، وهنا تقبل الذبيحة كأضحية، والمخالفة لذلك تقبل صدقة عادية وليست أضحية.

اقرأ أيضًا: حكم نزول الإفرازات أثناء الصلاة

الشروط الواجبة في الأضحية

بعد معرفة حكم ترك النحر مع القدرة، يجب معرفة الشروط التي يجب على المضحي معرفتها للحصول على أضحية مناسبة يتحل منها الثواب والفائدة، وهذه الشروط تكون بمراعاة التالي:

  • يجب أن تكون الأضحية متوسطة السن، فلا هي عجوز ولا هي صغيرة السن غير مكتملة النمو مليئة بالعظام.
  • اختيار أضحية كثيرة اللحم حتى تكون متحصلة للثواب منها ولا تكون كمية اللحم الخارجة منها بعد الذبح قليلة لا تكفي.
  • أن تكون الأضحية خالية من العيوب التي من شأنها التأثير عليها من كسور أو مرض أو هزال أو غيره، لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم – حين سئل عما لا يجوز للأضحية “العرجاء البين ضلعها والعوراء البين عورها والمريضة البين مرضها والعجفاء التي لا تنقي”.
  • نوع الأضاحي ينحصر في الإبل ثم البقر ثم الغنم، لأنها من الأنعام المنصوص عليها في القرآن الكريم.

الشروط الواجبة في المضحي

ذكرنا حكم ترك الذبح مع القدرة، ثم الشروط التي يجب توافرها في الأضحية نفسها، وهنا نذكر الشروط التي يجب توفرها في المضحي نفسه، وفي حالات تعدد المضحين، وهي كالتالي:

  • لا يزيد عدد المشتركين في الأضحية عن سبعة أفراد في بدنه “بقرة أو جاموسة” حتى يُمكن تحصيل المنفعة منها.
  • لا يزيد عدد المشتركين في الماعز الإبل أو الغنم عن ثلاثة أفراد.
  • ملكية المضحي للأضحية، فلا يجوز التضحية بالحيوانات الغير مملوكة للفرد.
  • عدم وجود حق على الضحية كأن تكون ورثًا أو متنازع عليها، أو مرهونة من قِبل آخر.
  • ذبح المضحي لأضحيته بنفسه إن استطاع ذلك واحتمل ذلك الذبح وتوابعه.

اقرأ أيضًا: حكم خروج الريح أثناء الصلاة هل يبطلها

طرق تقسيم الأضحية

بعد معرفة حكم ترك الأضحية مع القدرة، نذكر الطرق التي حددتها الشريعة الإسلامية في تقسيم الأضاحي بين المستحقين لها من فئات المسلمين وبين المضحي نفسه كالتالي:

  • تقسم الأضحية إلى ثلاث أثلاث، أحدهما يكون لأهل بيت المضحي، للمشاركة في الفرحة بالأضحية.
  • ثلث يكون للأقارب والأصدقاء والجيران للإكثار من الود وصلة الرحم بين المسلمين وبعضهم البعض.
  • الثلث الأخير يكون للفقراء والمساكين لأنهم الأحق والأولى في هذه الأيام، لتشديد الرسول -صلى الله عليه وسلم- في إغنائهم عن السؤال في هذه الأيام المباركة.
  • لا يحق للمضحي بيع الأضحية لأنها تكون لطلب الثواب من الله فلا متاجرة بالثواب، ولقوله صلى الله عليه وسلم: “من باع جلد أضحيته فلا أضحية له”.
  • يجوز زيادة أنصبة الفقراء من حاجة أهل البيت لزيادة تحصيل الثواب للمضحي.

شرعت الأضحية لتحقيق التكافل بين المسلمين، ولمنع الفقراء والمساكين ذل السؤال في أيام مباركة، لذا يجب إدراك الأحكام الشريعة الخاصة بالأضحية لتحصيل الثواب الكامل منها من قِبل المضحين.

قد يعجبك أيضًا