شعر للمتنبي عن الحب

شعر للمتنبي عن الحب يلامس مشاعر كل من يسمعه أو يقرأه، لذلك الأحبة يقومون بمشاركة أروع قصائد المتنبي عن الحب مع شريك الحياة، الأمر الذي يزيد من الحب والتودد بينهما بشكل كبير، وسوف نستعرض الآن ومن خلال موقع جربها أجمل قصائد الشعر للمتنبي عن الحب والعشق، مع شرحها.

شعر للمتنبي عن الحب

إن الشاعر العراقي أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي أبو الطيب الكندي، الملقب بالمتنبي يعتبر من أكثر الشعراء الذين أبدعوا في الكتابة عن الحب، وهي يعتبر من الشعراء المتمكنين من اللغة العربية، وهو من أشهر الشعراء في عصره، ولقد ظلت أشعاره تلهم كل الشعراء والأدباء حتى يومنا الحالي.

حيث إنه ترك ورائه الكثير من روائع القصائد المختلفة التي أبدع فيها بشكل مميز، وخاصةً قصائد الحب المميزة، حيث إنه أبدع في الوصف بشكل مميز وراقي بشكل يلامس الإحساس كثيرًا، وسوف نعرض فيما يلي أجمل شعر للمتنبي عن الحب.

1- قصيدة لعينيك ما يلقى الفؤاد وما لقي

إن الحب هو أجمل المشاعر الإنسانية التي يمكن أن يشعر بها الشخص على الإطلاق، فهو يجعل كل إنسان شاعرًا يتغنى بأجمل الكلمات الرومانسية، وسوف نسرد لكم الآن أجمل الأبيات الشعرية لقصيدة للشاعر العراقي المتنبي، وهي: “لعينيك ما يلقى الفؤاد وما لقي” التي تعتبر من أروع قصائد شعر للمتنبي عن الحب من خلال السطور التالية:

لِعَينَيكِ ما يَلقى الفُؤادُ وَما لَقي

وَلِلحُبِّ مالَم يَبقَ مِنّي وَما بَقي

وَما كُنتُ مِمَّن يَدخُلُ العِشقُ قَلبَهُ

وَلَكِنَّ مَن يُبصِر جُفونَكِ يَعشَقِ

وَبَينَ الرِضا وَالسُخطِ وَالقُربِ وَالنَوى

مَجالٌ لِدَمعِ المُقلَةِ المُتَرَقرِقِ

وَأَحلى الهَوى ما شَكَّ في الوَصلِ رَبُّهُ

وَفي الهَجرِ فَهوَ الدَهرَ يُرجو وَيُتَّقي

وَغَضبى مِنَ الإِدلالِ سَكرى مِنَ الصِبا

شَفَعتُ إِلَيها مِن شَبابي بِرَيِّقِ

وَأَشنَبَ مَعسولِ الثَنِيّاتِ واضِحٍ

سَتَرتُ فَمي عَنهُ فَقَبَّلَ مَفرِقي

وَأَجيادِ غِزلانٍ كَجيدِكِ زُرنَني

فَلَم أَتَبَيَّن عاطِلاً مِن مُطَوَّقِ

وَما كُلُّ مَن يَهوى يَعِفُّ إِذا خَلا

عَفافي وَيُرضي الحِبَّ وَالخَيلُ تَلتَقي

سَقى اللَهُ أَيّامَ الصِبا ما يَسُرُّها

وَيَفعَلُ فِعلَ البابِلِيِّ المُعَتَّقِ

إِذا ما لَبِستَ الدَهرَ مُستَمتِعاً بِهِ

تَخَرَّقتَ وَالمَلبوسُ لَم يَتَخَرَّقِ

وَلَم أَرَ كَالأَلحاظِ يَومَ رَحيلِهِم

بَعَثنَ بِكُلِّ القَتلِ مِن كُلِّ مُشفِقِ

أَدَرنَ عُيوناً حائِراتٍ كَأَنَّها

مُرَكَّبَةٌ أَحداقُها فَوقَ زِئبَقٍ

عَشِيَّةَ يَعدونا عَنِ النَظَرِ البُكا

وَعَن لَذَّةِ التَوديعِ خَوفُ التَفَرُّقِ

نُوَدِّعُهُم وَالبَينُ فينا كَأَنَّهُ

قَنا اِبنِ أَبي الهَيجاءِ في قَلبِ فَيلَقِ

قَواضٍ مَواضٍ نَسجُ داوُودَ عِندَها

إِذا وَقَعَت فيهِ كَنَسجِ الخَدَرنَقِ

هَوادٍ لِأَملاكِ الجُيوشِ كَأَنَّها

تَخَيَّرُ أَرواحَ الكُماةِ وَتَنتَقي

تَقُدُّ عَلَيهِم كُلَّ دِرعٍ وَجَوشَنٍ

وَتَفري إِلَيهِم كُلَّ سورٍ وَخَندَقِ

يُغيرُ بِها بَينَ اللُقانِ وَواسِطٍ

وَيُركِزُها بَينَ الفُراتِ وَجِلِّقِ

وَيُرجِعُها حُمراً كَأَنَّ صَحيحَها

يُبَكّي دَماً مِن رَحمَةِ المُتَدَقِّقِ

فَلا تُبلِغاهُ ما أَقولُ فَإِنَّهُ

شُجاعٌ مَتى يُذكَر لَهُ الطَعنُ يَشتَقِ

ضَروبٌ بِأَطرافِ السُيوفِ بَنانُهُ

لَعوبٌ بِأَطرافِ الكَلامِ المُشَقَّقِ

كَسائِلِهِ مَن يَسأَلُ الغَيثَ قَطرَةً

كَعاذِلِهِ مَن قالَ لِلفَلَكِ اِرفُقِ

لَقَد جُدتَ حَتّى جُدتَ في كُلِّ مِلَّةٍ

وَحَتّى أَتاكَ الحَمدُ مِن كُلِّ مَنطِقِ

رَأى مَلِكُ الرومِ اِرتِياحَكَ لِلنَدى

فَقامَ مَقامَ المُجتَدي المُتَمَلِّقِ

وَخَلّى الرِماحَ السَمهَرِيَّةَ صاغِراً

لِأَدرَبَ مِنهُ بِالطِعانِ وَأَحذَقِ

وَكاتَبَ مِن أَرضٍ بَعيدٍ مَرامُها

قَريبٍ عَلى خَيلٍ حَوالَيكَ سُبَّقِ

وَقَد سارَ في مَسراكَ مِنها رَسولُهُ

فَما سارَ إِلّا فَوقَ هامٍ مُفَلَّقِ

فَلَمّا دَنا أَخفى عَلَيهِ مَكانَهُ

شُعاعُ الحَديدِ البارِقِ المُتَأَلِّقِ

وَأَقبَلَ يَمشي في البِساطِ فَما دَرى

إِلى البَحرِ يَمشي أَم إِلى البَدرِ يَرتَقي

وَلَم يَثنِكَ الأَعداءُ عَن مُهَجاتِهِم

بِمِثلِ خُضوعٍ في كَلامٍ مُنَمَّقِ

وَكُنتَ إِذا كاتَبتَهُ قَبلَ هَذِهِ

كَتَبتَ إِلَيهِ في قَذالِ الدُمُستُقِ

فَإِن تُعطِهِ مِنكَ الأَمانَ فَسائِلٌ

وَإِن تُعطِهِ حَدَّ الحُسامِ فَأَخلِقِ

وَهَل تَرَكَ البيضُ الصَوارِمُ مِنهُمُ

أَسيراً لِفادٍ أَو رَقيقاً لِمُعتِقِ

لَقَد وَرَدوا وِردَ القَطا شَفَراتِها

وَمَرّوا عَلَيها زَردَقاً بَعدَ زَردَقِ

بَلَغتُ بِسَيفِ الدَولَةِ النورِ رُتبَةً

أَثَرتُ بِها مابَينَ غَربٍ وَمَشرِقِ

إِذا شاءَ أَن يَلهو بِلِحيَةِ أَحمَقٍ

أَراهُ غُباري ثُمَّ قالَ لَهُ اِلحَقِ

وَما كَمَدُ الحُسّادِ شَيئاً قَصَدتُهُ

وَلَكِنَّهُ مَن يَزحَمِ البَحرَ يَغرَقِ

وَيَمتَحِنُ الناسَ الأَميرُ بِرَأيِهِ

وَيُغضي عَلى عِلمٍ بِكُلِّ مُمَخرِقِ

وَإِطراقُ طَرفِ العَينِ لَيسَ بِنافِعٍ

إِذا كانَ طَرفُ القَلبِ لَيسَ بِمُطرِقِ

فَيا أَيُّها المَطلوبُ جاوِرهُ تَمتَنِع

وَيا أَيُّها المَحرومُ يَمِّمهُ تُرزَقِ

وَيا أَجبَنَ الفُرسانِ صاحِبهُ تَجتَرِئ

وَيا أَشجَعَ الشُجعانِ فارِقهُ تَفرَقِ

إِذا سَعَتِ الأَعداءُ في كَيدِ مَجدِهِ

سَعى جَدُّهُ في كَيدِهِم سَعيَ مُحنَقِ

وَما يَنصُرُ الفَضلُ المُبينُ عَلى العِدا

إِذا لَم يَكُن فَضلَ السَعيدِ المُوَفَّق”

إن الشاعر هنا يعبر عن حبه لمحبوبته بشكل رائع ويلامس القلب ويجذب النفس، حيث يقول إن عينها هي نقطة ضعفه، وأن قلبه يلاقي الكثير من الألم شوقًا لها، وكل هذا من أجلها عيونها، كما أنها يقول لها أنه لا يحب كلام الغزل والعشق، ولكن عندما قابل عينيها قلبت كل موازينه من شدة جاذبيتها، وهنا يشير إلى دقة تعبيره ورقة إحساسه.

كما يصف أيضًا في الابيات السابقة أن الحب يجعله يبكي في كل الأوقات، سواء كانت محبوبته راضية عنه أو ساخطة عليه، كما أنه يشعر بالألم أيضًا سواء كانت بعيدة عنه أو قريبة منه، وألا يوجد في الدنيا أصعب من الحب، لأنه من الأمور الصعبة جدًا، كما أنه يوضح أيضًا مدى جمال قرب الحبيبة وأن هذا هو كل أمله في الحياة، وأنه يخشى كثيرًا من أن تهجره.

كما أوضح أيضًا خلال سرده للأبيات مدى دلال حبيبته عليه، حيث إنها تتعمد أن تغضبه، وترى في هذا دلالًا، كما قال أيضًا أنه جعل شبابه شفيعًا لها، ويصف نفسه أنه لم يقدر على النظر إلى غيرها من النساء، وأنه نزيهًا عفيفًا، وأن ليست هذه الصفة في كل عاشق مثله، وأنه لم يقدر على فعل ذلك كباقي الرجال، وهذا ما أوضحناه من خلال عرض قصيدة شعر للمتنبي عن الحب.

اقرأ أيضًا: أبيات شعر عن الحب قصيرة

2- قصيدة دمع جرى فقضى في الربع ماوجبا

الحب هو أجمل ما يمكن للإنسان عيشه من مشاعر رقيقة وراقية، وهو الذي يقرب الأحباب، وإن استخدام أجمل الكلمات والأقوال المليئة بالحب من شأنها توطيد العلاقات بين الأحباب بشكل كبير، ومن ضمن هذه الكلمات يمكن التعبير من خلال شعر المتنبي عن الحب الذي أبدع في سرد مشاعره بشكل رائع لا يشابه أي شاعر أخر.

حيث إن المتنبي يعتبر من أكثر الشعراء العرب الذين تغنوا بأروع كلمات العشق والحب، وتعتبر هذه القصيدة من أجمل القصائد التي كتبها المتنبي عن الحب، وذلك لأنه أحسن في أسلوبه وتعبيره إلى درجة أنها تجذب الروح بشكل كبير، إليكم أبيات قصيدة دمع جرى فقضى في الربع ما وجبا من خلال الآتي:

“دَمعٌ جَرى فَقَضى في الرَبعِ ماوَجَبا

لِأَهلِهِ وَشَفي أَنّى وَلا كَرَبا

عُجنا فَأَذهَبَ ما أَبقى الفِراقُ لَنا

مِنَ العُقولِ وَما رَدَّ الَّذي ذَهَبا

سَقَيتُهُ عَبَراتٍ ظَنَّها مَطَراً

سَوائِلاً مِن جُفونٍ ظَنَّها سُحُبا

دارُ المُلِمِّ لَها طَيفٌ تَهَدَّدَني

لَيلاً فَما صَدَقَت عَيني وَلا كَذَبا

ناءَيتُهُ فَدَنا أَدنَيتُهُ فَنَأى

جَمَّشتُهُ فَنَبا قَبَّلتُهُ فَأَبى

هامَ الفُؤادُ بِأَعرابِيَّةٍ سَكَنَت

بَيتاً مِنَ القَلبِ لَم تَمدُد لَهُ طُنُبا

مَظلومَةُ القَدِّ في تَشبيهِهِ غُصُناً

مَظلومَةُ الريقِ في تَشبيهِهِ ضَرَبا

بَيضاءُ تُطمِعُ فيما تَحتَ حُلَّتِها

وَعَزَّ ذَلِكَ مَطلوباً إِذا طُلِبا

كَأَنَّها الشَمسُ يُعيِي كَفَّ قابِضِهِ

شُعاعُها وَيَراهُ الطَرفُ مُقتَرِبا

مَرَّت بِنا بَينَ تِربَيها فَقُلتُ لَها

مِن أَينَ جانَسَ هَذا الشادِنُ العَرَبا

فَاِستَضحَكَت ثُمَّ قالَت كَالمُغيثِ يُرى

لَيثَ الشَرى وَهوَ مِن عِجلٍ إِذا اِنتَسَبا

جاءَت بِأَشجَعَ مَن يُسمى وَأَسمَحَ مَن

أَعطى وَأَبلَغَ مَن أَملى وَمَن كَتَبا

لَو حَلَّ خاطِرُهُ في مُقعَدٍ لَمَشى

أَو جاهِلٍ لَصَحا أَو أَخرَسٍ خَطَبا

إِذا بَدا حَجَبَت عَينَيكَ هَيبَتُهُ

وَلَيسَ يَحجُبُهُ سِترٌ إِذا اِحتَجَبا

بَياضُ وَجهٍ يُريكَ الشَمسَ حالِكَةً

وَدُرُّ لَفظٍ يُريكَ الدُرَّ مَخشَلَبا

وَسَيفُ عَزمٍ تَرُدُّ السَيفَ هِبَّتُهُ

رَطبَ الغِرارِ مِنَ التَأمورِ مُختَضِبا

عُمرُ العَدوِّ إِذا لاقاهُ في رَهَجٍ

أَقَلُّ مِن عُمرِ ما يَحوي إِذا وَهَبا

تَوَقَّهُ فَمَتى ما شِئتَ تَبلُوَهُ

فَكُن مُعادِيَهُ أَو كُن لَهُ نَشَبا

تَحلو مَذاقَتُهُ حَتّى إِذا غَضِبا

حالَت فَلَو قَطَرَت في الماءِ ما شُرِبا

وَتَغبِطُ الأَرضُ مِنها حَيثُ حَلَّ بِهِ

وَتَحسُدُ الخَيلُ مِنها أَيَّها رَكِبا

وَلا يَرُدُّ بِفيهِ كَفَّ سائِلِهِ

عَن نَفسِهِ وَيَرُدُّ الجَحفَلَ اللَجِبا

وَكُلَّما لَقِيَ الدينارُ صاحِبَهُ

في مُلكِهِ اِفتَرَقا مِن قَبلِ يَصطَحِبا

مالٌ كَأَنَّ غُرابَ البَينِ يَرقُبُهُ

فَكُلَّما قيلَ هَذا مُجتَدٍ نَعَبا

بَحرٌ عَجائِبُهُ لَم تُبقِ في سَمَرٍ

وَلا عَجائِبِ بَحرٍ بَعدَها عَجَبا

لا يُقنِعُ اِبنَ عَليٍّ نَيلُ مَنزِلَةٍ

يَشكو مُحاوِلُها التَقصيرَ وَالتَعَبا

هَزَّ اللِواءَ بَنو عِجلٍ بِهِ فَغَدا

رَأساً لَهُم وَغَدا كُلٌّ لَهُم ذَنَبا

التارِكينَ مِنَ الأَشياءِ أَهوَنَها

وَالراكِبينَ مِنَ الأَشياءِ ما صَعُبا

مُبَرقِعي خَيلِهِم بِالبيضِ مُتَّخِذي

هامِ الكُماةِ عَلى أَرماحِهِم عَذَبا

إِنَّ المَنِيَّةَ لَو لاقَتهُمُ وَقَفَت

خَرقاءَ تَتَّهِمُ الإِقدامَ وَالهَرَبا

مَراتِبٌ صَعِدَت وَالفِكرُ يَتبَعُها

فَجازَ وَهوَ عَلى آثارِها الشُهُبا

مَحامِدٌ نَزَفَت شِعري لِيَملَأَها

فَآلَ ما اِمتَلَأَت مِنهُ وَلا نَضَبا

مَكارِمٌ لَكَ فُتَّ العالَمينَ بِها

مَن يَستَطيعُ لِأَمرٍ فائِتٍ طَلَبا

لَمّا أَقَمتَ بِإِنطاكِيَّةَ اِختَلَفَت

إِلَيَّ بِالخَبَرِ الرُكبانُ في حَلَبا

فَسِرتُ نَحوَكَ لا أَلوي عَلى أَحَدٍ

أَحُثُّ راحِلَتَيَّ الفَقرَ وَالأَدَبا

أَذاقَني زَمَني بَلوى شَرِقتُ بِها

لَو ذاقَها لَبَكى ما عاشَ وَاِنتَحَبا

وَإِن عَمَرتُ جَعَلتُ الحَربَ والِدَةً

وَالسَمهَرِيَّ أَخاً وَالمَشرَفِيَّ أَبا

بِكُلِّ أَشعَثَ يَلقى المَوتَ مُبتَسِماً

حَتّى كَأَنَّ لَهُ في قَتلِهِ أَرَبا

قُحٍّ يَكادُ صَهيلُ الخَيلِ يَقذِفُهُ

عَن سَرجِهِ مَرَحاً بِالغَزوِ أَو طَرَبا

فَالمَوتُ أَعذَرُ لي وَالصَبرُ أَجمَلُ بي

وَالبَرُّ أَوسَعُ وَالدُنيا لِمَن غَلَبا

إن الشاعر في الأبيات الشاعر أحسن في التعبير بهذه القصيدة بشكل رائع ودقيق كما يقوم دائمًا بفعله، فالأمر ليس جديد عليه، حيث نجد أنه في بداية القصيدة يشرح كم أن فراق الأحبة مؤلم، ومنذ أن فراق محبوبته وهو يبكي على الأطلال، وأن الفراق أهلك له قلبه، ولقد كاد أن يفقد عقله من شدة قسوة الفراق.

حيث إننا نعلم جميعًا أن فراق الحبيب من أكثر الأمور المؤلمة، والتي تدمي لها القلوب، ولا يوجد أسوء من لوعة هذا الشعور في الحب، ويوضح الشاعر هذا من خلال تشبيه لدموعه بالأمطار من كثرة البكاء، ويصف كيف يتذكر حبيبته كل ليلة، ويبكي على بعدها عنه، ويرغب لو أنه يلتقي بها مرة أخرى.

نجد أن المتنبي في هذه الأبيات أحسن التعبير وأوصل لنا شعور الحبيب المرير بالفراق، وهذه القصيدة نجد أن الأحبة الذين عانوا من الفراق يقومون بتداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، وذلك لأنه تعبر بشكل كبير عن مرارة شعور الفراق الذي يشبه الموت، لأن الحبيب عندما يفارق حبيبه يشعر وكأن روحه هي التي تفارقه.

اقرأ أيضًا: شعر عن حب الوطن للمتنبي

3- قصيدة الحُبُّ ما مَنَعَ الكَلامَ الألْسُنَا

من المؤكد أن الحب هو أجمل ما يمكن الحديث عنه، لذا سنعرض الآن أجمل شعر للمتنبي عن الحب، حيث يمكن للمحبين التعبير من خلالها عن مشاعرهم الرقيقة التي تعتبر رزق من الله –عز وجل- وهبها لهم، كي يشعرون بجمال الحياة، حيث إن الحب من أرقى المشاعر الإنسانية على الإطلاق.

لذا سوف نعرض الآن قصيدة الحُبُّ ما مَنَعَ الكَلامَ الألْسُنَا التي نرى معًا الطريقة المميزة التي قام الشاعر بالتعبير عن حبه من خلالها، وعن مشاعره المخلصة الجميلة، إليكم هذه الأبيات التي تعتبر من أجمل شعر للمتنبي عن الحب من خلال السطور التالية، لنتابع.

“الحُبُّ ما مَنَعَ الكَلامَ الأَلسُنا

وَأَلَذُّ شَكوى عاشِقٍ ما أَعلَنا

لَيتَ الحَبيبَ الهاجِري هَجرَ الكَرى

مِن غَيرِ جُرمٍ واصِلي صِلَةَ الضَنا

بِنّا فَلَو حَلَّيتَنا لَم تَدرِ ما

أَلوانُنا مِمّا اِمتُقِعنَ تَلَوُّنا

وَتَوَقَّدَت أَنفاسُنا حَتّى لَقَد

أَشفَقتُ تَحتَرِقُ العَواذِلُ بَينَنا

أَفدي المُوَدِّعَةَ الَّتي أَتبَعتُها

نَظَراً فُرادى بَينَ زَفراتٍ ثُنا

أَنكَرتُ طارِقَةَ الحَوادِثِ مَرَّةً

ثُمَّ اِعتَرَفتُ بِها فَصارَت دَيدَنا

وَقَطَعتُ في الدُنيا الفَلا وَرَكائِبي

فيها وَوَقتَيَّ الضُحى وَالمَوهِنا

وَوَقَفتُ مِنها حَيثُ أَوقَفَني النَدى

وَبَلَغتُ مِن بَدرِ اِبنِ عَمّارِ المُنا

لِأَبي الحُسَينِ جَدىً يَضيقُ وِعائُهُ

عَنهُ وَلَو كانَ الوِعاءُ الأَزمُنا

وَشَجاعَةٌ أَغناهُ عَنها ذِكرُها

وَنَهى الجَبانَ حَديثُها أَن يَجبُنا

نيطَت حَمائِلُهُ بِعاتِقِ مِحرَبٍ

ما كَرَّ قَطُّ وَهَل يَكُرُّ وَما اِنثَنى

فَكَأَنَّهُ وَالطَعنُ مِن قُدّامِهِ

مُتَخَوِّفٌ مِن خَلفِهِ أَن يُطعَنا

نَفَتِ التَوَهُّمَ عَنهُ حِدَّةُ ذِهنِهِ

فَقَضى عَلى غَيبِ الأُمورُ تَيَقُّنا

يَتَفَزَّعُ الجَبّارُ مِن بَغَتاتِهِ

فَيَظَلُّ في خَلَواتِهِ مُتَكَفِّنا

أَمضى إِرادَتَهُ فَسَوفَ لَهُ قَدٌ

وَاِستَقرَبَ الأَقصى فَثَمَّ لَهُ هُنا

يَجِدُ الحَديدَ عَلى بَضاضَةِ جِلدِهِ

ثَوباً أَخَفَّ مِنَ الحَريرِ وَأَليَنا

وَأَمَرُّ مِن فَقدِ الأَحِبَّةِ عِندَهُ

فَقدُ السُيوفِ الفاقِداتِ الأَجفُنا

لا يَستَكِنُّ الرُعبُ بَينَ ضُلوعِهِ

يَوماً وَلا الإِحسانُ أَن لا يُحسِنا

مُستَنبِطٌ مِن عِلمِهِ ما في غَدٍ

فَكَأَنَّ ما سَيَكونُ فيهِ دُوِّنا

تَتَقاصَرُ الأَفهامُ عَن إِدراكِهِ

مِثلَ الَّذي الأَفلاكُ فيهِ وَالدُنا

مَن لَيسَ مِن قَتلاهُ مِن طُلَقائِهِ

مَن لَيسَ مِمَّن دانَ مِمَّن حُيِّنا

لَمّا قَفَلتَ مِنَ السَواحِلِ نَحوَنا

قَفَلَت إِلَيها وَحشَةٌ مِن عِندِنا

أَرِجَ الطَريقُ فَما مَرَرتَ بِمَوضِعٍ

إِلّا أَقامَ بِهِ الشَذا مُستَوطِنا

لَو تَعقِلُ الشَجَرُ الَّتي قابَلتَها

مَدَّت مُحَيِّيَةً إِلَيكَ الأَغصُنا

سَلَكَت تَماثيلَ القِبابِ الجِنُّ مِن

شَوقٍ بِها فَأَدَرنَ فيكَ الأَعيُنا

طَرِبَت مَراكِبُنا فَخِلنا أَنَّها

لَولا حَياءٌ عاقَها رَقَصَت بِنا

أَقبَلتَ تَبسِمُ وَالجِيادُ عَوابِسٌ

يَخبُبنَ بِالحَلَقِ المُضاعَفِ وَالقَنا

عَقَدَت سَنابِكُها عَلَيها عِثيَراً

لَو تَبتَغي عَنَقاً عَلَيهِ أَمكَنا

وَالأَمرُ أَمرُكَ وَالقُلوبُ خَوافِقٌ

في مَوقِفٍ بَينَ المَنِيَّةِ وَالمُنى

فَعَجِبتُ حَتّى ما عَجِبتُ مِنَ الظُبى

وَرَأَيتُ حَتّى ما رَأَيتُ مِنَ السَنا

إِنّي أَراكَ مِنَ المَكارِمِ عَسكَراً

في عَسكَرٍ وَمِنَ المَعالي مَعدِنا

فَطِنَ الفُؤادُ لِما أَتَيتُ عَلى النَوى

وَلِما تَرَكتُ مَخافَةً أَن تَفطُنا

أَضحى فِراقُكَ لي عَلَيهِ عُقوبَةً

لَيسَ الَّذي قاسَيتُ مِنهُ هَيِّنا

فَاِغفِر فِدىً لَكَ وَاِحبُني مِن بَعدِها

لِتَخُصَّني بِعَطِيَّةٍ مِنها أَنا

وَاِنهَ المُشيرَ عَلَيكَ فيَّ بِضَلَّةٍ

فَالحَرُّ مُمتَحِنٌ بِأَولادِ الزِنا

وَإِذا الفَتى طَرَحَ الكَلامَ مُعَرِّضاً

في مَجلِسٍ أَخَذَ الكَلامَ اللَذعَنا

وَمَكايِدُ السُفَهاءِ واقِعَةٌ بِهِم

وَعَداوَةُ الشُعَراءِ بِئسَ المُقتَنى

لُعِنَت مُقارَنَةُ اللَئيمِ فَإِنَّها

ضَيفٌ يَجِرُّ مِنَ النَدامَةِ ضَيفَنا

غَضَبُ الحَسودِ إِذا لَقيتُكَ راضِياً

رُزءٌ أَخَفُّ عَلَيَّ مِن أَن يوزَنا

أَمسى الَّذي أَمسى بِرَبِّكَ كافِراً

مِن غَيرِنا مَعَنا بِفَضلِكَ مُؤمِنا

خَلَتِ البِلادُ مِنَ الغَزالَةِ لَيلَها

فَأَعاضَهاكَ اللَهُ كَي لا تَحزَنا

إن القصيدة السابقة من ضمن أجمل شعر للمتنبي عن الحب، وذلك لأنه أخذ إلهامه من المشاعر المكنونة بداخله، لذا أخرج لنا هذه الأبيات الرائعة التي لم تتشابه مع أي شعر أخر كُتب عن الحب، حيث يعد هو الملهم الوحيد في العالم للكثير من الشعراء، الذين قاموا بكتابة الأشعار الرومانسية وأبدعوا فيها.

حيث نجد أن المتنبي في الأبيات الأولى من الشعر يقول بإن الحب الذي يشعر به تجاه محبوبته يمتنع الكلام عن البوح به عما داخل قلبه من مشاعر رقيقة، وإذا لم يكن هذا الشعور الذي يشعر به الأحباب، فإن هذا بالتأكيد ليس الحب الحقيقي، لأن الحب الحقيقي لا يمكن النطق به بالكلمات.

كما أشار أيضًا في الأبيات السابقة إلى أن محبوبته هجرته دون ذنب منه، ويعبر عن قسوة الهجر والفراق، ويقول إنه منذ أن هجرته محبوبته وهجره النوم مع فراقها، ويبدع في وصف الهجر مرة أخرى ويقول عنه أنه بمثابة المرض الذي يصيب الإنسان ويفقده القدرة على مواصلة حياته.

نجد أيضًا أنه عرف وصل الحبيب أنه يشبه ابتعاد الأسقام عن المرض، ومواصلة الحياة بشكل سليم، وهذا التشبيه من أصدق التعبيرات التي يمكن وصف الفراق الوصل بها، وهذا الإبداع هو الذي يجعل من الشاعر متفردًا بين شعراء عصره في كتابة شعر للمتنبي عن الحب.

اقرأ أيضًا: شعر المتنبي في الحكمة ومميزات شعره وأهم خصائصه

شعر للمتنبي عن الحب من شأنه إيصال المشاعر الصادقة التي يشعر بها كل شخص منا عندما يقع في الحب، وذلك لأنه من الشعراء الذين أبدعوا في وصف هذه المشاعر.

قد يعجبك أيضًا