هل يجوز الصوم عن الميت

هل يجوز الصوم عن الميت؟ وما قضاء الصلاة عن الميت؟ وما هي الأعمال التي تصل إليه في القبر؟ هناك الكثير من الأسئلة الشائعة والتي تكثر بين الناس عند فقدهم لعزيزٍ غالي وعلى علم بتركه لأداء العبادات سواء كانت بعذر أو غير عذر، خاصةً الصوم في رمضان فهو من العبادات المفروضة التي يأثم الإنسان على تركها، لذا سنوضح الرأي الشرعي لهذه الأمور من خلال موقع جربها، ونُجيب على هل يجوز الصوم عن الميت أم لا، عبر الفقرات التالية.

هل يجوز الصوم عن الميت؟

اختلف الفقهاء في حكم هل يجوز الصوم عن الميت أم لا، فمنهم من أجاز الصوم عنه، ومنهم من قال إنها من الحرمانية ولا يجوز، ومنهم من أجازوا الصيام عنه لكن إذا كان الصيام لنذر قد نذره المتوفى ولم يتمكن من تأديته، أما عن قضاء صيام رمضان فلم يجز أحد الفقهاء على أدائه للميت.

على الرغم من قول كثير من الفقهاء إلى عدم وصول ثواب الصوم أو الصلاة أو القرآن إلى الميت حتى لو صام عنه وليه، إلا أن اثنين من المذاهب الأربعة وهم الحنفية والحنابلة أجازوا بوصول ثواب الصيام أو الصلاة أو غيرها من العبادات إلى الميت، وللإمام الشافعي كبار الفقهاء قولان في حكم الصيام عن الميت وهُما:

  • القول الأول: لا يجوز الصيام عن الميت مهما كان السبب، وأجاز البعض هذا القول، واعترض البعض الآخر.
  • القول الثاني: يُستحب للولي الصيام عن الميت وبذلك يُسقط الصيام عن الميت، وهذا القول أجمع عليه الكثير من الفقهاء، ويرى أن الولي له حق الاختيار بين الأمرين، استنادًا على ذلك بالحديث الشريف: عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: “مَن مات وعليه صيامٌ، صام عنه وليُّه”.

لكن أجمع الكثير من العلماء على صوم ولى المتوفى عنه أو إطعام المساكين فيجوز فعل أيًا من الاثنين حتى يُسقط الحكم عن المتوفى، فقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالصدقة والصوم عن الميت فإنها من الأعمال الصالحة التي تنفعه في قبره.

اقرأ أيضًا: هل يجوز الأضحية عن الميت والأكل منها.. رأي دار الإفتاء

حكم الصوم عن الميت بعذر

أجمعت المذاهب الأربعة على أن الشخص الذي يموت وعليه صيام لم يقضه في حياته بسبب مرض أو حمل ورضاعة لم يُمكنّه من الصوم حتى مات، أنه ليس عليه وزر أو أثم في ذلك لسقوط الحكم عليه كالحج، ولا يصوم عنه وليه أو يطعم المساكين.

أما إذا انتهى العذر وأصبح الشخص قادرًا على قضاء ما فاته من صوم وتساهل في ذلك حتى مات، وجب الصوم عنه أو إطعام المساكين، والمرأة الحائض يجوز عليها الصيام أيضًا حتى إذا لم تُقضي ما فاتها من صوم بسبب جهل منها بذلك أو تكاسل.

حكم الصوم عن الميت بغير عذر

الشخص الذي توفى وعليه صيام لم يقضه سواء كان صيام رمضان أو صيام نذر، قال بعض الفقهاء أمثال ابن باز وابن عثيمين في هذا الأمر أنه يجوز لوليه الصيام عنه استنادًا على ذلك بالحديث الشريف:

عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ الله عنهما، قال: جاء رجلٌ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: يا رسولَ اللهِ إنَّ أمِّي ماتت وعليها صومُ شَهرٍ، أفأقضيه عنها؟ قال: “نعم، قال: فدَينُ اللهِ أحقُّ أن يُقضى”.

إذا شرع الولي في الصيام ثم أفطر فلا حرج عليه في ذلك لأنه ليس صوم ملزم به، وفي هذه الحالة هو مُخيّر بين أمر إذا شاء صام عن المتوفى وإذا لم يشأ فعليه إطعام المساكين دون استسهال لسقوط الصيام عن الميت.

اقرأ أيضًا: هل يجوز الحلق قبل ذبح الأضحية

هل يجوز قضاء الصلاة عن الميت؟

لا يوجد في الأحاديث الشريفة والآيات القرآنية ما يدُل على قضاء الصلاة عن الميت، ولم يُذكر لقول عن النبي بقضاء الصلاة، والأصح أنه لا يجوز قضائها له إذا تركها بعذر أو بغير عذر، ولكن يُطلب العفو له من الله والمغفرة، وإطعام المساكين، والقيام بالأعمال الصالحة الواردة للتخفيف عنه.

كما أكد على ذلك المذاهب الأربعة استنادًا لقول الرسول صلي الله عليه وسلم: “مَن عَمِلَ عَمَلًا ليسَ عليه أمْرُنا فَهو رَدٌّ“، على الرغم من عدم إجازة قضاء الصلاة عن الميت إلا أنه يُمكن أداء الصلاة والدعاء للميت بكثرة فهذا يصله بالكثير من الحسنات، والدعاء بالعفو والمغفرة.

الأعمال التي يصل ثوابها إلى الميت

هناك الكثير من الأعمال الصالحة التي ينتفع الميت بها وتصل ثوابها له فضلًا عن الصوم، فإن أكثر شيء يحتاجه الميت في قبره هو الدعاء له بالرحمة والعفو والمغفرة والدعاء له فضل عظيم عند الله ويتقبله من العبد خاصةً إذا كان بظهر الغيب كالدعاء للميت.

تأتى الصدقة بعد ذلك في الأهمية من الأعمال الصالحة التي يصل ثوابها إلى الميت، حيث إن الصدقة تطفئ غضب الرب كما قال صلى الله عليه وسلم، فإنها من المنجيات بالنسبة للميت حتى يعفو عنه الله وتغمده بالرحمة، والصدقة ليست فقط بالمال وإنما تجوز بالطعام والملابس وبناء مسجد أو قارورة مياه في الطريق ونحو ذلك.

ذُكر عن نبينا الكريم في الصدقات الجائزة وتصل إلى الميت فهي قضاء الدين، هذه من أعظم الصدقات للمتوفى، والأفضل في الثواب سواء للميت أو الحي الدعاء والصدقة له لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من أحاديث في ذلك الأمر: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له”.

كما ورد في أهمية الصدقة للميت من الأحاديث الشريفة عن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاس رضي الله عنهما قال: “أنَّ سعدَ بنَ عُبادة تُوفِّيتْ أمُّه وهو غائبٌ عنها، فأتى النبيَّ فقال: يا رسولَ اللهِ، إنَّ أمِّي تُوفِّيَتْ وأنا غائِبٌ عنها؛ فهل ينفَعُها إن تصدَّقتُ عنها؟ قال: نعم، قال: فإنِّي أُشهِدُك أنَّ حائِطي المِخْرافَ صدقةٌ عنها”، ذلك فضلًا عن الاستغفار والعمرة أو الحج للميت فإن ثوابها له عظيم.

أما عن قراءة القرآن فاختلف العلماء فيه، فقال البعض منهم أن ثواب القراءة يصل إلى الميت وينفعه مثل ابن القيم، أما البعض الآخر مثل الشافعي قال إن قراءة القرآن لن يصل ثوابها إلى الميت لعدم وجود أحاديث صحيحة عن الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك، فقد جاءت الأحاديث الشريفة بإيصال ثواب الدعاء والصدقة فقط ولم يُذكر شيء عن القرآن الكريم.

اقرأ أيضًا: هل يجوز الصيام بدون نية وأهميتها لصحة العبادة

حكم الصوم عن الحي

بعد التطرق على معرفة أراء الفقهاء في هل يجوز الصوم عن الميتن قد يراود البعض سؤالًا تابعًا وهو هل يجوز الصيام على الحي؟ أجمع الفقهاء على أنه لا يجوز الصوم عن الحي حتى لو كان مريضًا، ولكن إذا كان الحي يعجز عن الصوم تمامًا فيجوز فقط إطعام المساكين عن كل يوم هو مريض فيه، ويُمنع الصيام بدلًا منه.
اختلف العلماء في حكم قضاء العبادات عن الميت، لكن يجب على كُل إنسان أداء العبادات والفرائض في أوقاتها، ومُراعاة يوم يُحشر لفيه الخلق للفصل، حتى ينعم بمرافقة النبي في الجنة.

قد يعجبك أيضًا