هل يقبل الصيام بدون صلاة

هل يقبل الصيام بدون صلاة؟ وما حكم من صلى في شهر رمضان فقط؟ تعد تلك المسائل الفقهية من المسائل الشائكة التي تعددت فيها آراء الفقهاء كلٍل منهم ذاكرًا العديد من الأدلة، والمسلم مأمور بأداء الفريضتين، فهما ركنين أساسيين من أركان الإسلام الخمسة، ومن خلال موقع جربها سنجيب على سؤال هل يقبل الصيام بدون صلاة؟ مع ذكر تفاصيل آراء الفقهاء حول تلك المسألة.

هل يقبل الصيام بدون صلاة؟

تعددت الآراء حول بطلان الصوم بدون صلاة وبين صحة الصوم، والصيام وهو الركن الرابع في أركان الإسلام الخمسة، والصلاة هي الركن الثاني بعد الشهادة، والركن هو أساس من الأسس التي يبنى عليها إسلام المرء وإذا بطل الأساس بطل معه العمل، وبدايةً يُمكننا تعريف الصيام في اللغة والشرع من خلال النقاط الآتية:

  • الصوم في اللغة: هو المنع.
  • الصوم في الشرع: هو الإمساك أو الإمتناع عن الطعام والشراب وشهوة الفرج من قبيل طلوع الفجر حتى غروب الشمس في وقت المغرب.

على ذلك التعريف استدل بعض الفقهاء على صحة الصيام وسنذكر تلك الآراء في النقاط الآتية:

  • ترى دار الإفتاء المصرية المكونة من هيئة كبار العلماء، أن الصيام صحيح للقيام بالإمساك عن شهوة البطن والفرج، واستدلوا على أن جميع الأعمال تكتب وسيأتي يوم القيامة ويقول صمت يارب، فترك الصلاة لا يفطر في الصيام ولا يبطله، لكنه يحاسب على فريضة الصلاة منفردة عن الصيام، وعليه الإسراع بالتوبة.
  • أفاد الإمام جمعة بأن الصيام صحيح لإتمامه المطلوب منه حتى وإن كان لا يصلي، أو كذاب أو مرتشي فكل أمر من ذلك له حسابه عند الله كما يحاسب على الصوم.
  • ذهب جميع أهل العلم إلى عدم تكفير تارك الصلاة فلا يكفر كفرًا أكبر ويقبل صيامه وزكاته وباقي عباداته إن كان معترفًا بفرضية الصلاة ولكن يتركها تكاسلًا منه وتساهلًا في حقها.
  • يقول الشيخ على الطنطاوي أن بعض الصائمين لا ينالون من صيامهم غير الجوع والعطش وذلك لعدة أسباب ذكرها منها: “ترك الصلاة، الغضب الذي يجعل الإنسان سيء الخلق بحجة صيامه، عدم إتمام الغرض الأساسي من الصيام”.
  • ذهب بعض العلماء إلى قبول الصيام من يصلي من عدمه، فمن قال بأن تارك الصلاة بسبب التهاون والتكاسل فيها لا يكفر، فعليه يترتب قبول الصيام.

اقرأ أيضًا: هل يجوز الصوم بدون سحور

أدلة القول ببطلان الصيام لمن ترك صلاته

ذهب بعض الفقهاء ببطلان صيام تارك الصلاة مستدلين بعدة أدلة، ونذكر تلك الآراء وأدلتها في النقاط الآتية:

  • يقول أحمد محمد شاكر: أن سبب مشروعية الصيام هو تطهير النفس والتحكم في شهوات الجسم، لكنه لم يشرع لمقاسات آلام الجوع والعطش بدليل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من لم يَدَع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه).
  • من ترك الصلاة متعمدًا كفرًا بها فقد بطل عمله كله لقوله صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة).
  • منهم من استدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة).
  • من ترك الصلاة متعمدًا وليس كفرًا بها وهو صائم، فأطلق عليه العلماء بالكفر الأصغر مستدلين بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة).
  • استدل البعض على بطلان الصيام لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (أولُ ما يحاسبُ به العبدُ الصلاةُ : ينظرُ اللهُ في صلاتهِ , فإن صلحتْ صلحَ سائرُ عملهِ , وإن فسدتْ فسدَ سائرُ عملهِ).
  • هناك من العلماء من أجمع على بطلان عمل تارك الصلاة، فلا يُقبل منه صيامًا ولا يقبل منه تأدية زكاة أو القيام بفريضة الحج مستدلين على ذلك بقول أحد الصاحبة رضوان الله عليهم: (كُنَّا مع بُرَيْدَةَ في غَزْوَةٍ في يَومٍ ذِي غَيْمٍ، فَقَالَ: بَكِّرُوا بصَلَاةِ العَصْرِ؛ فإنَّ النبيَّ صلىى اللهُ عليه وسلَّمَ قَالَ: مَن تَرَكَ صَلَاةَ العَصْرِ فقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ).

حكم من صلى في شهر رمضان فقط

بعد الإجابة عن سؤال هل يقبل الصيام بدون صلاة؟ وجب بيان مسألة الصلاة في وقت الصيام فقط، فقد انقسم العلماء في الرأي إلى عدة أقسام منه من كفر ومنهم من قال يستتاب ونعرض الآراء بالأدلة المُستدلة في النقاط الآتية:

  • من ترك صلاته متعمدًا في جميع الأيام ولم يصلي إلا في شهر رمضان فقد كفر لتركة أمر معلوم من الدين بالضرورة، لقوله صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة).
  • قيل يستتاب لقوله تعالى: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ) سورة الأنفال: 38، فالواجب على كل مسلم ومسلمة ترك التهاون في حق الصلاة حرصًا على بقية أعماله من ضياع ثوابها.

اقرأ أيضًا: هل يغفر الله الذنب المتعمد

أقسام الصيام

ينقسم الصوم إلى قسمين قسم مأمورون به والقسم الآخر المنهي عنه ويتم شرح تلك الأقسام بالتفصيل بعدما أجبنا عن سؤال هل يقبل الصيام بدون صلاة؟ في السطور الآتية:

1- الصيام المأمور

هو الصيام المأمور به عامة المسلمين في الشرع ويتمثل في نوعين صيام الفرض وصيام التطوع ونفصل كلًا منهما في النقاط الآتية:

صيام الفرض

هو ركن من أركان الإسلام يعاقب تاركه لإنكاره أمر معلوم من الدين بالضرورة، غير أنه ركن من أركان الإسلام، وتجب فريضة الصيام على كل مسلم بالغ عاقل مكلف، وينقسم صيام هذا النوع إلى صيام بسبب واجب شرعي أو صيام بسبب التكليف ونبينه في الآتي:

  • صيام واجب شرعي: كصوم رمضان.
  • صيام بسبب التكليف: أي بسبب المكلف بأداء الفريضة، وهو صيام النذر وصيام الكفارات وصيام الأيام التي تم الإفطار فيها بسبب عذر شرعي أو مرض.

صيام التطوع

هو الصيام الذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم القيام به، وينقسم لقسمين قسم مطلق وقسم مقيد يتم بيانهم في الآتي:

  • التطوع المطلق: هو الصيام الغير مقيد بزمن محدد كما جاء في النصوص.
  • التطوع المقيد: هو الذي دلت عليه النصوص من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ومقيد بوقت محدد مثل: ( صيام الستة أيام البيض من شهر شوال – وصيام أيام الإثنين والخميس – وصيام يومي تاسوعاء وعاشوراء – وصيام يوم عرفة”.

2- الصيام المنهي عنه

بعد بيان النوع الأول من الصيام وهو المأمور به والإجابة على سؤال هل يقبل الصيام بدون صلاة؟ وجب بيان الصيام المنهي عنه حتى لا يقع المسلم في محظور وهو الصيام المحرم مثل صيام أيام العيد والصيام المكروه وهو صيام يوم عرفة للحجاج.

الدليل على مشروعية الصيام

بعد بيان الحكم في سؤال هل يقبل الصيام بدون صلاة؟ يجدر بنا ذكر الدليل على فريضة الصيام من القرآن الكريم ومن السنة المطهرة نذكرها فيما يأتي:

  • الدليل من القرآن الكريم قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)) سورة البقرة.
  • قولة تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)) سورة البقرة.
  • الدليل من السنة، عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال: (أنَّ أعْرَابِيًّا جَاءَ إلى رَسولِ اللَّهِ صلىى اللهُ عليه وسلَّمَ ثَائِرَ الرَّأْسِ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، أخْبِرْنِي مَاذَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ؟ فَقالَ: الصَّلَوَاتِ الخَمْسَ إلَّا أنْ تَطَوَّعَ شيئًا فَقالَ: أخْبِرْنِي بما فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الصِّيَامِ؟ قالَ: شَهْرَ رَمَضَانَ إلَّا أنْ تَطَوَّعَ شيئًا قالَ: أخْبِرْنِي بما فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الزَّكَاةِ؟ قالَ: فأخْبَرَهُ رَسولُ اللَّهِ صلىى اللهُ عليه وسلَّمَ شَرَائِعَ الإسْلَامِ. قالَ: والذي أكْرَمَكَ، لا أتَطَوَّعُ شيئًا، ولَا أنْقُصُ ممَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ شيئًا. فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صلىى اللهُ عليه وسلَّمَ: أفْلَحَ إنْ صَدَقَ، أوْ: دَخَلَ الجَنَّةَ إنْ صَدَق)َ.

اقرأ أيضًا: النوم على جنابة في رمضان وحكم تأخير الاغتسال من الجنابة أثناء الصيام

الحكمة من مشروعية الصيام

إن الله لم يفرض على المسلمين شيئًا إلا وكان من خلفة منفعة ينتفعون بها وما منع شيئًا إلا بسبب ضرر قد يلحق بالإنسان وبعد أن أجبنا على سؤال هل يقبل الصيام بدون صلاة؟ نذكر الحكمة من تشريع الصيام في النقاط الآتية:

  • الصيام من وسائل التقرب لله عز وجل بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلىى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: الصِّيَامُ جُنَّةٌ فلا يَرْفُثْ ولَا يَجْهلْ، وإنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِن رِيحِ المِسْكِ. يَتْرُكُ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ وشَهْوَتَهُ مِن أجْلِي الصِّيَامُ لِي، وأَنَا أجْزِي به والحَسَنَةُ بعَشْرِ أمْثَالِهَا).
  • الشعور بالنعم التي أنعم الله علينا بها من طعام أو شراب، فعندما يألف الإنسان النعمة لا يشعر بقدرها.
  • يولد الصوم الرحمة في قلوب الصائمين عند شعورهم بالجوع يفكرون فيمن الفقراء والمساكين ويحثهم على العطف عليهم والتصدق لهم.
  • يقوي الصوم قدرة الإنسان على التحمل ويحفز من إرادته.
  • صيانة النفس عن الوقوع في الحرام فقد نصح الرسول الشباب الذين لا يقدرون على الزواج بالصوم تحصينًا لأنفسهم.
  • تخليص الجسم من السموم ففي وقت الصيام يقوم الجسم بالتخلص من كل السموم الموجودة فيه.

الصوم فريضة والصلاة فريضة ولا يجب على الإنسان التهاون في حق أي منهما فإنكارهما كفر، والإفراط فيهما تقصير يحاسب الإنسان عليه في جميع الحالات.

قد يعجبك أيضًا