الذكاء العاطفي في العمل وأثره في النجاح والتطور في بيئة العمل

الذكاء العاطفي في العمل وأثره في النجاح والتطور في بيئة العمل هو من المهارات والصفات الشخصية والاجتماعية التي أظهرت الدراسات أهمية توافرها في الموظفين وكذلك المديرين لأنها من الدوافع الأساسية وراء خلق البيئة الملائمة في العلاقات المهنية وكذلك العملية، فما هو الذكاء العاطفي في العمل وكيف يؤثر فيه؟ هذا ما سنتناول ذكره بالتفصيل اليوم عبر موقع جربها.

الذكاء العاطفي في العمل وأثره في النجاح والتطور في بيئة العمل

أشار الباحثون إلى أنه يوجد علاقة وثيقة بين الذكاء العاطفي وكذلك الرضا الوظيفي مبررين بذلك أن الناس بطبيعتهم يتسمون بكونهم مخلوقات عاطفية، فإن تمتعوا بالقدرة على إدارة مشاعرهم واحترام مشاعر الآخرين سيحصلون على بيئة عمل مُريحة.

إلى جانب أنهم سيتمكنون في حالة إن كانوا من الموظفين من الارتقاء بسهولة في السلم الوظيفي، أما بالنسبة للمديرين التنفيذيين وكذلك كبار المديرين فإنهم سيستطيعون تولي دورهم القيادي بفاعلية دون التسبب في زعزعة الاستقرار في المؤسسة.

في حقيقة الأمر إن منبع الذكاء العاطفي يتركز في عدة أمور منها الفهم الجيد، والقدرة على التعبير، وخلق العلاقات الجيدة إلى جانب الإدارة وحل كافة المشكلات التي يتم التعرض لها لا سيما تحت الضغط.

ففي حالة القدرة على الوصول إلى ذلك المنبع بالتحديد في ظل وجود فريق من العمل متعدد الثقافات والشخصيات، فسيكون الذكاء العاطفي وحده المساهم في نجاح وتطور العمل، وسيظهر ذلك في حدوث الآتي:

1- تعزيز الأداء الوظيفي

يظهر دور الذكاء العاطفي المتمثل في نجاح العمل وتطوره في زيادة السعادة لدى كل القائمين على العمل وبلوغ الرضا الوظيفي وبالتالي تعزيز الأداء، وذلك لأنه يساعد في بلوغ كل من يتمتع به الأمور التالية:

  • الاستقرار العاطفي: حيث إنه يساعد في القدرة على إدارة العواطف وكذلك تحمل الضغط والتوتر.
  • إحياء الضمير: فالذكاء العاطفي يدفعه إلى الميل نحو العمل الدؤوب وبذل الجهود بتفاني.
  • الراحة النفسية: فإنه يجعل الموظفين قادرين على إقامة شتى العلاقات مع الآخرين دون الشعور بضرورة الحذر منهم.
  • كسب القدرة العاطفية والمعرفية: فإنه يساهم في جعل الأفراد قادرين على التحكم في سلوكياتهم من خلال الجمع بين عنصر العاطفة وعنصر التفكير.
  • الكفاءة الذاتية: إذ يجد من يتمتع بهذه السمة القدرة على التعامل مع مختلف متطلبات العمل.

اقرأ أيضًا: مشروع صغير وناجح وغير مكلف للبنات

2- تحسين عملية التوظيف

لن يقتصر الذكاء العاطفي وأثره في نجاح وتطور العمل على الموظفين، بل إنه وكما أسلفنا الذكر يعود على المشرفين والمديرين بالنفع الشديد، حيث إنه يدفعهم إلى تطوير عمليات التوظيف وجعلها أكثر فاعلية سواء عند الحصول على موظف جديد أو إجراء الترقيات.

ذلك من خلال تنمية المهارات لديهم حول وضع كل موظف في المكان الوظيفي الذي يتلاءم مع قدراته المهنية والمعرفية، مما يساهم في تعزيز التنمية المستقبلية وخفض خطر حدوث الإخفاقات في بيئة العمل.

3- توفير نظام قيادي متميز

يتمتع أغلب رواد الأعمال بالثبات العاطفي إلا أن هذا الأمر لا يكفي، إذ ينبغي تحليهم بالذكاء أيضًا، فالقادة المتمرسون للذكاء العاطفي قادرون على تحقيق الآتي:

  • توصيل رؤيتهم بشكل فعّال للموظفين.
  • تعزيز قدرتهم على الإقناع عند التحدث.
  • التحقق من إمكانياتهم على الاستجابة بشكل مناسب عند التعرض للمواقف المجهدة أو تلك المربكة في بيئة العمل.
  • السيطرة على عواطف موظفيهم، مما يعود بالإيجابية والنفع على الإنتاجية.
  • القدرة على إنجاز أفضل الأعمال ووضع الاستراتيجيات الملائمة للعمل.

فمن الواضح لنا من هذه الأمور أن الذكاء العاطفي قادر على دفع العمل نحو النجاح والتطور، فلا بد من تمتع مديري المشاريع به والقادة به.

4- اتخاذ القرارات الوظيفية السليمة

استكمالًا لموضوعنا الذي يوضح أثر الذكاء العاطفي في نجاح وتطور بيئة العمل، فمن آثاره قدرة الفرد سواء كان موظفًا أو مديرًا على صنع القرارات المناسبة والتخطيط بفاعلية لأية مخاطر مستقبلية.

ففي حالة إن كان الذكاء العاطفي منخفضًا فبلا شك سيعاني أعضاء المنظمة من القلق الشديد عند مواجهة القرارات المصيرية والكبيرة، وسيفقدون القدرة على إدارتها وبالتالي يسيرون نحو الفشل والإخفاق.

اقرأ أيضًا: دورات تدريبية معتمدة من وزارة الخدمة المدنية عن بعد

كيفية تنمية الذكاء العاطفي في العمل

بعد أن تعرفنا إلى فوائد الذكاء العاطفي في بيئة العمل وأثره على نجاحه وتطوره، فإننا سوف نشير فيما يلي إلى كيفية تنمية الذكاء العاطفي، ولكن قبل التطرق إلى معرفة ذلك يجب القول إن المهارات العاطفية فطرية لدى أغلبنا بلا شك.

فتنميتها في مقر العمل أمر مفيد للغاية لتحقيق التفاهم الشخصي والقدرة على ممارسة العمل الجماعي وتسهيل التواصل، وبالتالي تطوير الأداء الوظيفي، وإليكم فيما يلي الإرشادات الهامة لتعزيز الذكاء العاطفي في بيئة العمل:

1- التمتع بالوعي الذاتي

يتلخص مفهوم الوعي الذاتي في التعرف إلى المشاعر التي تنتابك عند مواجهة أي موقف وإدراكها جيدًا ثم التوجه نحو توظيفها بشكل سليم من خلال بث مهارات الذكاء فيها داخل مقر العمل.

لكن التساؤل هنا كيف يمكن أن يكون الإنسان قادرًا على التمتع بالوعي الذاتي، ففي الحقيقة ذلك الأمر يتم من خلال اتباع الآتي:

  • الانتباه للمشاعر وردود الأفعال ومعرفة مدى تأثيرها على القرارات الهامة أو التعامل مع الآخرين، فعند التفكير في ذلك الأمر مدة طويلة ستكون واعيًا بذاتك ومشاعرك الخاصة.
  • التعرف إلى نقاط القوة والضعف لديك وذلك من خلال التساؤل عن هل ينفذ صبرك سريعًا؟ وهل تعاني من الانزعاج بشكل مستمر؟ وما الذي ينبغي فعله عند مواجهة مشكلة مع زملاء العمل؟ إذ يتيح ذلك الأمر إيجاد السبل السليمة عند التعامل مع الآخرين.
  • تذكر أن العواطف مؤقتة وعابرة، فعندما يزعجك أي زميل في عملك أو يمنحك مديرك أي مهمة تبدو بالنسبة لك محبطة حاول أن تضع في ذهنك أن تلك الأشياء مؤقتة، فلا تقم باتخاذ أي قرارات متهورة حتى لا تتسبب في الإضرار بنجاحك وارتقائك وتحقيق أهدافك على المدى الطويل.

2- الالتزام بالتنظيم والضبط الذاتي

لكي تستطيع تنمية الذكاء العاطفي لديك لتعود على بيئة العمل بالنجاح والتطور ينبغي أن تلتزم بفكرة التنظيم الذاتي، حيث إنها سوف تساعدك بقوة على التكيف بشكل جيد مع جميع المواقف المتغيرة.

إلى جانب أنك سوف تكون قادرًا على السيطرة على مشاعرك والتعبير عنها فقط في الأوقات المناسبة بدلًا من التصريح المباشر لها والانفعال وبلوغ ردود فعل من الآخرين غير محبذة.

ففي النقاط التالية سنوضح كيفية تطوير مهارة ضبط الذات حتى يتم تعزيز الذكاء العاطفي في العمل:

  • البحث عن التقنيات التي تستخدم من أجل التخلص من ضغوطات العمل، حيث يمكن اللجوء إلى الهويات التي تفضلها، أو ممارسة التمارين الرياضية التي تحقق الاسترخاء، إذ إن تلك الأمور ستفيد في التخفيف من الضغط.
  • الاحتفاظ بالهدوء والقدرة على التحكم في كل شيء، وذلك من خلال البحث عن طرق أخرى للاستجابة للأمور المزعجة غير الانفعال والغضب.
  • التفكير جيدًا قبل إصدار القرارات، فمن الممكن أن تنتابك العواطف عند مواجهة أي أمر مع زملاء العمل أو المدير وتؤثر بالسلب عليك، لذلك يجب أن تكون أكثر هدوءًا وكذلك عقلانية.

اقرأ أيضًا: كيفية التعامل مع المرأة قوية الشخصية

3- الاهتمام بالمهارات الاجتماعية

تشير الأبحاث التي أجريت من قِبل نخبة من علماء النفس حول الذكاء العاطفي وقدرته على نجاح بيئة العمل إلا أن هناك علاقة قوية بين الذكاء العاطفي والمهارات الاجتماعية.

فمن يتمتع بمهارات اجتماعية قوية سيكون قادرًا على معرفة مشاعره والاستجابة لها بشكل كبير، فهي الطريق إلى تعزيز ثقافة الشركة وتحسين عملية التواصل بين أفرادها، وبناء العلاقات القوية معهم والقدرة على التواصل مع أفكارهم.

فلأن الذكاء العاطفي أولى طرق نجاح أي مؤسسة ينبغي الاهتمام بالمهارات الاجتماعية، وذلك من خلال تطبيق الآتي:

  • الإصغاء إلى ما يقوله الآخرين وإظهار الحماسة للمقترحات المطروحة بشأن العمل، إلى جانب إظهار الرغبة في تقديم المساعدة حتى يتم بلوغ الأهداف.
  • التعرف إلى التواصل غير اللفظي أو ما يُعرف بلغة الجسد، فهي توضح الكثير عما يفكر به أي شخص.
  • الاستفادة من مهاراتك والقدرة على الإقناع، وذلك عبر إقناع فريق العمل بآرائك وأفكارك حتى تتمكن من تحقيق التقدم في حياتك المهنية.
  • البعد عن دراما المكاتب، وهو مصطلح يطلق على النزاعات التي تقام في العمل بسبب السياسة أو غيرها من الأمور المثيرة للتوتر، وهذا لا يعني تجنب تلك النزاعات نهائيًا فمواجهتها قد تبدو محتومة ولكن يجب الحذر منها.

4- إظهار التفهم العاطفي

لن يقتصر مفهوم التفهم العاطفي على إدراك مشاعر أعضاء العمل فقط، بل إنه يشمل القدرة على الاستجابة لها والتعامل معها، حيث إنه ينبغي عليك أن تضع نفسك دائمًا مكان الآخرين لكي تستطيع إبداء الرد الملائم على ما يشعرون.

فكونك متعاطفًا معهم سوف يزيد من رصيد محبتهم لك، كما ينبغي أن تتعرف جيدًا إلى من يمتلك السلطة وإلى مدى تأثير سلوكياته على الآخرين، وحاول قدر الإمكان أن تكون منحازًا نحو ما هو يهدأ من الانفعالات والغضب.

تستطيع أن تظهر التفهم العاطفي بفاعلية من خلال اتباع الآتي:

  • النظر من منظور الآخرين إلى الأشياء التي يتعرضون لها، وعدم السماح إلى الخلافات بأن تأخذ مسار الصراعات الكبرى من خلال إيجاد حل وسط إن كان هناك وجهتي نظر متعارضتين.
  • الانتباه إلى طريقة الرد والتعامل مع الآخرين وعدم تقليل جهودهم، والإشادة بأنها مميزة ومقدرة حيث سيفيد الأمر في تسوية الأمور وجعل بيئة العمل هادئة ومستقرة.

اقرأ أيضًا: هل يشفى مريض الاضطراب الوجداني

5- تجديد الحماس

من الأمور التي تساهم في تعزيز الذكاء العاطفي في العمل والقدرة على إدارة المشاعر هي السعي وراء إيجاد ما يُعرف باسم الدافع الجوهري، حيث إنه لا ينبغي البحث فقط عن المكافآت المالية أو بلوغ المكانة المرموقة في السلم الوظيفي.

فبالطبع ذلك الأمر عظيم ولكن ينبغي أن يكون الإنسان متحمسًا أولًا لما يفعل حتى يتمكن من الالتزام به وتقديم أفضل ما لديه، إلى جانب إلهام الآخرين ومساعدتهم على الاستمرار لتحقيق أهدافهم، ومن أهم سبل تجديد الحماس ما يلي:

  • التركيز على الأمور التي تحبها في العمل وتجنب الأمور التي تكرهها قدر الإمكان حتى تجد ما يُحفزك لاستكمال العمل بحيوية وطلاقة.
  • بناء المواقف الإيجابية دائمًا، إذ سيفيد الأمر في جعلك شخصًا متفائلًا وينشر المشاعر الإيجابية في المكان.
  • التعرف إلى الدوافع الجوهرية والمهارات الفطرية والمكتسبة والعمل على تعزيزها بقوة لتعزيز الأداء المهني.
  • العلم بأن الراحة النفسية والاستقرار والهدوء أهم من بلوغ المناصب العليا، والحفاظ على توفيرها دائمًا.

الفهم لعواطف الآخرين واحترام وجهات النظر إلى جانب التفاعل بإيجابية والقدرة على مواجهة الضغوطات عوامل تندرج تحت مفهوم الذكاء العاطفي والذي يعد من أبرز وسائل تعزيز الإنتاجية والكفاءة في بيئة العمل.

قد يعجبك أيضًا