هل يشعر الميت بمن يزوره

هل يشعر الميت بمن يزوره؟ وهل يرى الميت من أمام قبره؟ فمن أكثر المواقف الصعبة التي قد يمر بها الفرد في حياته أن يفقد شخص بسبب الموت، ويكون أمله في أن يكون الميت يراه أثناء زيارته.

لكن ما قد يثير خوفه أن يسمع الأقاويل التي تنفي إحساس الميت بالزيارة، لذا فيما يلي سوف نتناول إجابة سؤال هل يشعر الميت بمن يزوره من خلال موقع جربها.

هل يشعر الميت بمن يزوره

“هل سيسمعنا المتوفى؟ أيمكن للميت أن يرانا عند زيارة المقابر؟” تلك الأسئلة وما شابهها من إحدى القضايا الشائكة بين الناس من سنين طويلة، والنابعة من الرغبة في معرفة إن كان من الممكن التواصل مع الميت حتى بدون علمهم بعد وفاته أم لا.

الجدير بالذكر أنه حتى وقتنا هذا يتواجد بعض الشكوك والحيرة في إجابة تلك الأسئلة، وإن كان الميت يشعر بزيارة المقابر أم لا، ناهينا أن هناك من يُحرم زيارة القبور من الأساس.
الموت من أكثر مصائب الحياة التي تؤرق الناس وتسبب الحزن، وتجعله غير قادر على تصديق الأمر أو التعايش معه، إلا أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ قد علمنا أمرًا يجيب عن كل استفساراتنا بخصوص إن كان الميت يمكنه سماعنا أم لا.

فعن ابن القيم ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال: السَّلامُ عليكم دارَ قَومٍ مُؤمِنينَ. [حديث صحيح بدائع الفوائد]، يوضح لنا معنى الحديث أنه على المسلم عند الدخول إلى المقابر أن يلقي السلام على أصحاب القبور، وليس ميته فقط.

نعم إن الأموات يمكنهم سماع السلام بل ويردون عليه، فقد استعانت دار الإفتاء بهذا الحديث من أجل توطيد إجابتها عن سؤال هل يشعر الميت بمن يزوره، فأشادوا بأن الميت يمكنه أن يشعر بأنك تزوره عند قبره، بل ويأنس بذلك ويفرح لأنك جئت له.

لذلك يمكنك زيارة الميت والدعاء له بتيقن أنه سوف يسمعك، ويشعر بوجودك جانبه، كما أنه في تلك الزيارة تنبيه وترقيق لقلبك الذي يكون محاطًا بالعديد من المغريات في تلك الدنيا.

اقرأ أيضًا: هل يرى الميت من يزوره يوم الجمعة

حكم زيارة القبور

من ضمن القضايا الشائكة والتي تكون جديرة بالذكر بالحديث عن إجابة سؤال هل يشعر الميت بمن يزوره، حيث إن بعض الناس يقول بأن زيارة القبور غير جائزة من الأساس، وهو ما يجعل الشخص غير قادر على فهم إجابة سؤال هل يشعر المتوفى بمن يزوره، فإن الزيارات تكون محرمة في ذلك الوضع.

إلا أن فقهاء دار الإفتاء قد أشادوا بأنه لا إثم في زيارة القبور ما دام المرء التزم بالعادات والآداب الخاصة بالزيارة، وألا يقوم بالصراخ أو البكاء بشكل مبالغ فيه، واستدلوا على إجابتهم بأحاديث الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ بخصوص الحث على زيارة المقابر.

حيث إن فيها موعظة للناس وتذكير لهم بيوم القيامة، كما فيها من فرحة واستئناس للمتوفى، فبزيارة القبور يشعر المسلم بأنه بحاجة إلى التوقف عن الأفعال المحرمة بصدق، ويتوب إلى الله توبة نصوحة.

فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال: زوروا القبورَ فإنها تُذكرُكم بالآخرةِ” [حديث صحيح النوافح العطرة].

أي إن زيارة القبور من الأمور المستحبة والتي تزيد من قوة إيمان المسلم، ناهينا أن الميت يشعر بالفرحة ويستأنس بزيارتك له، كما أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ نصح في خطبة الوداع أن زيارة القبور ليست حرام بل إنها مستحبة لكي يرجع الشخص إلى ربه.

آداب زيارة القبور

بعد التعرف إلى إجابة سؤال هل يشعر المتوفى بمن يزوره والعلم أن الميت يفرح بزيارتك ويستأنس بك، وبمعرفة أن زيارة الميت جائزة لكن بشرط الالتزام بآداب الزيارة، فمن الجدير بالذكر عرض تلك الآداب في النقاط التالية:

  • يجب أن يتم إلقاء السلام على المقابر فور الدخول.
  • من الهام أن يحرص المسلم على الالتزام بالهدوء والكلام بصوت خافت أثناء التواجد في القبور.
  • ألا يتم الصلاة في القبور.
  • يحرم أن يتم الجلوس في المقابر للدعاء أو قراءة القرآن.
  • ألا يبكي الزائر بكاء مبالغ فيه أو يصرخ.
  • لا يتم سؤال الأموات شيئًا.
  • أن يدعوا الزائر للمتوفى بالمغفرة والرحمة في خشوع.
  • لا يجلس المسلم على قبر أحد الأموات فهي نصيحة من النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ.

فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال: لأن يجلِسَ أحدُكم علَى جمرةٍ تُحرِقُه خيرٌ له من أن يجلسَ علَى قبرٍ” [حديث صحيح مسلم].

  • لا يجب أن يتم المشي في القبور أو بينها بالنعال السبتية ـ أي المدبوغة بالقرظ ـ.

اقرأ أيضًا: ماذا ينفع الميت بعد موته

هل يفرح الميت بزيارة القبور؟

هنا نتطرق إلى الحديث بشكل أكثر تفصيلًا في إجابة سؤال هل يشعر المتوفى بمن يزوره، بالتأكيد على أن الميت يمكنه أن يشعر بوجودك أمام قبره، بل ويفرح لذلك ويستأنس به، وهذا ما نقل عن لسان رسولنا الكريم ـ عليه الصلاة والسلام ـ.

فعن عائشة أم المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال: ما من رجلٍ يزورُ قبرَ أخيه ويجلسُ عنده إلا استأنسَ به ورَدَّ عليه حتى يقوم” [حديث العراقي تخريج الإحياء].

رؤية الميت للزائر

بعد الإلمام بإجابة سؤال هل يشعر المتوفي بمن يزوره ننتقل هنا إلى عرض شق هام في هذا الصدد، ألا وهو إن كان الميت يمكنه أن يرى الحي عندما يقف أمام قبره أم لا، والحقيقة أن هناك عدة أقاويل حول هذا الأمر.

فقد اختلف الفقهاء بخصوص هذا الأمر فلا يعلم الغيب سوى الله تعالى، ووجود الميت في قبره وما يفعله لا يمكن أن يعلمه أحد أو يتوقعه، لكن هناك بعض من الفقهاء يقول إن الميت يمكنه أن يرى الحي ويشعر به وفقًا لما ذكر عن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ فيما سبق عرضه.

بينما رأى البعض الآخر أن الميت يمكنه أن يرى الحي من خلف شيء أشبه بالزجاج أو ما شابه، ولا يمكن للحي أن يراه نظرًا لأن الله تعالى لم يعطي الإنسان القدرة على أن يرى الغيب أو العالم الآخر.

أما الإجابة الأمثل في هذا الصدد والتي يجب الأخذ بها، هي أن الميت يشعر جيدًا بمن يزوره، ويمكنه التعرف على أنه ابنه، أخيه أو أبيه وأيًا كانت صلة قرابته به، كما ذكر النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ فقط دون أن يتمكن من الرؤيا.

اقرأ أيضًا: هل يفرح الميت بالدعاء له

الموت والفناء

قد أوضح فقهاء دار الإفتاء أثناء الإجابة عن سؤال هل يشعر الميت بمن يزوره، أن الموت لا يعني الفناء أي أن الإنسان عندما يموت لا يتم فنائه، بل إن روح الإنسان تكون عالقة في عالم آخر، فقد ذكر الإمام الغزالي في كتابه “إحياء علوم الدين” بأن معنى مفارقة الروح للجسد هو أن تنقطع تصرفها عن ذلك الجسد بعدم تمكنها من التحكم فيه.
يشعر الميت بشكل مؤكد بزيارة الأحياء له عند قبره، وذلك نقلًا عن لسان رسولنا الكريم ـ عليه الصلاة والسلام ـ الذي لم ينطق عن الهوى.

قد يعجبك أيضًا