هل يشتاق الطفل الميت لوالديه؟ وهل يشعر بهم؟ إن فقدان الأبن طامة كبرى على الوالدين، كما أنهم يرغبون لو يتواصلون معه بأي شكل، وأن يتمكنوا من معرفة ما يمر أو يشعر به، وترى هل يفتقدهم ويحتاج إليهم، يجيبكم موقع جربها على الكثير من تلك الأسئلة من خلال هذا المقال.
هل يشتاق الطفل الميت لوالديه
فقدان الابن وخاصة إن كان طفلًا أمر عظيم، كان الله في عون كل من امتحن به، ولكن عندما يسمع هؤلاء الآباء عن فضل البلاء الذي وقع بهم والخير الذي من الممكن أن يأتيه ويأتيهم بفضله، كما أن الابن الميت يشتاق لوالديه بالفعل ودليل هذا أنه سيشفع لهم عند الله يوم القيامة.
يعد الاشتياق هنا من نوع آخر غير المألوف في الأذهان، حيث أن الأموات وإن كانوا أطفال، لا يستطيعون ممارسة الحالات الشعورية الطبيعية للأحياء، أي أنهم يشتاقون بالفعل ولكن على نحو آخر.
لكن الطفل الميت مثله كغيره من الأموات لا يتمتع بخواص الأحياء والقدرة على الشعور أو الرؤية والتواصل، وإن كانت تحدث بالفعل ولكن بكيفيات لا يعلمها إلا الله، حيث ورد العديد من أقوال الرسول التي تفيد ذلك.
اقرأ أيضًا: هل يسمع الميت خبر وفاته
أجر من مات ابنه
لا بد وأن لهذه الفاجعة تعويض من الله وأنه يمتحن بها عبادة ليرى من يصبر وهو مؤمن ومن يجحد أو يكفر نسأل الله السلامة والعافية، ولمن صبر واحتسب عند الله أجر عظيم يتناسب مع حجم الألم الذي شعر به، ومن صور الفضل الذي ينعم به الله على من فقد ابنه ما يلي:
- في قول رسول الله صل الله عليه وسلم: “إذا مات ولدُ العبدِ المؤمنِ قال اللهُ للملائكةِ: قبَضْتُم ولَد عبدي؟ قالوا: نَعم قال: قبَضْتُم ثمرةَ فؤادِه؟ قالوا: نَعم قال: فما قال؟ قالوا: استرجَع وحمِدك قال: ابنوا له بيتًا في الجنَّةِ وسمُّوه بيتَ الحمدِ“
الراوي: أبو موسى الأشعري. المصدر: تخريج صحيح ابن حبان.
- يكتب مع الصابرين والمحسنين، في حال صبر على البلاء ورضي بالقضاء، وبذلك يوفيه الله أجر بغير حساب أي مضاعف أضعاف لا يمكن عدها.
- يكفر عنه ذنوب كثيرة جدًا، حيث بكل لحظة ألم يكفر الله بها جبال من الخطايا.
- رفع الأجر وزيادة الحسنات، فصبر المؤمن على ما يراه من الأقدار يزيد من مكانته ويرفع من درجاته.
- كما أنه يلقب بالمؤمن الصابر حيث يعد ممن رضوا بقضاء الله خيره وشره وهي من معالي مراتب الإيمان.
- مؤكد حصول الخير بموت الطفل، من أكثر من باب، حيث أنه قد يكون شقاءً لوالديه أو يتسبب في ضلالهم والكفر بالله، أو يكفر الطفل نفسه عندما يكبر مما يؤلم الأم والأب، وبذلك يرحم الله كلا الوالدين وكذلك طفلهم، والأدلة القرآنية في هذا الصدد كما يلي:
- {وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا} [سورة الكهف: 80].
- {وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [سورة البقرة: 216].
- يكون الطفل شفيعًا لوالديه للدخول إلى الجنة يوم القيامة.
أقوال العلماء في هل يشتاق الطفل الميت لوالديه
بعد أن تعرفنا على إجابة سؤال هل يشتاق الطفل الميت لوالديه، نتعرف فيما يلي على أقوال العلماء فيما يخص هذا الشأن، هناك أكثر من قول لبعض علماء الأزهر وغيرهم بشأن شعور الطفل الميت بالاشتياق لوالديه، ومنها ما يلي:
الدكتور خالد عمران
هو أمين الفتوى، في دار الإفتاء المصرية يقول بما يفيد أن عالم الأموات هو من الغيبيات، وما يقال عنها السمعيات أي نسمع ما يقال عنها بالقدر الذي أخبرنا به من الله ورسوله ونصدقه، وقد فهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم أن الميت يسمع السلام على قبره.
كما أنه يصله الدعاء أيًا كان مكان الداعي له ولو لم يكن قريب منه، كما أنه ورد عن الرسول أن نادى على بعض أسماء الموتى، فسئل وهل يسمعون، فأجاب بأنهم يسمعون له أفضل مما يسمعه الأحياء.
اقرأ أيضًا: هل يجوز النوم بجانب الميت
الإمام النووي
قال: “أما أولاد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فالإجماع متحقق على أنهم في الجنة، وأما أطفالُ مَن سواهم من المسلمين فجماهيرُ العلماء على القطع لهم بالجنة، ونقل جماعةٌ الإجماع على كونهم من أهل الجنة قطعًا”
الدكتورة آمنة نصير
أستاذ العقيدة والفلسفة في جامعة الأزهر، أن الله يؤجر أم الطفل الميت التي حملت به وتعبت فيه، ثم فقدت هذا الجزء منها، بأنه يكون شفيعًا لها يوم القيامة.
الشيخ محمود شلبي
أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أوضح فيه أن الميت يشعر بزائره ويفرح به، وأن الطفل الميت يشعر بوجود والديه كذلك والله أعلى وأعلم، كما أن الأموات يردون السلام على ممن يلقيه عليهم من الأحياء.
حال الطفل الميت في القبر
بعد التعرف على إجابة سؤال هل يشتاق الطفل الميت لوالديه، ننتقل إلى توضيح حال الطفل الميت في القبر، حيث إن الحالة التي يكون عليها الطفل الميت في القبر، هي حالة طيبة وجميلة، فيها من البشرى للأهل الكثير، ومنها ما يلي:
- يلحق الأبناء بآبائهم إن كانوا على الصلاح والإيمان فهم كذلك أيضًا.
- كما تفيد بعض الأحاديث عن الرسول إن للقبر ضغطة، وظلمه لا ينجو منها سوى الأطفال، فبذلك ينجي الله الأطفال من وحشة القبور.
- أما بشأن سؤال الطفل في القبر فهناك خلاف في ذلك على النحو التالي:
- القول الأول: يسأل الطفل في القبر كما أنه قد يمر بلحظات صعبة فيه، واحتجوا بعدد من الآثار والأحاديث، وممن قال بذلك، بعض الحنابلة والمالكية، وكلا الإمامين القرطبي وابن تيمية.
- القول الثاني: لا يسأل الأطفال في القبور ولا يمتحنون، وقد قال به الشافعية وبعض الحنابلة والمالكية، والإمام ابن القيم، وقد قدموا حججًا على ذلك أيضًا.
دعاء موت الطفل الصغير
من أحسن الأعمال التي يمكن أن تهب للطفل الميت هي الدعاء له بالخير والرحمة، كما يمكن الدعاء له كما يلي:
اللهمّ آته برحمتك ورضاك، وقهِ فتنة القبر وعذابه، اللهم برحمتك آته الأمن من عذابك حتّى تبعثه إلى جنّتك يا أرحم الرّاحمين.
اللهمّ انقله من مواطن الدّود، وضيق اللّحود، إلى جنّات الخلود، اللهمّ إنّه نَزَل بك وأنت خير منزولٍ به، وأصبح فقيراً إلى رحمتك، وأنت غنيٌّ عن عذابه، اللهمّ أبدله دارًا خيرًا من داره، وأهلاً خيرًا من أهله، وأدخله الجنّة، وأعذه من عذاب القبر، ومن عذاب النّار.
اقرأ أيضًا: طريقة الصلاة على الميت بعد دفنه
عزاء والدي الطفل الميت
عندما يمر كلا الوالدين بتلك المحنة الثقيلة، فإنهم يكونوا بحاجة لمن يواسيهم ويخفف عنهم، وذلك من خلال القول الحسن في تعزيتهم، وتذكيرهم بالله وأنه رحيم بابنهم، كما يلي:
- عظم الله أجركم ور الله له ولكم.
- نسأل العظيم أن يجعله شفيعًا لكم يوم القيامة.
- لقد انتقل إلى عفو الله ورحمته الواسعين وإنه إن شاء الله من أهل الجنة، اصبروا واحتسبوا.
- فصبر جميل والله المستعان، سيزول حزنك لو علمت بكرم الله بابنك وعندما يشفع لك ابنك.
- إنا لله وإنا إليه راجعون، رحم الله طفلكم وأدخله فسيح جناته وجمعكم به بإذن الله.
- الله يربط على قلوبكم ويمنحكم الصبر، ويجعل ألمكم في ميزان حسناتكم إن شاء الله.
- لا تحزنوا فقد رحمه الله من بلاء لم يكن يعلمه إلا هو، وأخلف الله عليكم بالخير إلى أن تلقوه في الجنان بإذن الله.
بعدما عرفنا إجابة سؤال هل يشتاق الطفل الميت لوالديه، يجب على كل مؤمن التقرب من الله، وأن يصبر ويحتسب في مواجهة الاختبارات التي يضعها الله له للحصول على الأجر والثواب بغير حساب.