هل يحاسب الإنسان على الوسواس القهري الديني

هل يحاسب الإنسان على الوسواس القهري الديني؟ وكيف يمكن العيش مع الوسواس القهري الديني؟ يرتبط الوسواس القهري في بعض الحالات ببعض الأمراض التي لا يد للإنسان فيها، مما يجعله يقع في دائرة كبيرة من التساؤلات حول حكم الدين في هذا الوسواس، لذا سنعرض اليوم عبر موقع جربها حكم الدين على ذلك.

هل يحاسب الإنسان على الوسواس القهري الديني

بعد الدراسات العديدة التي قامت للتعرف إلى حكم الإسلام فيما يفكر به المرء المصاب بالوسواس الديني تبين أن الإجابة هي لا.

من رحمة الله عز وجل بعبده المسلم أنه لا يأخذه بما يتحدث في نفسه مادام لا يجهر به أو يفعله، كما أن الله سبحان وتعالى رفع عن الأمة الإسلامية الحرج، وتبين ذلك في أن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها، ولا يكلفها إلا ما آتاها، ويتضح ذلك في قول الرسول صلى الله عليه وسلم، حين قال:

“إنَّ اللَّهَ تَجاوَزَ عن أُمَّتي ما حَدَّثَتْ به أنْفُسَها، ما لَمْ تَعْمَلْ أوْ تَتَكَلَّمْ قالَ قَتادَةُ: إذا طَلَّقَ في نَفْسِهِ فليسَ بشيءٍ”. رواه البخاري 4968، ومسلم127

حيث إن الوسواس يعتبر بلاء من الله أصاب به عبده، لسبب ما يعلمه هو، إلا أن الله سبحانه وتعالى يعلم أن هذا الوسواس قد يجعل الإنسان يتعرض للكثير من الأفكار الذميمة التي تجعله يسير في طريق قد يجعله يصل الضلال إذا لم يتوقف عن هذه الأفكار ويحاول أن يعالج ما بداخله، عن طريق قراءة القرآن الكريم والتفكر في آياته، لذا قال الله تعالى في آياته الكريمة:
(مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) [سورة الناس: الآية 4 حتى الآية 6]
حيث إن تلك الآية كافية للرد على سؤال هل يحاسب الإنسان على الوسواس القهري الديني، والتي قد تكون أحد الآيات التي تبعث الطمأنينة في نفس الفرد الذي يخشى من عقاب ربه بسبب تلك الأفكار التي تنتابه دون تحكم فيها.

كما أن بعض الفقهاء قد أوضح أن هناك بعض حالات الوسواس القهري التي يعاني فيها المرء قد تنتج عن خلل في بعض المواد الكيميائية بالمخ، وتلك الحالات من الضروري أن تذهب إلى الطبيب النفسي لتلقي العلاج وعمل الفحوصات حتى يمكن أن يذهب عنها هذا الوسواس، ولكن العلاج الحقيقي يكمن في عزيمة النفس، التي بدونها لم ينجح الإنسان في التخلص من هذا الوسواس.

إن كان الشخص يعاني من الوسواس القهري يجب أن يكون لديه إرادة قوية ليستطيع التغلب على هذه الأفكار من خلال تصحيح ما بداخله من ظنون وتساؤلات قد تطرأ على خاطره في بعض الأوقات.

اقرأ أيضًا: علاج الوسواس القهري بزيت الزيتون

ما هو الوسواس القهري المرتبط بالدين

بعد أن تعرفنا إلى حكم الدين في محاسبة الشخص المصاب بالوسواس القهري من خلال الإجابة عن سؤال هل يحاسب الإنسان على الوسواس القهري الديني، سوف نتطرق إلى تعريف الوسواس القهري الديني

حيث يعاني العديد من الأشخاص من اضطراب الوسواس القهري الديني، وهو عبارة عن أفكار تسيطر على عقل الفرد المصاب حول الدين، قد تجعله يتعرض إلى الكفر في بعض الأحيان نتيجة ما يقوله أو يفعله من أمور بسبب هذا الاضطراب.

إلا إنه قد يعتبر من المشكلات النفسية التي لا يحاسب عليها الدين مادامت في دائرة التفكير فقط دون قول أو فعل يؤدي إلى الكفر.

حيث إن الشخص المصاب بالوسواس القهري قد يتصرف بعض التصرفات اللاإرادية، كما إنه قد يرتكب بعض الأشياء المخالفة للشرع، مما قد يجعله يشعر في بعض الأحوال أنه مجنون أو إنه شخص مصاب بمرض ما.

من الممكن تعريف الوسواس القهري الديني على إنه إيمان الشخص بفكرة ما تلازمه بشكل دائم، مما يجعلها تحتل جزء كبير من شعوره ووعيه مع اقتناعه بأن هذه الأفكار صحيحة وواقعية، لكنها في الحقيقة قد تنتج بسبب وسوسة الشيطان له من خلال طرح بعض الأفكار التي لا يستطيع التخلص منها إذا استسلم لها.

في بعض الأحيان قد يتسبب الوسواس القهري في إيذاء الشخص المصاب لنفسه جسديًا إلا أن هذا قد يحدث بنسب قليلة لبعض الأشخاص المصابين، كما إنه قد يجعله يتحدث ببعض الكلمات والأقوال التي تجعل الأشخاص الذين حوله ينفرون منه، مما يجعل البعض قد يتجنب الحديث معه.

الأمر الذي يجعله يتأثر ويصاب بالاضطراب النفسي الذي يؤثر بدوره على كافة مجالات حياته، وقد يصل الأمر في بعض الحالات إلى التفكير في الانتحار.

أسباب الوسواس القهري الدينيّ

هناك العديد من الأسباب التي يرجع إليها الإصابة باضطراب الوسواس القهري الديني، وأهم تلك الأسباب هو تشكيك العبد بإيمانه بربه، وقد يرجع السبب في هذا إلى جهله بالدين، وعدم إلمامه بشكل كافي عن الأمور الدينية، الأمر الذي يجعله يطرح في خاطره بعض الأسئلة التي يبتكر لها إجابة، دون البحث عن الإجابة الصحيحة.

كما تلعب الشكوك التي يتعرض لها الشخص الرائي دور كبير في التعرض لهذا الاضطراب، فقد تدور تلك الشكوك حول عدم إتمامه للصلاة بالشكل الصحيح، أو التشدد في الدين بشكل كبير ومفرط فيه، نظرًا لهذا فقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن التشدد في الدين الذي يعتبر أكثر الأسباب المؤدية للإصابة باضطراب الوسواس الديني.

بالإضافة إلى أن الوسواس القهري الديني قد ينتج عن وساوس الشيطان والتعرض للاكتئاب والقسوة والتربية الصارمة، وفقدان الثقة في النفس.

اقرأ أيضًا: هل فقر الدم يسبب الوسواس

 أنواع الوسواس القهري الديني

هناك العديد من الصور التي تتعلق بالوسواس القهري الديني، والذي على أساسه تختلف الحالات المصابة، حيث تم حصر صور الوسواس القهري فيما يلي:

1- وسواس التشكيك

هو من أكثر الأنواع شيوعًا بين الأشخاص المصابين بالوسواس القهري الديني، وقد يرجع السبب في حدوثه إلى النشأة الدينية غير السليمة، فمن خلال الإصابة بهذا النوع من الوسواس القهري الديني، يبدأ المريض في التشكيك في جميع الأمور التي تتعلق بالدين، مما يجعله يتساءل هل يحاسب الإنسان على الوسواس القهري الديني.

كما أنه من الممكن هذا الاضطراب قد يؤدي إلى الابتعاد عن ممارسة شعائر وواجبات الدين في بعض الحالات المرضية، فإذا لم يتم علاجه في الوقت المناسب سوف ينفر المصاب من دينه مما قد يعرضه للإلحاد

2- وسواس الالتزام

يتسم مريض هذا النوع من الوسواس القهري بالالتزام الشديد في تأدية واجباته الدينية من صلوات وشعائر، كما يكون من الصعب مناقشته في أي أمر من أمور الدين نظرًا لتشدد وجهات نظره الحاسمة التي يصعب التأثير عليها.

3- وسواس بشأن العقيدة

يحدث هذا النوع من اضطراب الوسواس القهري بشأن العقيدة نتيجة بناء بعض الأفكار التي بنيت داخل الشخص نتيجة شكوك وأفكار قد تأثر بها، كما إنه قد يكون بسبب طرح بعض الأسئلة بداخله التي لم يجد لها إجابه مقنعة بشأن دينه، مما يجعله أكثر عرضة للإصابة بهذا النوع من الاضطراب.

اقرأ أيضًا: تجربتي مع الاكتئاب والوسواس

4- الوسواس في سب الله

قد يعتبر هذا النوع من أسوأ أنواع الوسواس القهري الديني التي قد يتعرض لها الشخص، حيث يرفض المصاب دينه بشكل مطلق، ويبدأ في سب الله، وفي بعض الأحيان قد يكون ذلك بينه وبين نفسه، كما إنه قد يسمع بعض الأصوات التي تدور في ذهنه تؤكد له تلك الظنون، التي تطرح عليه الكثير من الأسئلة التي تزيد من شكوكه وسوء حالته.

استكمالًا لتوضيح الإجابة عن سؤال هل يحاسب الإنسان على الوسواس القهري الديني، فقد يرى العلماء في شأن لأشخاص المصابين بهذا النوع من الوسواس القهري الديني نتيجة إصابته بخلل نفسي يؤثر عليه ويعرضه لهذه الأفكار، أنه غير مذنب وذلك لأن الله سبحانه وتعالى قد رفع الأقلام عن المريض النفسي.

أعراض الوسواس القهري الديني

توضيحًا للرد على سؤال هل يحاسب الإنسان على الوسواس القهري الديني؟ سنعرض كافة الأعراض التي يمكن من خلالها الاستدلال على الإصابة باضطراب الوسواس القهري

وضع الطب النفسي مجموعة من الأعراض التي يمكن أن يتصف بها الشخص المصاب بالوسواس القهري الديني، والتي يجب عن ظهورها البدء في العلاج للتخلص من تلك الأعراض التي ترافق الشخص المصاب بأحد أنواع الوسواس القهري الديني، ومن أهم تلك الأعراض:

  • الشعور بالقلق
  • التفكير بالنهاية والموت بشكل متكرر
  • عدم السيطرة على المشاعر
  • الرغبة في الانطواء والانعزال
  • الابتعاد عن الكثير من الأماكن
  • الإفراط في الصلاة
  • التفكير بالدين بشكل زائد عن الطبيعي
  • البطء بشكل زائد عن الطبيعي عند أداء الصلاة
  • تكفير الغير

اقرأ أيضًا: تجربتي مع علاج القلق

علاج الوسواس القهري الديني

في سياق طرح سؤال هل يحاسب الإنسان على الوسواس القهري الديني، ذكر علماء الدين والمفسرين بعض النصائح التي يمكن من خلالها اتخلص من الوسواس القهري الديني، ذلك من خلال بعض الأمور التي يجب ان يسير الإنسان على نهجها، ومن تلك النصائح:

  • عدم الالتفات إلى تلك الأفكار كلما تعرضت إلى وسواس الشيطان، ذلك من خلال التفحص والتمعن في تفسيرات آيات القرآن الكريم والتفكر في معانيها، إن كان هذا الوسواس يرتبط بالله عز وجل، من خلال طرح بعض التساؤلات بداخل العقل غير المباح للإنسان التفكير فيها.
  • أما في حالة عن كان الوسواس القهري الديني يتعلق بتكرار الوضوء مثلًا، فيجب التركيز جيدًا أثناء الوضوء من خلال متابعة النفس عند تطهير كل جزء من أجزاء الجسم، أو جعل أحد الأشخاص المقربين لشخص المصاب أن يتابعه ليذكره بما قام.
  • إذا كان الوسواس يتعلق بالتشكيك في عدد الركعات وقد يكون هذا أحد الاضطرابات الوسواسية التي يتعرض لها الأغلبية من الناس، فقم باستكمال الصلاة على اعتقادك انت وليس على اعتقاد الأفكار الوسواسية التي تطرأ على خاطرك.
  • أستمر في ذكر الله مرارًا وتكرارًا، فأعظم الأمور التي تساعد على التخلص من الوسواس القهري الديني هو الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، بشكل مستمر ومتكرر، كما أن بعض علماء الفقه ذكر أنه يجب الإكثار من الاستعاذة بالله مع ترديد قول لا إلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ؛ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
  • في حالة العلم بأعراض الوسواس القهري الديني لا تخشي من الذهاب إلى الطبيب النفسي الذي سيساعدك بشكل أدق في الشفاء والتخلص من تلك الأفكار، وهي أحد الطرق العلاجية التي يمكن أن يتبعها الشخص الذي يتوجه بالسؤال عن هل يحاسب الإنسان على الوسواس القهري الديني.
  • حاول ألا تنجرف وراء الآراء الدينية المتشددة غير الموثوق بمصدرها، خاصةً إن لم يتم الاستدلال بها من خلال آيات القرآن الكريم أو أحد الأحاديث النبوية الصحيحة.

يتطلب الوسواس القهري الديني شخص يحمل من العزيمة والرغبة الشديدة ما يعينه على العلاج، لذلك فكن صاحب عزيمة ورغبة وتخلص مما يؤرقك بنفسك.

قد يعجبك أيضًا